بعد مرور أكثر من ثلاثة عقود، على ارتكاب أكثر المذابح المروعة التي راح ضحيتها مليوني شخص بقيادة "بول بوت" تحت شعار إقامة "مدينة فاضلة للفلاحين"، قضت محكمة تشرف عليها الأممالمتحدة، أمس، بالحكم على أكبر مسؤولين سابقين في نظام "الخمير الحمر"، لا يزالان على قيد الحياة، بالسجن المؤبد، بعدما أدانتهما بارتكاب جرائم ضد الإنسانية في كمبوديا. يذكر أن "الخمير الحمر" هو الحزب السياسي الحاكم في كمبوديا منذ عام 1975 إلى عام 1979 التي سميت حينها كمبوتشيا الديمقراطية، وهم عبارة عن خلف لمجموعة أحزاب شيوعية في كمبوديا تطورت لاحقًا حتى شكلت الحزب الشيوعي لكمبوتشيا ولاحقا حزب كمبوتشيا الديمقراطية. عرفت أيضا باسم منظمة حزب الخمير الشيوعي أو الجيش الوطني لكمبوتشيا الديمقراطية. تعتبر منظمة الخمير الحمر، المسؤولة عن مقتل حوالي مليون إلى 3 مليون شخص في ظل نظامهم ،عن طريق الإعدام والتعذيب والسخرة، بسبب محاولة زعيمهم بول بوت تطبيق نوع متشدد من أنواع الشيوعية حيث كان يستخدم القوة الجبرية مع المجتمع بأكمله حتى يعملوا في مجال واحد فقط وهي المجتمعات زراعية أو في الأعمال الشاقة، وكان الأهالي يعملون من 12 ل 14 ساعة أو أكثر فى اليوم دون راحة أو أكل. وعقب استيلاء «الخمير الحمر» بقيادة بول بوت على السلطة عام 1975 قرروا تفريغ المدن وإجبار سكانها على الانتقال إلى الأرياف عبر مسيرات إجبارية للعمل في مشاريع زراعية. وبموازاة ذلك قرروا الاستغناء عن الأدوية التي تصنع في «الغرب الإمبريالي»، وهو ما أدى إلى موت مئات الآلاف نتيجة المجاعة وانتشار الأوبئة والأمراض وانعدام العلاج. و من الجرائم الكبرى بنظر هذه الحكومة هي أن يكون الإنسان متعلمًا أو مثقفًا، فبما أن هدف الحكومة المستبدة هو تجريد الشعب من كل ما يملكه حتى الإحساس و المشاعر و تحويله إلى آلة مطيعة تنفذ الأوامر بدون مناقشة، كان يجب القضاء على مفكري و مثقفي الشعب، وكانت أحكام الإعدام تتم في حقول القتل عن طريق ضرب الرأس بالفأس حتى لا يتم إهدار الرصاص حيث أن الرصاصة بنظر الحكومة أغلى بكثير من قيمة المواطن، و بعد الإعدام يتم الدفن في قبور جماعية. وفي عام 1978 اضطرت فيتنام لاجتياح كمبوديا لإيقاف عملية «إبادة جماعية» ضد الفيتناميين الذين ينحدرون من أصول فيتنامية، واستمر القتال بين الفيتناميين و»الخمير الحمر» حتى توقيع اتفاقية السلام عام 1991.