بالرغم من الجدل الذى إستمر طويلا حول صلاحية ترشح رئيس وزراء لوكسمبرج السابق جان كلود يونكر لتولى منصب رئاسة المفوضية الاوروبية، فإنه استطاع حسم هذا الجدل لصالحه بعد أن قرر المجلس الاوروبى تقديم يونكر كمرشح لرئاسة المفوضية الأوروبية وذلك فى القمة الاوروبية الاخيرة التى عقدت فى بروكسل للمجلس الأوروبى الذى يتكون من 28 رئيس دولة وحكومة هم عدد أعضاء دول الاتحاد. وبذلك سيتم انتخاب يونكر من قبل البرلمان الأوروبى بصورة رسمية فى السادس عشر من يوليو. وهو الأمر الذى يتطلب موافقة 376 عضوا من أصل 751 هم عدد أعضاء البرلمان. ويبدو أن فرص يونكر المرشح (الذى اختاره حزب الشعب الأوروبى) لنيل هذا العدد من الاصوات جيدة وذلك بعد ان أبدى الإستراكيون الديمقراطيون فى البرلمان إستعدادهم للتصويت لصالح يونكر، خاصة وأن حزب الشعب الأوروبى الذى ينتمى اليه يونكر يمثل بالفعل أكبر كتلة فى البرلمان الأوروبى. وفى هذه الحالة سيتم إنتخاب يونكر ليشغل المنصب لخمس سنوات قادمة فى حالة فوزه. وترجع اهمية إنتخاب رئيس المفوضية الأوروبية (الذى يتولى رئاستها حاليا خوسيه مانويل باروسو) إلى أن المفوضية الأوروبية هى الذراع التنفيذى الرئيسى للإتحاد الاوروبى وأحد أهم مهامها هو إقتراح القوانين ليتم التصويت عليها داخل البرلمان. ورغم حصول رئيس وزراء لوكسمبرج السابق على أغلبية الأصوات فى القمة الاوروبية الأخيرة التى عقدت لإختيار المشرح لهذا المنصب، حيث حصل على 26 صوتا من إجمالى 28 صوتا، الا أن بريطانيا والمجر إعترضا على ترشيح يونكر. وأعتبر ديفيد كاميرون رئيس الوزراء البريطانى أن إختيار يونكر يمثل خطا جسيما وهو ما يجعل بقاء بريطانيا داخل الإتحاد أمرا صعبا. وقال كاميرون: هذا يوم سىء لاوروبا، فالوضع الراهن لا يخدم الاتحاد الاوروبى وبالتأكيد لايخدم بريطانيا، يجب ان يتغير. لن تكون بروكسل هى من يقرر مستقبل بريطانيا داخل الإتحاد الاوروبى بل سيكون الشعب البريطانى وما يختاره فقط. وزادت حدة الانقسامات داخل الإتحاد الأوروبى بعد أن أعتبرت المستشارة الالمانية أنجيلا ميركل من أهم المساندين لترشيح يونكر لهذا المنصب رغم إبدائها بعض التحفظات فى بداية طرح إسمه لشغل المنصب، ولكن سرعان ما غيرت المستشارة الألمانية من موقفها وقامت بحشد أصوات قادة أوروبيين أخرين للتصويت لصالح يونكر. وقبل إنعقاد القمة الاخيرة فى بروكسل لإختيار المرشح لرئاسة المفوضية، إنتقد كاميرون كثرة تدخل بروكسل فى شئون دول الإتحاد الأوروبى قائلا: دور بروكسل أصبح كبيرا جدا وأكثر تداخلا فى شئون دول الإتحاد الاوروبى التى يجب أن تعمل على الصعيد الوطنى طالما ذلك ممكنا وتعمل على الصعيد الأوروبى عندما تدعو الحاجة لذلك. ويجب على المسئوليين الاوروبيين أن يعوا ذلك . وتتصاعد المخاوف من وجود يونكر كرئيس للمفوضية الأوروبية لان شخصية الرئيس المقبل لها سيعكس بالتاكيد كيفية تعامل القادة الاوروبيين مع تصاعد شعبية الأحزاب المناهضة لفكرة الإتحاد الاوروبى داخل البرلمان ورغبتهم فى تدمير فكرة الإتحاد. ويحظى إختيار رئيس المفوضية الأوروبية هذه المرة بإهتمام شعبى من قبل المواطن الاوروبى نفسه الذى حرص على المشاركة أيضا فى إختيار أعضاء البرلمان الاوروبى فى مايو الماضى. ويرجع الاهتمام للاخفاق الذى تسبب فيه البرلمان السابق فى كيفية مواجهته للأزمة الإقتصادية التى اجتاحت أوروبا بعد إنتخاب البرلمان السابق عام 2010، وهى الازمة التى شعر المواطن الأوروبى أن البرلمان فشل فى التعامل معها بشكل جيد. بل على العكس رأى البعض أن البرلمان تسبب فى تحميل دول دون أخرى بعد أن تقرر ضخ أموال لإنقاذ اقتصادات بعض الدول التى إنهارت وكان على رأسها اليونان. كما لجأ الاتحاد الأوروبى لمحاولة فرض سياسات للتقشف على الدول الأوروبية للخروج من الأزمة الاقتصادية وهو ما أثار ليس فقط غضب المواطنين بل الحكومات أيضا ومنها بريطانيا التى أعتبرت الامر تدخلا سافرا فى الشأن الداخلى لكل دولة. وبعد ان فازت احزاب اليمين فى انتخابات البرلمان الأوروبى وسيطرتها عليه بأغلبية، ومع توقع فوز يونكر بمنصب رئيس المفوضية الاوروبية، ترتفع هيمنة الأحزاب المعادية للاتحاد الأوروبى سواء من اليمين أو اليسار.