استطاعت المخرجة كاملة أبوذكرى أن ترصد معاناة المرأة المصرية مع الفقر والجهل من خلال مسلسلها «سجن النسا»، الذى حقق نجاحاً كبيراً فى رمضان المنقضى. وقالت «كاملة»، فى حوارها مع «الوطن»، إنها أرادت أن تنقل صورة حية من الواقع الذى تعيشه النساء بكل مشكلاته، دون أن تدين أو تبرئ أياً من السجينات اللائى عرضت قصصهن. وأضافت أنها تعمدت الابتعاد عن الخط السياسى بنص المسرحية الأصلية لفتحية العسال، بعد أن تشبع المشاهد من الأحداث السياسية فى الفترة الأخيرة، فأرادت عرض دراما اجتماعية من مختلف المحافظات، لتقديم فكرة بسيطة عن معاناة ومشاكل المرأة بشكل واقعى. ■ ما الرسالة التى أردت إيصالها من «سجن النسا»؟ - أردنا أن ننقل صورة من الواقع بكل مشكلاته، دون أن أدين السجينات نهائياً، حيث حاولت وفريق العمل تقديم «سجن النسا» للتعبير عن الواقع، دون أن نتعامل مع السجينات لا بمبدأ الإدانة ولا التعاطف، وقدم المسلسل العديد من القصص الواقعية مثل شخصية «رضا» التى جسدتها روبى، و«زينات» التى جسدتها نسرين إمام، وغيرهما من النماذج التى كان السجن بالنسبة لهن أرحم من الواقع بكثير، وقد قابلت سجينات كثيرات اعترفن لى بجرائمهن، ولو وضع أى منا نفسه مكانهن سنشفق عليهن جميعاً. ■ ما رأيك فى قيام التليفزيون المصرى بحذف بعض المشاهد من المسلسل؟ - عادى.. «هو فيه حد أصلاً بيتفرج على التليفزيون المصرى!»، الناس لن تترك القنوات الفضائية التى تعرض المسلسل، والصورة الأفضل، وتذهب لتشاهد التليفزيون المصرى، ثم إن الأجزاء التى تم حذفها لم تؤثر على الأحداث، وهى مجرد كلمات رأى التليفزيون المصرى أنها خارجة ولا يجب أن تسمعها الأسرة المصرية، رغم أن هذه الألفاظ تتردد بشكل يومى بين الناس، والحقيقة أننى معتادة على ذلك من التليفزيون المصرى، لأنهم يتبعون مقاييس معينة يعملون بها ويسيرون عليها طول الوقت، وهذه ليست المرة الأولى التى يحذفون فيها من أعمالى، حيث سبق أن حذفوا مشهداً من فيلمى «ملك وكتابة» لهند صبرى ومحمود حميدة. ■ لماذا ابتعدت عن الخط السياسى الموجود فى المسرحية الأصلية لفتحية العسال «سجن النسا»؟ - قررت أنا والسيناريست مريم نعوم أن يكون العمل بعيداً عن المشاكل السياسية فى هذه الفترة، وخاصة بعد أن تشبع المشاهد من الأحداث السياسية فى الفترة الأخيرة، فأردنا عرض دراما اجتماعية نراها جميعاً فى مختلف محافظات مصر، وحاولنا تقديم فكرة بسيطة عن معاناة ومشاكل النساء فى مصر وخصوصاً مع الفقر والجهل. ■ كيف وقع اختيارك على نيللى كريم ذات الملامح الرقيقة لتؤدى دور «غالية»، وأيضاً «روبى» فى دور «رضا»، ليقدما تفاصيل هاتين السجينتين بمشاعرهما المتضاربة؟ - راهنت على نيللى كريم هذا العام، وبالفعل تألقت فى تقديم كل هذه التفاصيل الدقيقة، وأرى أنها من أفضل الممثلات الموهوبات فى جيلها، وهى جديرة بتلك المكانة التى وصلت إليها بعد مجهود شاق، أما بالنسبة ل«روبى» فأنا أراها منذ أول يوم فى شكل مختلف فهى معجونة بالموهبة، ومنذ أن بدأت قراءة القصة والسيناريو وجدت أنها أنسب فنانة لشخصية «رضا»، وأنها الوحيدة التى تستطيع أن تجسد هذه الشخصية بكل أحاسيسها لأنها فنانة موهوبة ولديها قدرات عالية، وقد عرضت عليها أكثر من مرة العمل معى فى أكثر من دور لكنها كانت ترفض، ولكنى استطعت إقناعها بتجسيد هذه الشخصية. ■ قدمت «سجن النسا» وقبله «ذات» وتدخلين قريباً فيلم «يوم للستات»، فهل تتخصصين فى عرض قضايا المرأة فقط؟ - لا أحاول تقديم قضايا المرأة فقط، حيث قدمت أفلام «عن العشق والهوى» و«واحد صفر» و«45 يوماً»، والكثير من الأعمال التى ناقشت العديد من القضايا، ولكن فى الفترة الأخيرة فرضت الأعمال التى أقدمها هذا الافتراض، وأعتقد أن هذه الأعمال عرضت لأزمات المرأة فى المجتمع. ■ لماذا؟ - لأن المرأة هى التى يقع عليها تبعات المجتمع الفاشل والجاهل، ولأنها الحلقة الأضعف فى تكوين المجتمع، وتتحمل تبعات الفقر والانحطاط الفكرى الذى نعيشه فى الفترة الأخيرة. ■ وهل يمكن أن تقدمى فى أعمالك المقبلة معاناة المرأة فى المجتمعات المغلقة وسط التيارات الدينية المتشددة كالإخوان والسلفيين؟ - الموضوع صعب ويحتاج لمعالجة أوسع من المعالجة الدرامية، لأن البعض منهم يعانى من أمراض نفسية خطيرة، نتيجة تضييق الخناق والتشدد المبالغ فيه، وحتى عندما تتاح لبعضهن حرية القرار تتصرف باستحقار لجنسها، وخير مثال على ذلك تصريحات النائبة الإخوانية عزة الجرف، التى كانت ضد المرأة أكثر من الرجال أنفسهم. ■ ولكن هذا التيار تحديداً سبق أن اتهمك بمعاداة الإسلام والسخرية من النقاب، فما ردك؟ - أقول لهم حسبى الله ونعم الوكيل! فهم سبب نكبة المصريين والمشاكل والأزمات التى يعيشها المصريون حتى الآن، وموضوع النقاب تم تضخيمه واتهامى فيه باطل، والإخوان «خدوا على قد نيتهم» من الشعب المصرى و«ربنا جاب لى حقى منهم» رغم كل الاتهامات الباطلة. ■ هل أعمالك من «دراما الواقع» نتيجة تأثرك بمدرسة عاطف الطيب؟ - الراحل عاطف الطيب صاحب تأثير شديد علىَّ فى كل ما أقدمه، فهو صاحب تجربة وباع طويل فى السينما، وتستحق أعماله التأمل والمشاهدة، وفخورة لأنى أنتمى لمدرسة هذا العملاق. ■ ولكن السينما التجارية هى السائدة اليوم؟ - هذا ليس عيباً، فهذه السينما تقدَّم فى العالم كله، فى أمريكا وكل البلاد المتقدمة سينمائياً، ولكن الأزمة أننا نريد أن نمنع من يشاهدها، وهذا لن يحدث لأن لها جمهورها الذى يقبل عليها. ■ ما تعليقك على قول البعض إنك وإيناس الدغيدى تتنافسان على لقب «المخرجة الأفضل»؟ - أولاً: إيناس الدغيدى من مدرسة مختلفة عنى تماماً، وثانياً: هى من جيل وأنا من جيل آخر، وثالثاً: أنا لا أنافس أحداً، ولكل منا طريقتها وأسلوبها فى التناول الفنى للعمل، وموضوع المنافسة متروك للجمهور الذى يقيِّم الجميع، وهو أعدل الحكام. ■ وماذا عن فيلمك الجديد «يوم للستات»؟ - أوقفنا التصوير فيه الفترة الماضية لأنه يتطلب التصوير فى فترات الشمس والحرارة العالية، لأن التصوير سيكون فى حمام سباحة وأماكن مفتوحة، والخط الدرامى يتطلب وجود جو حار لسهولة تنفيذ المشاهد. ■ لمن تهدين نجاح «سجن النسا»؟ - أهديه لروح والدى الكاتب الكبير وجيه أبوذكرى، فكل أعمالى مهداة لروحه، وفخورة بكونى ابنة هذا الرجل العظيم الذى استطاع بقلمه أن يغير قوانين وأموراً كثيرة، وأنا أسير على نفس الطريق الذى رسمه لى والدى.