فى غرفة متهالكة يبدو الفقر الشديد واضحاً فى أرجائها، استيقظ الطفل.. كانت أمعاؤه تصرخ من شدة الجوع، ترك الحصيرة التى كان ينام عليها هو وأخوه باحثاً عما يسد به رمقه، لم يجد سوى الجبن وكسرة خبز وضعتها أمه له فأخذها وخرج من الغرفة يتناول ما وجده راضياً به، ابتسم الطفل لما رأى والدته قادمة من بعيد، لكنه فوجئ بها تصرخ: «مش يومك فى الأكل يا محمد»، وخلفه شقيقه الأكبر الذى يربط بطنه حتى لا يشعر بجوع. هذا هو مضمون أحد إعلانات بنك الطعام المصرى، التى تدعو المصريين إلى التبرع للبنك، وهى الإعلانات التى قابلها مشاهدو الشهر الكريم باستياء شديد ووصفوها ب«المسيئة لمصر»، ليس المشاهدين فقط بل خبراء الإعلان أيضاً الذين قالوا إنها دعاية مسيئة وتأتى بنتائج عكسية، هذه الإعلانات رأى فيها الدكتور سامى عبدالعزيز، أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة، أنها تمثل تشويهاً لصورة مصر: «الإعلان ده لا يعبر عن الواقع المصرى، وأنا أتحدى أن يكون هناك مواطن يأكل من الزبالة». واعتبر «سامى» أن الحملة، وإن كان هدفها سامياً، فهى أتت بنتيجة عكسية، فالضغط على أوتار التخويف لدى الإنسان إذا زاد عن حده يؤدى إلى التبلد، وهو ما يحدث حالياً مع تلك الحملة. حاولت «الوطن» التواصل مع القائمين على الحملة الإعلانية الخاصة بالبنك، ولكنهم رفضوا الإدلاء بأى تصريحات بخصوص حملة الإعلانات التى تعرض خلال هذا الشهر.