لا يستطيع أحد أن يقفز على قيمة مشروع حفر قناة جديدة موازية لقناة السويس، لتصبح القناة «رايح جاى»، الأمر الذى سوف يؤدى، بداية، إلى مضاعفة الدخل السنوى الذى تحصل عليه مصر من قناة السويس. وفى مرحلة تالية ومع تطوير محور قناة السويس سيؤدى إلى خلق فرص استثمارية واسعة وتدفق الأموال على منطقة القنال وتحويلها إلى مركز تجارى يمكن أن ينافس العديد من المراكز التجارية على مستوى الإقليم العربى، وأبرزها «منطقة جبل على» بدبى. ولا يستطيع منصف أن يتغافل عن شجاعة الرئيس عبدالفتاح السيسى فى اتخاذ هذا القرار. فكما تعلم فإن هذا المشروع -باستثناء فكرة حفر قناة موازية- قديم، وموجود فى الأدراج منذ عام 1994، لكن أحداً لم يمتلك شجاعة ضرب المعول الأول فى المشروع وإخراجه من دائرة الورق إلى دائرة التنفيذ العملى سوى «السيسى». وبالتالى فإن حديث البعض عن أن المشروع قديم يبدو سخيفاً إذا أخذنا فى الاعتبار أن هناك العشرات من المشروعات القومية الكبرى موجودة على الورق منذ عدة عقود ولم يحرك أحد ساكناً لتفعيلها، كما أن فكرة حفر قناة موازية تعد مفاجأة بكل المقاييس وتمنح مشروع تطوير محور قناة السويس قيمة مضافة لا يغفل عنها منصف. المهم فى هذا الأمر أن تمتد السواعد لتحقيق هذا الإنجاز خلال المدة التى حددها السيسى -مدة العام- وأن تفهم الحكومة والشعب أن مثل هذه المشروعات هى القادرة على منح أمل حقيقى لبلادنا، لأنها لن تخدم الأجيال الحالية وفقط، بل والأجيال المقبلة أيضاً. فالمشروع يخدم الحاضر والمستقبل. هناك مسئوليات محددة ملقاة -فى هذا السياق- على أجهزة الإعلام لا بد من أن تقوم بها: أولها ضرورة شرح قيمة وخطورة وأهمية هذا المشروع للرأى العام المصرى. فالمواطن عاش زمن ركود طويلاً تواصل عبر أربعة عقود لم يسمع فيه عن موضوع المشروعات القومية الكبرى، وأتصور أن نجاح وسائل الإعلام فى إفهام المصريين مواطن القيمة والأهمية فى هذا المشروع سيحفز المواطن على المشاركة الفاعلة فى إنجاز هذا الهدف القومى. ومسألة الحفز تلك هى المسئولية الثانية التى ينبغى أن تنهض بها أجهزة الإعلام، وليتها تبتعد هذه المرة عن الإنشائية والغناوى المعتادة وتحاول أن تجتهد فى تقديم رسالة إعلامية جديدة قادرة على إقناع المواطن، ولن تفلح فى ذلك إلا إذا تخلت بعض الشىء عن ربط المشروع باسم الرئيس -مع اعترافنا بالطبع بأنه صاحب القرار- إلى ربط المشروع بمصر والمصريين. ومن استمع إلى كلمة الرئيس بالإسماعيلية خلال احتفالية تدشين المشروع يذكر أنه كرر أكثر من مرة أن الإنجاز سيتم بأيدى المصريين ومن أجل مصر. المسئولية الثالثة ترتبط بمتابعة مراحل تنفيذ المشروع بشكل حثيث ومتواصل، فقد حدد «السيسى» مدة العام لإنجازه. وفترة العام ليست بالكبيرة، ولا بد أن تؤدى وسائل الإعلام دورها فى متابعة كل ما يتم إنجازه أسبوعاً بأسبوع أو شهراً بشهر. وعلينا، ونحن نفعل ذلك، أن نذكر جيداً أن وسائل الإعلام هللت أيام دولة «مبارك» لمشروع توشكى ثم أهملت فى متابعته، مما أدى إلى النتيجة التى نعلمها جميعاً. مطلوب من الجميع أن يتعامل مع المشروعات القومية كتحديات وليس كموالد!