صرخ السفير الإثيوبى بالقاهرة فى مداخلة هاتفية مع الإعلامية «رانيا بدوى» قائلاً: سد النهضة لن يضر مصر ولا السودان فى شىء ومصر تتعالى على إثيوبيا. وقد تزامنت هذه المكالمة مع زيارة يقوم بها وزير الخارجية الإسرائيلى «أفيجدور ليبرمان» لإثيوبيا! أذكُر أننى كنت أخطو فى أواخر مرحلة الطفولة حين استمعت إلى خطاب للرئيس السادات استوقفنى فيه حديثه عن زجاجات دم!، زجاجات دم حطمها إمبراطور إثيوبيا «منجستو هيلا ماريام» فوق العلم المصرى، فى خطاب هدد فيه بتعطيش مصر، كان الموضوع جللاً، لكن رد السادات كان مجلجلاً حين هدده رسمياً بالحرب وأمطره بوابل من العبارات التى وضعته عند حده، فما كان من «ماريام» إلا أن انسحب وتأرنب وأبدى الأسف والندم. كان ذلك وضع مصر، وكانت تلك حيثية رئيسها فى السبعينيات. سد النهضة آخذ فى الارتفاع، وكل يوم يمر ينجز فيه جزء، وقد فرغ الإثيوبيون من بناء نسبة 32% منه، وما زالت مصر حتى الآن تتشبث بالمفاوضات، ولا تجد غيرها سبيلاً للتعامل مع هذا الخطر الذى يهدد أمنها القومى، لقد دعوت المشير «السيسى» غير مرة خلال العام الماضى إلى التصرف الفاعل فى هذا الملف، وربما كان الرجل معذوراً إذ لم يفعل شيئاً وقتها، إذ لم يكن فى مركز صناعة القرار. الآن لا عذر بعد أن جلس على منصة الحكم، فقد أصبح مسئولاً مسئولية كاملة عن هذا الملف الذى أصبحت إسرائيل تلعب فيه «عينى عينك»، بعد أن ظلت لسنوات تعمل تحت ستار من الكتمان الذى لم يكن يخفى بالطبع على المسئولين. إثيوبيا الآن تخرج لسانها لنا، معتمدة على الدعم الإسرائيلى. ولا أستطيع أن أفصل بين زيارة وزير الخارجية الإسرائيلى لإثيوبيا والزيارة المتوقعة للرئيس إليها! لقد ذكر وزير الرى الجديد حسام مغازى، عقب حلف اليمين واجتماع الرئيس بالحكومة، أن القيادة السياسية حرصت خلال الاجتماع على التأكيد على ضرورة استمرار حملات إزالة التعديات على المجارى المائية بكل أنواعها بشكل حازم وجاد، مؤكداً أن ذلك يمثل تعدياً على هيبة الدولة التى يجب أن تسود، وأنه لن يسمح لأحد أن يمس هذه الهيبة، مستخدماً جملة «تقطع يد من يمد يده على النيل»، كما قالها الرئيس نصاً. «نقطع يد من يمد يده على النيل».. عبارة حكيمة لكنها قيلت فى سياق الحديث عن المواطنين المصريين الذين يتطاولون على مياه النيل، كنت أتمنى أن تقال فى سياق الحديث عن إثيوبيا التى تريد «تنشيف» النيل علينا! سد النهضة أحد التحديات الحقيقية التى تواجه الرئيس، وأتمنى أن يدار هذا الملف بما يليق به من أهمية، وليكن اللقاء المرتقب بين «السيسى» ورئيس الوزراء الإثيوبى نقطة فاصلة، إما أن تبدأ بعدها مرحلة مفاوضات جادة تضمن عدم الإضرار بحقوق مصر فى مياه النيل، أو يتم اللجوء إلى السبل الدولية المتعارف عليها فى هذا السياق. مصر مطالبة بأن تبعث رسالة واضحة إلى إثيوبيا مضمونها: «بحر الأذى واسع يا إثيوبيا»!