سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
«الجفرى» يرد على أسئلة الإلحاد فى قضية «زينب بنت جحش» الأمر جاء للرسول بالزواج من «زينب» حتى لا يتوهم الناس بأن الابن بالتبنى تنطبق عليه الأحكام المتعلقة بالابن من الصلب
لا تتغير الذرائع التى يتكئ عليها الملحدون فى تشكيكهم، وأبرز تلك الأمور ما يتعلق بمزاعم تأليف القرآن، والطعن فى شخص النبى عليه الصلاة والسلام من خلال قضية زواجه ب«زينب بنت جحش»، وفى الحلقة الثانية من تلك المواجهة المثيرة ضد أفكار أحد الملحدين، يفند الحبيب على الجفرى مع الإعلامى البارز خيرى رمضان تلك الذرائع بالحجة والمنطق. خيرى: البارحة بدأنا التعرف على الملحد «أحمد حرقان» الذى سيقول لنا اليوم.. لماذا وصل للإلحاد؟ ولنذهب مباشرة إلى ما قاله «أحمد» من وجهة نظره لماذا قرر أن يكون ملحداً؟ لنرى التقرير. المُلحد أحمد حرقان يقول: هل هذا الشخص (الرسول) مميز عنا فى شىء؟ شخصية عادية بشرية جداً. وأعتقد كانت ضعيفة أمام الحاجات التى نحن ضعفاء أمامها أيضاً. فى شهر 6 سنة 2010 وجدت نفسى لا أستطيع مقاومة التفكير فى هذه الأسئلة، وكنت فى تلك الفترة قريباً من ربنا، سنتين فى حياتى من الإسلام شبه موجود فى الحرم، لأنى عشت معظم حياتى فى السعودية، وكنت ملتزماً فى تلك الفترة بختمة للتدبر فى القرآن حتى أعرف جواب كل الأسئلة التى تدور فى خاطرى، ومنها هل الرسول وهل هذه الشخصية مميزة عنا فى شىء؟! هل هو معصوم مثلما قالوا، ولماذا لا يكون مريضاً أو كذاباً؟! ومن خلال النصوص فى سورة «الأحزاب» مثلاً، الشخصية النبوية بشرية جداً وأعتقد أنها ضعيفة أمام الأشياء التى نحن ضعفاء أمامها أيضاً، وهناك قصة من القصص التى طول حياتى غير مقتنع بها، وهى أن الله حرم التبنى لأجل ذلك النبى، ولأجل أن يتزوج «زينب بنت جحش»، وتقول الآيات «وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِى أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللهَ وتُخْفِى فِى نَفْسِكَ مَا اللهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا لِكَىْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِى أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً». خيرى: أهلاً وسهلاً بحضراتكم مرة أخرى. سيدى الحبيب، «أحمد» يتكلم عن قصة سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام مع سيدتنا زينب بنت جحش، فماذا ترد على «أحمد» وكل من يتخذ من هذه القصة تكئة ليشكك فى النبى والدين؟. الجفرى: الحمد لله وصلى الله على سيدنا ونبينا وقرة أعيننا محمد بن عبدالله وعلى آله ومن سار على نهجه واهتدى بهداه وبعد.. هناك أمور ستنبنى على القصة، لكن لن نطرقها قبل أن نرد على القصة. فالقصة بها تحريف حدث عنه استنباط، وخلل فى المفاهيم غير اتجاه القصة، مع أنه كما قلت أكثر من مرة، هناك حجر أساس بسيط تنهار بسببه الشبهات هذه. فهم يبنونها على أنه صلى الله عليه وسلم أُعجب ب«زينب» وافتُتن بها، فقرر أن يصنع أى قصة حتى تُطلق من زوجها، ثم يتزوجها، وهذا منافٍ للواقع بالكلية، لسببين بسيطين جداً، أولاً أن زينب بنت جحش، بنت عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم ونشأت معه ويعرفها لسنوات، فقصة أنه فجأة رآها، وأُعجب بها وبدأ يخطط لزواجها منه، غير صحيحة. ثانياً: النبى أصغر منها ب12 سنة، ولما حصلت هذه الحادثة كانت «زينب» تجاوزت الأربعين، أى ليست الفتاة جميلة المظهر الذى يفتتن أحد بها، وكان للرسول زوج أصغر منه وجميلة وهى السيدة عائشة رضى الله عنها وأرضاها. ثالثاً: الذى يقوله (المُلحد) مبنى على هذا الوهم، ويدعى أن ما حدث لم يأت من خلاله تكليف للرسول، صلى الله عليه وسلم وحاشاه أن يؤلف نصوصاً، حتى يُكيف بها ما يبيح لنفسه. بالعكس الإنسان الذى يدعى لا يُمكن أن يأتى بآية عتاب واحدة لنفسه! لا يمكن أن يأتى بنص يُشعر الناس ببشريته! فثبوت هذا النص فى القرآن الكريم هو دليل قوى على أن الكلام كلام الله عز وجل. خيرى رمضان: نتحدث الآن عن أسباب زواج سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام من السيدة زينب بنت جحش؟ الحبيب على الجفرى: القصة بكل بساطة أن النبى كان متبنياً لزيد، وكان أبوه يعلم أنه اختُطف وهو رضيع، فجاء للنبى وعرض على النبى مالاً كثيراً، فقال النبى: لا أريد المال، خيروه فإن اختار أن يذهب معكم فهو حر، فاختار زيد أن يكون مع الرسول لما رآه من أخلاق رسول الله، فأعتقه الرسول وتبناه، وزوجه ببنت عمته «زينب بنت جحش» التى كان يعرفها جيداً.. ما حدث أنه كان هناك إشكال فى العلاقة الزوجية، فالسيدة زينب من قبيلة راقية، هى قريش، وكانت تشعر أن لها تميزاً على سيدنا زيد الذى كان مملوكاً من الموالى، ثم أُعتق، فكان كلما حصل بينهما خلاف كانت تُعيره وتقول «أنا من قريش وأنت من الموالى». وعندما يأتى زيد ليشكو للرسول، كان النبى يعطى لهما فرصة، وهنا أخفى الرسول ما أخبره الله به أنهما فى النهاية سيتطلقان. طيب لماذا أخفى؟ حتى يستنفد كل ما عند سيدنا زيد من فُرص، فلا تأتى لحظة يشعر «زيد» بالندم على أنه فارقها، فينظر وكأن رسول الله أخذ شيئاً له. واستمر إلى أن استنفد كل ما عنده من محاولات. سيدنا زيد وصل إلى درجة أنه لا يمكن أن يعيش مع هذه السيدة، وجاء الإذن بالطلاق حتى لا يترتب عليه جرح عند سيدتنا زينب، وحتى لا يتوهم الناس، بأن «الابن بالتبنى تنطبق عليه الأحكام المتعلقة بالابن من الصلب»، جاء الأمر للرسول بالزواج من السيدة «زينب»، وتزوج سيدنا زيد من امرأة أخرى، وشعر بعد ذلك بالسعادة معها، وحتى لا تشعر «زينب» بالظلم من أنها حُبب لها أن تتزوج شخصاً لم تستطع تقبل الفارق الطبقى بينهما، وانتهت زيجتها وبقيت بدون زواج، فزُوجت من رسول الله. خيرى رمضان: هل جاء فى الكتب أو الروايات عن سيدنا زيد أنه غضب عندما طلق سيدتنا زينب؟ الحبيب على الجفرى: بالعكس تزوج من زوجة أنجب منها سيدنا أسامة بن زيد، وعاشا بحب ومودة إلى آخر حياتهما، وكان من أكثر الصحابة تفانياً فى حب الرسول. ما ينبغى التنبيه عليه متعلق بتنظير لمفهوم التعامل مع النصوص قبل أن يقفز أحد الشباب ويقول «لكن يوجد فى كتب السيرة أن النبى أُعجب بها». خيرى رمضان: نذهب لموضوع بشرية الرسول صلى الله عليه وسلم؟ هل هو مثلنا؟ هل له نوازعه وضعفه وغضبه مثلنا؟ أم لأنه نبى فهو معصوم؟ سيدى قلت إن هناك روايات عن زواج رسول الله من سيدتنا زينب بنت جحش وأن هناك من يروى حكايات إعجابه بها وإعجابها به صلى الله عليه وسلم. الحبيب على الجفرى: بعض الشباب يأتى ببعض الروايات فيها أنه افتتن بها وأراد أن يتزوجها. هذه الروايات موجودة لكن بأسانيد موضوعة وكثير منها ضعيف. وفى صحيح مسلم أن سيدنا زيد هو الذى ذهب ليخطبها إلى رسول الله. النبى لما رأى أن زيداً لم يعد يريد زينب أراد أن يخطو بهما خطوة باتجاه إسقاط الطبقيات فى المجتمع. الحالة الأولى عند قريش كانت أن تتزوج امرأة من علية القوم نسباً شاباً كان من الموالى، فحصل فى هذا الأمر كسر كبير لمألوف عادة الطبقية، لن تنجح الزيجة لأن السيدة زينب وزوجها ما استطاعا تحمل هذا الفارق الطبقى، فكان الحل هو «الطلاق» لذلك قيل «وتُخْفِى فِى نَفْسِكَ مَا اللهُ مُبْدِيهِ» إذن لماذا لم ينتبه إلى هذا الملمح لو كان هو سعيداً وهى سعيدة معه، لماذا يأتى إلى رسول الله، ويقول له رسول الله «أبق عليك زوجك، أمسك عليك زوجك»؟ خيرى رمضان: البعض يفسره أن ذلك إرضاء له بمعنى هل تعجبك يا رسول الله؟ الحبيب على الجفرى: هل يتصور أن يصل مستوى الدناءة أو الانحطاط فى مجتمع يتكلم عن الفضيلة إلى درجة أن الطرفين يتواطآن على هذا الأمر. والذى يرد هذا كله أن النبى لما رأى أن العلاقة أصبحت فى مستوى لا يقبل التعايش أذن له أن يطلقها فطلقها، هى الآن عندها شىء من الانكسار الذى زوجها من زيد هو رسول الله، وهى فوق الأربعين، وليس من السهولة أن تُخطب، فقال النبى لسيدنا زيد: اذهب فاذكرنى عندها، بمعنى اذهب واخطبها لى. وزيد محبوب عند النبى. هل تتوقع فيما يتوهم البعض أنه اختطفها منه، ثم يقول له اخطبها لى؟! هل يستطيع زيد بعدها أن يكمل مع رسول الله؟ فيقول زيد ذهبت وذكرت رسول الله لها وأنا معرض عنها، فقال: قامت وقالت «حتى يذكرنى الله تعالى». شعرت بأن هناك ملمحاً لاستعادة كرامتها، فقالت «إذن الله بنفسه يُنزل علىَّ أمر الزواج». فلم يعد سيدنا زيد إلا ونزل الأمر بتزويجها من النبى.