أتفهم جيدا قسوة رشدي أباظة على لبنى عبد العزيز في فيلم "آه من حواء".. لأنى عشت الموقف وتأزم زوجي من العزومة الفضيحة التي أقمتها "بروح طيبة والله العظيم" لأعز أصدقاؤه فاتحا أبواب بيته الجديد لأهل المحبة من زملاء الطفولة وكانت الوليمة مخذية مخيبة للآمال.. اللحمة مكبلة بكم هائل من الخيط "نسيت أفك أسرها" والقلقاس اختفى تحت السلق الذي كان مثل ورد النيل الذي يعوم على وشه؟!! ولم أنجح في شئ إلا في إعداد المائدة وتزينها.. وبس!! والحكاية إني حذرت زوجي من البداية إني ضعيفة جدا في فن الطبخ.. وإذا كان تشرشل قال لشعبه ليس عندي لكم إلا "العرق والدمع" أيام الحرب العالمية الثانية وبنفس المنطق قلت له لا تتوقع مني ما لذ وطاب من الطعام فأمي سامحها الله لم تعلمني فن الطهي. ومع ابتسامات وانشراح السنوات الأولى واللقاء الأول قال وماله.. وظل يتحمل تواضع الوجبات وأحيانا ردائتها ويبلع غصباً عنه النواشف والموجود مما تجود به جارتنا الحبيبة أمي يرحمها الله.. حتى كانت لحظة العزومة الفاصلة بين ابتسامة زوجي وقضب حاجبيه بتحدي سافر لعهدي معه في تسامحه لجهلي فن الطهي وإذا به بعد أن أغلق باب المنزل وراء أصدقاء العمر فتح على أبواب التأنيب والإنذار بإعطائي فرصة أسبوع لتعلم الطهى وبدأ مشوار التعليم والتعلم.. أمي يرحمها الله تملي علي أصول الطبخة وأجرى بسرعة لتنفيذها فهي تقيم في الشقة التي أمامي وكل مرة أحرق حلل وصواني يدفعها راضيا مرضيا في سبيل إصلاح ما يمكن إصلاحه من متاعب أصابت معدته من أكل نواشف وطعام من الخارج وتنفيذ وعده لأصدقاء العمر بتعويض أضرار عزومة "الله لا يرجعها" وأول وجبات الدراسة الأسرية التي تعلمتها من أمي كانت صينية البطاطس وأعجبته كثيراً فكنت أطبخ يوم صينية ويوم بطاطس في الحلة ويوم بطاطس محمرة وأعيد نفس السيناريو لعدة أيام حتى فوجئت بحاجبيه يعلنان الغضب العظيم ويحلف على البطاطس ويمنعها تماما من دخول المنزل ولجأت ثاني لأمي يرحمها الله فهي مشهورة بطعامها اللذيذ ولكن خلقها ضيق في التعليم وأنا لم أتعلم الطهى إلى بعد العشرين يعنى على كبر وكان بالنسبة لي لوغاريتم. فالرفق مطلوب لأنى زواجي مبكرًا قبل اتمام العشرين من العمر يجوز له الرحمة فالألف ميل تبدأ بخطوة والحمام المحشي يبدأ بصينية بطاطس.... رفقاً بالقوارير.