هو لم يقتل الثوار.. لم يسرق أموال الشعب.. ورغم ذلك فهو لا يزال خلف القضبان. وقف في صف الثورة وساندها، وبدلًا من تكريمه كان السجن مصيره. إنه أحمد شومان (أحد ضباط 8 أبريل) الذي لا يزال يعاني الظلم في سجون محمد مرسي. محمد مرسي، الذي ظنت زوجة شومان، هالة السيد شومان، أنه بانتخابه رئيسًا للبلاد سينتهي الظلم الواقع على زوجها، خاصة وأنه أحد من عانوا من الظلم في عهد المخلوع، لكن ظنها خاب. الفرحة التي أنارت قلب هالة، يوم خرج مرسي إلى ميدان التحرير ليحلف اليمين الدستورية، حيث كانت تشاهده بترقب من أمام التلفاز، آملة أن عودة زوجها لأولاده باتت قريبة، خفُت ضوؤها دون أن تعلم لماذا. فزوجها هو أول ضابط بالجيش ينزح للتحرير تاركًا سلاحه، مطالبًا برحيل النظام. ضحى بحياته الأسرية الهادئة ووظيفته ومستقبله من أجل مصر. هو وغيره كانوا السبب في اعتلاء مرسي سدة الحكم في مصر. كانت تتفهم نوعًا ما أن بقاء زوجها خلف القضبان وراءه المشير طنطاوي وعنان، وأن مرسي لم يحكم قبضته بعد على البلاد. لكن ماذا بعد رحيلهما؟ أيبقى هناك سبب لبقائه في السجن؟ وفي أول زيارة له بعد إحالة طنطاوي وعنان للتقاعد، قابلها فرحًا منفرج الأسارير، حيث كان يعتقد أنهما السبب وراء بقائه في السجن، قائلا: "ظُلمت، وربنا هيعوض صبري خير. ربنا مش بيرضى بالظلم أبدًا". لكن الأمر لم يتغير وبقي على حاله. انتظرت هالة كثيرًا، وتجدد الأمل عندما هاتفها أحد المسؤولين برئاسة الجمهورية، وبشرها بأن عليها أن تنتظر عودة زوجها خلال ساعات، بعد صدور قرار الإفراج عنه، لكن الساعات امتدت لأيام وأسابيع، بل ومن الممكن أن تمتد لشهور، وراحت تتساءل: "هو فيه حد أعلى من رئيس الجمهورية؟ احنا تايهين ومش فاهمين حاجة". تؤكد هالة أن زوجها الرائد شومان "المحكوم عليه ب 6 سنوات"، رفض وزملاءه الذين لم يُفرج عنهم من ضباط 8 إبريل الاعتذار للمشير طنطاوي والفريق عنان، وتضيف: "لكن المشير وعنان رحلا، فما سبب الإصرار على الاعتذار؟". وتستنكر هالة استمرار سجن زوجها، قائلة: "بدلًا من تكريم شومان وإعادة كرامته ووظيفته له، يبقى داخل السجن". لم تعد هالة تدري ماذا تفعل كي ترفع الظلم عن زوجها. تقول: "حاولت مرات كتيرة. حاولنا الوصول للرئيس دون جدوى. قدمنا العديد من الطلبات لرئاسة الجمهورية دون فائدة". "شومان الأب" يتعجب من أن يكون هذا مصير نجله: "أيكون هذا جزاؤه بعد مساندة الثورة؟". وفي لهجة عتاب له، يقول: "ابني اتخبط في عقله لما نزل تاني التحرير"، موضحا: "المجلس العسكري عفا عنه بعد نزوله في المرة الأولى في 22 نوفمبر لعدم تحقيق أهداف الثورة، لكنه نزل تاني خلال أحداث محمد محمود. كان نزوله كفرد من أفراد الشعب المصري. نزل يرفض شلال الدم الذي كان يتدفق خلال هذه الأحداث". وينفي الوالد أن يكون لنجله علاقة بقيادات في الجيش، وأن المخابرات كانت تحركه لصالحها، مستنكرًا تلك الإشاعات، متعجبا: "يعني لو كان ابني ليه علاقة بحد من القيادات، فضل ليه في السجن لحد دلوقتي؟". والدته، التي جففت دموعها قبل ظهورها أمام كاميرا "الوطن"، تعاتب الرئيس مرسي، قائلة: "انت انظلمت ودوقت طعم الظلم، وانت أب وعارف معنى حرمان الأب من ابنه. أفرج عن اللي اتظلموا. هو وقف في الثورة وحارب مع الثوار لما لقى الناس بتموت". أنجال شومان، هدى وعلي وعبدالرحمن وهبة، اصطفوا في وجه كاميرا "الوطن"، متخيلين أنها نافذة تطل على الرئيس مرسي وقيادات القوات المسلحة الجدد، يخاطبونه للمطالبة بالإفراج عن والدهم، فخورين به مؤمنين ببطولته.