يجتمع البرلمان الأوروبي الجديد للمرة الأولى، الثلاثاء، في ستراسبورغ تحت ضغط المعادين لأوروبا بعد إحرازهم اختراقا في انتخابات 25 مايو، ما يرغم الأحزاب المؤيدة للاتحاد الأوروبي على توحد صفوفها. ومن المتوقع انتخاب الاشتراكي الديمقراطي الألماني مارتن شولز بدون صعوبة رئيسا للبرلمان الأوروبي لولاية من سنتين ونصف السنة، إثر اتفاق لتشكيل ائتلاف مع الحزب الشعبي الأوروبي (وسط يمين) والليبراليين الذين لم يقدموا مرشحا منافسا له. وسيخوض ثلاثة مرشحين أخرين الدورة الأولى من الانتخابات وهم المحافظ البريطاني سجاد كريم والأسباني بابلو ايغليسياس المدعوم من اليسار الراديكالي والنمساوية أولريكي لوناسيك من الخضر. وخسرت التشكيلات الأربعة الكبرى المؤيدة للاتحاد الأوروبي مقاعدة في الانتخابات الأوروبية متاثرة بالريبة حيال المشروع الأوروبي بعد سنوات من الازمة. وانضمام النواب ال221 من الحزب الشعبي الاوروبي والنواب ال191 الاشتراكيين لم ينتج سوى غالبية هشة من 412 مقعدا من اصل 751 ما حمل الكتلتين في اللحظة الاخيرة على التفاوض مع الليبراليين ونوابهم ال67 لتعزيز قاعدتهم، كما انهم يعولون على قدر من التاييد من جانب الخضر (50 نائبا). واقر رئيس الحزب الشعبي الاوروبي جوزف داول الذي ترأس الكتلة البرلمانية لخمس سنوات "انه برلمان اخر" مضيفا انه "ان كان البرلمان الاوروبي يريد الاحتفاظ بصلاحياته، فعلى جميع القوى الديموقراطية ان تتوحد". والواقع ان هذا التحالف يهدف ايضا الى "اقامة طوق امني" في مواجهة التشكيلات المعادية لاوروبا والتي تضم مئة نائب، مقابل عدد ضئيل من النواب فقط في البرلمان المنتهية ولايته. وتعتبر مجموعة "اوروبا الحرية والديموقراطية المباشرة" بزعامة نايجل فاراج العنصر الاساسي في هذه القوة الصاعدة وهي تعد 48 نائبا ملتفين حول حزب استقلال بريطانيا الذي كان الرابح الاكبر في الانتخابات الاوروبية في بريطانيا والشعبويين الايطاليين من حركة النجوم الخمسة بزعامة بيبلي غريلو. كما يشكل البريطانيون ايضا الدعامة الرئيسية في الكتلة المحافظة التي تملكنت بعد معركة ضارية من انتزاع مكانة القوة الثالثة في البرلمان مع 70 نائبا. ويبقى هناك 52 نائبا غير مسجلين حوالى نصفهم من الجبهة الوطنية الفرنسية وقد فشلت زعيمتها مارين لوبن في تشكيل كتلة، ما يحرمها من دور في الواجهة والاهم من ذلك، من وسائل مالية كبيرة. وتبقى الخصومات والاحقاد عميقة بين المشككين في اوروبا البريطانيين بزعامة ديفيد كاميرون والمعادين لاوروبا، وبين المعادين لاوروبا واليمين المتطرف، وبين القوميين والمتطرفين، وقد عجزوا جميعا عن تشكيل جبهة موحدة. وهذا ما يضعف قدرتها على اعاقة سير عمل المؤسسات الاوروبية. كما سيشكل انتخاب رئيس البرلمان الاوروبي اختبارا لعلاقات القوة داخل التيار المؤيد لاوروبا، قبل اسبوعين من التصويت على تعيين جان كلود يونكر رئيسا للمفوضية في 16 تموز/يوليو. وتوصل البرلمان والاحزاب السياسية الاوروبية الى فرض آلية تقضي بان يتولى مرشح التشكيل الذي يتصدر النتائج وهو في هذه الحالة الحزب الشعبي الاوروبي رئاسة السلطة التنفيذية الاوروبية. غير ان هذه الآلية التي لم يتم الاتفاق عليها الا بعد تحفظات شديدة من جانب عدد من رؤساء الحكومات، لا تزال تتعرض لانتقادات. كما ان شخص جان كلود يونكر ليس موضع اجماع وخبرته على مدى 19 عاما رئيس وزراء في لوكسمبورغ تعتبر مكسبا بنظر انصاره وعائقا في آن بنظر منتقديه في وقت اوروبا مدعوة لاصلاح مؤسساتها وعملها. وسيجري التصويت بالاقتراع السري ومن المتوقع حصول انشقاقات سواء في اليسار، بدءا بنواب حزب العمال البريطاني، او في اليمين مع الحزب المجري المحافظ بزعامة فيكتور اوربان، رئيس الحكومة الوحيد الذي صوت مع ديفيد كاميرون ضد يونكر. ورأى مسؤول اوروبي ان يونكر "فقد الكثير من حماسته ونشاطه. وسيترتب عليه بذل جهود كبيرة للاقناع".