لا توجد ميليشيا ليبية استعرضت قوتها القتالية بكل صلف على الأراضى الليبية كما فعلت تلك الميليشيا: «أنصار الشريعة».. الاسم المفضل لدى تنظيمات القاعدة المحلية المتخفية.. اسم عام تخلعه تلك التنظيمات على نفسها حتى يحين وقت كشف المبايعة للتنظيم الأم بزعامة أيمن الظواهرى.. «أنصار الشريعة» فى كل مكان.. فى ليبيا وتونس واليمن ومصر ومالى.. أسماء متعددة ل«القاعدة» الأم. بعد اندلاع الثورة المسلحة ضد نظام «القذافى»، خرجت «القاعدة» من جحورها واستدعت عناصرها المقاتلة فى مصر وتونس والجزائر ومالى ونيجيريا وجميع بلدان الساحل الأفريقى.. حتى إذا وضعت الحرب أوزارها، ذهبت «القاعدة» لتشكل ميليشيا خالصة لها أطلقت عليها اسم كتيبة أنصار الشريعة رافعة علم «القاعدة» بديلاً عن العلم الليبى. ظهر محمد على الزهاوى معرفاً نفسه بأنه قائد كتيبة لا جماعة، مؤكداً أنه لا يتبع تنظيم القاعدة وإن حمل الود والتقدير لزعمائه.. هكذا يفعل كثير من فصائل «القاعدة» بتوصية من «الظواهرى» نفسه حتى لا يتحمل التنظيم أعباء موالاته ل«القاعدة» مبكراً.. لكن فى تعريف «الزهاوى» بأنه زعيم لكتيبة معنى آخر.. هو أن الزعيم الحقيقى للجماعة أبوعياض التونسى الذى كُلف من «القاعدة» بزعامة فرع «أنصار الشريعة» فى كل من تونس وليبيا، على أن يظل الفرع خاضعاً لقطاع القاعدة فى شمال وغرب أفريقيا الذى يتزعمه أبومصعب عبدالودود، أمير قطاع «القاعدة» فى بلاد المغرب والساحل الأفريقى. رصدت المخابرات الأمريكية شبكة الجمال وتبين أن وراءها تنظيماً عُرف فيما بعد بخلية مدينة نصر بعد رصد عادل عوض شحتو، الذى اتخذ اسماً حركياً ليقابل بسام الدمياطى لنقل الأسلحة إلى سيناء، بعدها كُشف أمر التنظيم وألقت أجهزة الأمن المصرية القبض على غالبية عناصره قبل تنفيذ مخططاتهم. وبعدها، رصدت أجهزة مخابراتية اجتماعاً سرياً بين زعماء «القاعدة» المحليين فى سرت حضره «أبوعياض» وممثلون عن تنظيم أنصار الشريعة فى أفريقيا وبلاد المغرب العربى وجبهة النصرة وضعت فيه استراتيجية «القاعدة» الجديدة فى المنطقة بعد الإطاحة بتنظيم الإخوان فى مصر. بدأ تنفيذ المخطط بعدها؛ حيث استُهدف الأقباط المصريون فى ليبيا قتلاً وخطفاً وتمثيلاً بالجثث.. توجهت أصابع الشهود المصريين إلى «أنصار الشريعة» التى كثرت أعدادها فجأة بعد جلب مقاتلى «القاعدة» من الساحل الأفريقى للانضمام إليها.. وأوكلت لغرفة الثوار خطف الدبلوماسيين المصريين.. ثم ظهرت بعدها ميليشيات جديدة قيل إنها فى طور الإعلان عن نفسها قريباً.. قد تفرض على النظام المصرى الخروج من حدوده فى محاولة منه للتخلص منها قبل أن يستفحل خطرها.. حسبما توقع مراقبون. تتحدث التقارير عن القائد الفعلى للميليشيات الجديدة، وهو نفسه «أبوعياض» الذى خطط لعدد من الهجمات وعمليات الاغتيال فى ليبيا، ومن بينها الهجوم على البعثة الدبلوماسية الأمريكية فى بنغازى وقتل السفير وثلاثة أعضاء آخرين فى البعثة. أطلقت وسائل الإعلام الغربية على «أنصار الشريعة» فى تونس مصطلح «الخزان» الذى يتكدس بالتكفيريين لحساب «القاعدة» فى العالم، ومنه ينطلقون للانخراط فى تنظيمات القاعدة فى كل مكان. اسمه الحقيقى سيف الله بن حسين، مولود فى 8 نوفمبر 1965 فى منزل بورقيبة فى تونس، تعلم فى الغرب، إلا أنه تبنى أيديولوجية «الإخوان المسلمين» وانخرط فى صفوف حركة الاتجاه الإسلامى (النهضة)، وفرَّ بعدها من البلاد بعد قمع نظام زين العابدين بن على للحركات الطلابية الإسلامية عام 1987 فحُوكِم غيابياً بسنتين سجناً من قِبل المحكمة العسكرية بتونس بتهمة المشاركة فى الاحتجاجات. حط رحاله فى المغرب والتحق بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية فى جامعة وجدة، وهناك تزوج مغربية. وقبيل أحداث الحادى عشر من سبتمبر، قررت «القاعدة» التخلص من عدوها اللدود فى أفغانستان، أحمد شاه مسعود، تحسباً لما قد تنجم عنه الأحداث؛ فأرسلت عنصرين ادعيا أنهما صحفيان يريدان إجراء حوار مع «مسعود» ففجرا نفسيهما فيه بمجرد الاقتراب منهما.. لقد كانت الكاميرات مفخخة.. توجهت أصابع الاتهام إلى «أبوعياض» التونسى. فى 2011، خرج «أبوعياض» من السجن فى إطار عفو عام بعد الثورة التونسية، فأسس تيار أنصار الشريعة، الذى يقوده هو مع «أبوأيوب» والخطيب الإدريسى. سرعان ما هيكل جماعته ونظمها وسرعان ما اغتيل المعارضان السياسيان شكرى بلعيد ومحمد البراهمى، وبدأت بعدها سلسلة من الهجوم على عدة مراكز شرطية فقررت الحكومة التونسية اعتبار جماعة «أبوعياض» منظمة إرهابية. توترت الأجواء التونسية وقررت الشرطة اعتقال «أبوعياض»، إلا أنه استطاع الهرب فى كل مرة.. حتى بعدما طوَّقت القوات الخاصة مسجد الفتح أثناء إلقائه خطبة بداخله استطاع أنصاره تهريبه أمام عدسات المصورين، فر هذه المرة إلى ليبيا؛ حيث فرع «أنصار الشريعة» هناك، فعقد عدة اجتماعات مع أفرع جماعته ليضعوا استراتيجية «القاعدة» فى مرحلة ما بعد «الربيع العربى».