الصراحة والتلقائية تلمسهما في حديثهم، البساطة والهدوء في طباعهم، تعرفهم على حقيقتهم بدون رتوش الماكير، أو خدع المخرجين السينمائية، ترى شخصيات حقيقة من لحم ودم، تسير على سيناريو واقعي لم يضعه سيناريست أو مؤلف، فكلهم نجوم سمعت عنهم، ورأيت أعمالهم الفنية، ولكن لم تقرأ أخبارهم على رصيف بائع الصحف، ولم تر صورهم على غلاف المجلات، أو تشاهدهم ضيوفًا على برامج "توك شو"، إلا أنهم سيذكرون جمهورًا لم يعاصرهم بأحاديث نادرة من أسطوانة على "جرامافون"، أو صورة على شريط فيديو ب"الأبيض والأسود"، من تراث الإذاعة والتلفزيون المصري، ليحكوا لك كيف سارت نجومياتهم وحياتهم ليس نقلًا عن راوٍ، وإنما من ألسنتهم. وفي سهرة إذاعية نادرة مع الإعلامي كامل البيطار، على إذاعة "البرنامج العام" سنة 1962، من المملكة المغربية، قدم "البيطار" المطرب محمد عبدالمطلب، قائلًا: "أقدر أقول والدهم، أقدر أقول أخوهم الكبير، أقدر أقول أبو نور، الفنان الكبير جدًا في المقام وفي السن، ولا بلاش حكاية السن دي يا أبو نور". عبدالمطلب: خليها في المقام بلاش حكاية السن دي. البيطار: ليه أنت خايف من إيه؟ عبدالمطلب: أنا مش خايف من حاجة أبدًا بس خليها في المقام. البيطار: أنهي مقام في المزيكا؟ عبدالمطلب: "البياتي" و"السيكا" و"الحجاز" و"الكرد". البيطار: طب أحلى مقام بتسلطن فيه إيه؟ عبد المطلب: البياتي البيطار: يا عيني.. اشمعنى؟ عبدالمطلب: لأنه مقام شرقي جميل، حلو سلس، فيه طرق كبيرة، وفيه حاجات حلوة. البيطار: وبتسلك فيه طوالي يعني؟ عبدالمطلب: أنا بسلك في أي حاجة. البيطار مازحًا: طيب أنت بتبص ليه أوي كدة.. أنت فاكر إني بصطادك ولا حاجة؟ عبد المطلب ضاحكًا ومن حوله: لا أبدا ده أنا بحبك. البيطار: إيه رأيك في المطربين اللي أول ما يبدأوا بيقلدوا.. فمثلا الفنانة سعاد محمد بدأت بتقليد أم كلثوم؟ عبدالمطلب: أفتكر إني مفيش حد مقلدش الست أم كلثوم الله يرحمها، وبعدين أنا الحمدلله، مع احترامي للي بيقلدوا وبيغنوا، أنا ماليش دعوة، أنا عمري ما قلدت حد، أنا قعدت في الحارة وفي القهوة البلدي، وقعدت مع الأفندي وقعدت مع البيه، وقعدت مع الباشا، وبعدين أنا اخترت اللون اللي أنا عشت فيه لحد دلوقتي، واخترته مع ناس أصحابي، كنا بنقعد نغني، مع بعض، أو فرح بلاش في قهوة بلدي، ومع احترامي لكل اللي بيغنوا كلهم سواء جداد أو قدام، أنا محبش التقليد أبدًا، أحب الراجل يبقى لابس بدلته بكرافتته بقوامه. أحد الضيوف مقاطعًا: أنا في بداية طريقي مبيبقاش عندي إمكانيات أني أصرف على ملحن وعلى مؤلف علشان أقابل الجمهور لأول مرة؟ عبدالمطلب: مع احترامي لكلام الزميل، أنا زمان عشت مع الأستاذ زكريا أحمد، الله يرحمه، وكنت فقيرًا جدًا لا أملك أكتر من 3 أو 5 صاغ أو نص أفرنك، وبعدين كان زكريا راجل لماح، فحب عبدالمطلب، فقال لي يا محمد أنا عندي لحن، بيقول: "أوعى يا قلبي تكون مليت مهما الزمان يعند وياك أرضى وخلاص بجميع ما رأيت ما كان كدة أتخلقت دنياك"، وكان اللحن ده في رواية عند المرحوم الأستاذ علي الكسار، الله يرحمه، فإيه رأيك أني أخدت اللحن وحفظته من زكريا وغنيته، وبعدين قابلت الراجل اللي علمني أغني المرحوم داوود حسني، وقال لي يا بني في شركة اسمها "هومو كورد"، كان المدير الفني بتاعها زكي مراد، أبو الست ليلى مراد، الله يمسيها بالخير، فسجلت 6 أسطوانات غير "بتسأليني بحبك ليه" و"كان ليه خصامك ويايا"، "حجبوكي عني العوازل يا نور العين"، ودي كانت مرحلة أولى خالص قبل ما أقابل الأستاذ عبدالوهاب، وسجلت وقتها الأسطوانة الواحدة ب2 جنيه، وبعدين ابتديت المشوار الطويل، فأنا بقى تعبت أوي في حياتي. البيطار: دي ثروة بقى؟ عبدالمطلب:12 جنيه يعني راجل غني. البيطار: قدرت بشخصيتك تسيطر على كل مواقف حياتك؟ عبدالمطلب: الحمد لله، وقفت على أرض متنازلتش عنها، ووقفت وأصريت أني أبقى محمد عبدالمطلب.