علامات الذهول لم تغادر الوجوه، بقيت آثارها على أهالى مدينة العريش، ودّعوا جثامين الشهداء إلى مثواهم الأخير، وبقيت رائحة دمائهم الزكية فى المكان، المحال ما زالت مهمشة، والنساء يتشحن بالسواد، والدموع لا تفارق العيون، صنف آخر اعتاد الأمر فى سيناء، لذا قرروا أن يواجهوه، فى إطار حملة أطلقها 13 شاباً سميت «أنا من سيناء.. مش هسكت على الإرهاب». ترك الحزن جانباً، وجمع بعضاً من أصدقائه وجيرانه فى اجتماع طارئ لإطلاق حملتهم للدفاع عن البلد الذى شهد ذكريات طفولتهم.. «وليد الليثى»، مؤسس الحملة، قرر أن يخفف من حدة التوتر الذى خيّم على أهالى ضاحية السلام، بالتجهيز لأول مائدة إفطار على روح شهداء تفجير العريش «هنساعد المحافظ فى المائدة وهنجهزها، وسنستغلها فى طمأنة الأهالى، اللى الخوف دب فى قلوبهم وده مش هيفيد فى الوضع الحالى وممكن يسبب عواقب أكبر»، حسب الليثى. قرار الشاب العشرينى بالالتفاف هو وفريقه حول أسر الضحايا والمصابين وغيرهم من أبناء مدينة العريش هو الحل الأمثل فى تلك المرحلة، عن طريق كتابة لوحات مدون عليها «إحنا مش رعاة الإرهاب»، «مش ساكتين»، «السلمية حقناً لدماء المصريين»، والنصف الآخر منهم يستخدم مهاراته فى رسم «جرافيتى» لطباعة آراء الأهالى فى الإرهاب على الجدران «عشان كلامه يتنقش على الحيطة ويثبت فى عقول كتير بتتهمنا بالعنف»، وإزالة أية آثار باقية فى موقع الحادث «هنّضف ونمسح دم اللى ماتوا بإيدينا، لكن مش هنقدر نمحى ريحتهم اللى فى كل مكان، وحقهم هنجيبه، وهنطالب السيسى بوقف حمام الدم اللى ما زال مستمر عندنا.. إحنا مش بنّام من صوت الرصاص اللى بيضرب فى غزة وبعد الحادث الوضع ازداد سوءاً».