دوى اهتزت له ارجاء المكان، الأدخنة تحجب الرؤية، الأهالى فى حالة هلع، اشلاء من كل جانب، رائحة الدماء تزكم الأنوف، سيدات تبحث عن صغارها بين القتلى والمصابين، صرخات تعتصر لها القلوب مجموعة مشاهد عاشتها ولازالت تعيشها مدينة العريش عقب سقوط أحد القذائف في حي ضاحية السلام شرق مدينة العريش لتصيب أكثر من 30 شخصا، فيقف أهالى المنطقة على قلب رجل واحد لمساعدة ذويهم وجيرانهم صفوفا أمام بوابات مستشفى العريش العسكرى والعريش العام، متبرعين بدمائهم بعد أن عجزت المستشفيات عن توفير كميات الدم المطلوبة. وقف كغيره من المتبرعين، قطع مسافات من حى أبى صقل، وصولا إلى ضاحية السلام للإطمئنان على اصدقائه وجيرانه، فلم يجد أقيم من دمائه يقدمها من أجل إنقاذ المصابين، بعد أن هرع الاطباء "يا جماعة كميات الدم نفذت من عندنا.. مين يتبرع؟"، خرج "وليد الليثى" من وسط عشرات الصفوف التى اجتمعت أمام مستشفى العريش العام ليعلن عن استجابته للنداء، منددا بفظاعة الحادث الذي أعاد إلى ذاكرته مشهد تبرعه بالدم للمرة الأولى اثناء مذبحة رفح التى راح ضحيتها 16 جنديا "قلبنا كان حاسس إن رمضان مش هيعدى بسلام، المرة اللى فاتت قتلوا جنودنا فى رفح على الفطار والمرة دى أهلنا وقريبنا وصحابنا على السحور.. بس إحنا مش هنسكت وهنطالب بحقنا" ويشير الشاب العشريني أن حملة "متبرع تحت الطلب" التى نظمها فى السابق من أجل سد عجز كمية الدماء فى مستشفيات مدينة العريش لإنقاذ جنود وضباط سيناء ستستمر من أجل ضحايا قذيفة "هاون" التى ضربت الحى "هنخرج نلف فى الشوارع على البيوت والصيدليات نشوف العجز اللى فى المستشفيات ونكمله من برا.. الإرهاب مش هيخوفنا". 7 ساعات متواصلة لم يذق فيهم "محمد إبراهيم"، أحد أهالى حى ضاحية السلام طعم النوم والراحة، بعد أن قرر الجلوس أمام مستشفى العريش العام التى استقبلت اعدادا من المصابين والجرحى، من يراه يخيل له أن أحد المصابين قريبا له، لكن حقيقة الأمر هو مجرد "متبرع" يجلس تحت الطلب فى انتظار تقديم المساعدة "أنا معرفش حد هنا لكن، الشدة بتبين معادن الرجال وأنا مش هتأخر وهفضل قاعد لحد ما حالتهم تستقر".