وطن خالٍ من الفساد، أمل يراود كل مصرى كان ضحية الفساد، أو مصرى مهموم بوطنه، أو مصرى يتمنى مستقبلاً أفضل.. وطن خالٍ من الفساد لا يتطلب فقط نزاهة الحاكم، وإنما يتطلب امتداد نزاهة الحاكم إلى أركان حكمه ورجال نظامه وأعضاء حكومة البلاد ومحافظى الأقاليم ورؤساء المؤسسات ومرءوسيهم وكل صفوف القيادات.. الرجل الثانى لا يمكن أن يفسد دون أن يستمد الحماية من خلال فساد الرجل الأول وكذلك باقى المستويات الوظيفية لا يمكن أن يتمادوا فى فسادهم إلا إذا كان رؤساؤهم غارقين فى الفساد حتى الأعناق.. وهذا ما حدث خلال سنوات طويلة من عمر البلاد، لكن هذا لا يمنع من وجود قيادات نظيفة ولكن التراخى فى اتخاذ موقف وضعهم فى خانة من يحمون الفساد، نزاهة الحاكم تتطلب سرعة الاطلاع على أرقام الفساد من خلال الأجهزة الرقابية، خاصة تقارير الجهاز المركزى للمحاسبات والرقابة الإدارية وكل الأجهزة الرقابية.. لإعادة حقوق الدولة دون شعارات حماسية للاستهلاك المحلى.. فلن أبالغ ولن أغالى إذا قلت إن كل أنظمة الحكم التى جاءت بعد ثورة 25 يناير حتى هذه اللحظة لم يخل أركان حكم نظام أحدهم من رموز فساد استولوا على أراضى البلاد وللأسف والأسى وللعار أيضاً يكونون أقرب من الآخرين لرأس النظام ومستشاريه وسجلات لصوص الأراضى تفضحهم، إن ما يعيشون حول رأس النظام إذا لم يتمتعوا بحسن السمعة المالية يكون هنا مكمن الخطر.. فقد بدأ مبارك بمقولته المشهورة: «الكفن ليست له جيوب»، وانتهى عهده نتيجة رجال حكمه وتزاوج السلطة بالثروة بأنه ليس لفساد حكمه حدود، فلم يكتف لصوص البلاد بتخزين الأموال المنهوبة داخل البلاد.. فقد اكتظت بنوك العالم بالمال الحرام من رجال حكمه.. وغابت الضمائر واخترق الفساد كل المؤسسات والسلطات، جمعهم الفساد ووحدهم المال الحرام، إن الأمل موجود ويراودنا جميعاً فى وطن نظيف من الفساد، فى وطن يسوده الحكم الرشيد، فى وطن يسوده العدل، إن عنصراً فاسداً واحداً حول حاكم البلاد أو وزير أو محافظ هو مجرد أخطبوط سرطانى قادر على التغلغل داخل أركان الوطن.. ومهما قالوا وعابوا فى ثورة 25 يناير فقد أفرجت عن ملفات الفساد فى شتى أركان البلاد والتى حفظت سنوات طويلة داخل ثلاجات النظام.. إن كل التقارير التى سُربت من خلال الأجهزة الرقابية والاستجوابات التى نوقشت من قبل 25 يناير أكدتها محاكمات ما بعد الثورة، وما كانت أن تخرج إلا بقيام ثورة 25 يناير.. وإن جريمة التمويل الأجنبى هى صناعة تتم تحت سمع وبصر ورعاية الأنظمة المتعاقبة.. وأى نظام يتحدث عن هذه الجريمة دون أن يتخذ الإجراءات ضدها هو نظام شريك بصمته وتخاذله يصل إلى حد التواطؤ ولا يحق له أن يستخدمها للاستهلاك المحلى.. ولا يحق للبلاد أن يمثلها النظام الذى يصمت تجاه الفساد الداخلى أو الفساد والتمويل الخارجى، وطن خال من الفساد فى حاجة إلى نظام يرفع السيف فى وجه الفساد وإلا هو مشارك أصيل.