سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
أمين عام «الأعلى للثقافة»: مؤامرات الكون لم تكن لتنجح فى المجىء ب«مرسى» والإخوان للحكم لو كان الشعب مثقفاً د. سعيد توفيق فى ندوة «الوطن »: علاقة بعض المثقفين بالوزارة «فاسدة» وقائمة على «الانتهازية»
قال الدكتور سعيد توفيق، الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة، إن علاقة بعض المثقفين بالمجلس ووزارة الثقافة علاقة فاسدة، قائمة على الانتهازية، وإن هؤلاء هم من يسيطرون على كافة نشاطات المجلس، ويحصلون على الجوائز ويكرّمون فى المهرجانات، مشيراً إلى أن أعضاء المجلس، من أساتذة الجامعات، حوّلوا المجلس إلى قاعة للمحاضرات، وكثير من المثقفين المشهورين لا قيمة لهم الآن. واعتبر «توفيق»، فى ندوة «الوطن»، أن البعض حصل على عضوية المجلس الأعلى للثقافة ظناً منهم أنها سبوبة، وأن البعض الآخر اتخذ من العضوية واجهة اجتماعية ترفعه إلى مصاف المثقفين، موضحاً أن تغييب الثقافة هو السبب فى وصول «مرسى» وحكومته للحكم، وأن مؤامرات الكون لم تكن لتنجح فى ذلك لو كنا شعباً مثقفاً، لافتاً إلى أن دور المجلس الأعلى للثقافة غُيّب خلال عقود طويلة، وأنه أعد مشروع قرار، ينتظر الرئيس الجديد لإقراره، يُعيد للمجلس دوره فى وضع السياسات الثقافية وتنفيذها، مؤكداً وجود أزمة حقيقية فى توفير دعم لمنح التفرغ، وهو ما يهدد بإلغائها هذا العام. ■ كيف تصف العلاقة بين وزارة الثقافة والمثقفين؟ - هناك فئة ممن يطلقون على أنفسهم «المثقفين»، كانت علاقتهم بوزارة الثقافة قائمة على نوع من الانتهازية، نتيجة عقود طويلة من المنفعة القائمة على المنع والمنح، وهو ما أسس علاقة فاسدة نتجت عن ميراث طويل من العلاقة الفاسدة بين وزارة الثقافة وهؤلاء المثقفين، الذى شكلوا «شلة» مهيمنة على جميع النشاطات، كانت هى التى تحصل على الجوائز والمنح، وهى التى تُقام لها المهرجانات والاحتفالات، وهى التى تُكرّم فى جميع المناسبات، وهذا النوع لا أعتبره مثقفاً حقيقياً، لأن المثقف الحقيقى يجب أن يكون وطنياً، ولا يمكن عزل الثقافة عن الهوية، فالمبدع لا بد أن تكون له دوافعه المجردة عن أى مصالح شخصية فى خدمة هذا الوطن، فتلك الفئة القليلة التى كانت تتدخل فى هذه المنظومة ما زالت هى نفس الفئة التى تحاول أن تقوم بنفس الدور، وهو الأمر الذى أسميه «الابتزاز»، وإن لم تحقق رغبة أحد من هؤلاء يتطاول عليك ويشن عليك حرباً. ■ شهد المجلس مؤخراً محاولات «تسييس اللجان» وظهر بعض شباب الأحزاب والحركات الثورية ببعض لجان المجلس. - فى تشكيل اللجان لم أتدخل إلا فى اختيار المقررين، وراعيت أن يكون اختياراً موفقاً، وبالطبع كانت هناك نسبة من الخطأ، وتركت للمقررين حرية الاختيار بضوابط، ونبهت على ضرورة الالتزام بها، ومن تلك الضوابط أن يكون من يتم اختياره ذا سيرة ذاتية جيدة وله إسهامات فى الحياة العلمية، وأن يراعى التمثيل من القاهرةوالمحافظات، إلى جانب تمثيل مختلف الفئات العمرية، أما فيما يتعلق بشباب الثورة فمن حقهم أن يكونوا جزءاً من الحياة الثقافية، وشرطى الوحيد كان أن يخلع هؤلاء عباءتهم خارج المجلس الأعلى للثقافة، فهم لهم إسهامات ما فى الحياة الثقافية ولا ننتظر أن تكون لهم إسهامات كبيرة. ■ كيف نستطيع إعادة المجلس لمساره الذى أنشئ من أجله ليكون منارة للثقافة تشع من مقره بدار الأوبرا لمختلف المحافظات وليس مجرد مقر للندوات والمؤتمرات؟ - تلك هى الرؤية التى نعمل على تحقيقها، فليس معنى وجود بعض أساتذة الجامعة فى اللجان أن يحولوا المجلس لقاعة للمحاضرات، فهى ليست امتداداً للأقسام العلمية فى الجامعات، فالمطلوب هو الاهتمام بالقضايا الراهنة التى تشغل المواطن البسيط، والانطلاق بها خارج أروقة المجلس، وهو ما التزمت به بعض اللجان. ■ من المفترض أن يكون المجلس واضعاً للسياسات وعلى باقى قطاعات الثقافة تنفيذها وهو ما لا يحدث.. فما سبب ذلك؟ - أؤيدك فى القول بأن هذا هو الدور الأصلى للمجلس، الذى أُغفل عبر عقود طويلة، لكن المجلس أنشئ لرسم سياسات، وقد تقدمت للوزير بمشروع مر بمراحل طويلة بالمجلس ولجانه حتى خرج بمشروع قرار لتعديل قانون إنشاء المجلس، الذى وضع فى 1980 ولم يفعّل، ولا يقتصر المشروع الجديد على وضع السياسات بل على تنفيذها، وأن تكون تلك السياسات ملزمة لكافة قطاعات الوزارة، فتلك السياسة رؤية يجب العمل على تنفيذها. ■ ولكن هذا يعيدنا لإشكالية أن أسماءً بعينها تحتكر لجان المجلس.. فكيف نتجنب ذلك فى مشروع القرار؟ - نتجنب ذلك بأن تكون الغلبة للمثقفين على المعينين بوظائفهم، فبعض رؤساء اللجان مثقفون، والبعض الآخر علاقتهم بالثقافة أنهم أساتذة جامعات ولا يُحسبون على المثقفين. ■ وأين وصلنا بهذا المشروع؟ - انتهيت بالفعل من إعداد مشروع القرار، ويتبقى رفعه إلى الحكومة لمناقشته ومراجعته، ومن ثم يُعرض على رئيس الجمهورية لإقراره، لأن ما يصدر بقرار جمهورى لا يعدّل إلا من خلال قرار جمهورى آخر، ولا أعتقد أن فى المرحلة المرتبكة التى نعيشها من الممكن تعديل القرار، لذا فنحن مضطرون لانتظار الرئيس القادم لإقرار المشروع. ■ حينما طُرحت فكرة إعادة تشكيل اللجان قوبلت بالرفض والهجوم.. ألا تخشى أن يُقابل مشروع القرار بالمثل؟ - لم أعد هذا المشروع منفرداً، حيث ساهمت فيه لجنة مشكلة بقرار وزارى عملنا عليه لأكثر من عام ونصف العام قبل عرضه على المجلس العسكرى أثناء حكمه، وهوجمنا بسبب ذلك؛ باعتبارنا نعطى سلطة للمجلس العسكرى، ثم جاء «مرسى»، وبالطبع لم يكن من الممكن عرض المقترح على من يحاولون هدم الثقافة، فكيف سيقبلون مقترحات لتطويرها؟ أما فيما يتعلق بالهجوم على تشكيل اللجان فهو أمر لا بد منه فى كل زمان ومكان، أن نرفض التغيير وحتى أرد على الهجوم سأقول لكم كيفية اختيار اللجان، فقبل ذلك كان الاختيار بالتعيين، وهو ما تغير فى عهد وزير الثقافة الأسبق عماد أبوغازى، بأن يكون الاختيار بالانتخاب، وهو ما خلق نوعاً من أنواع التربيطات لحماية المصالح، وقناعتى الشخصية -وليغضب من يغضب- أنا ضد الانتخاب فى المسائل الفكرية والعلمية، وما حدث فى الجامعات مهزلة، خاصة أن الانتخاب حدث دون ضوابط. ■ هل ترى أن نظام الانتخاب أثبت فشله فى المجلس الأعلى للثقافة؟ - بالطبع فشل فشلاً ذريعاً، لذا كان تشكيل اللجان السابق هو الأسوأ على مر تاريخ المجلس، كان يأتى إلىّ مقررون يقولون لى أنقذنا لأجل الله، وشُكّلت لجان جديدة نتيجة لأن بعض العناصر التى دخلت لا علاقة لها بالثقافة. هل تتخيلوا أن أحد الشعراء، الذى لا ذكر له، وأنا شخصياً لم أسمع عنه من قبل، يهددنى باللجوء للنيابة ووسائل الإعلام والاعتصام إذا لم ينضم للجنة الشعر بعد تشكيلها، وفى نفس الوقت يعتذر مبدعون بحق مثل صنع الله إبراهيم ومحمد المخزنجى، فهؤلاء لديهم مشروع إبداعى حقيقى بعيد عن خرافات الانتخاب. ■ هل ترى أن البعض اتخذ من المجلس الأعلى للثقافة سبوبة؟ - المشكلة أن المجلس لا يمكن أن يكون سبوبة، فمن هرولوا للانضمام للمجلس كانوا يعتقدون أن المكافأة بالآلاف، ولا يعرفون أن إجمالى ما يتقاضونه عن الجلسة 78 جنيهاً، والاجتماع مرة واحدة فى الشهر، ويجب أن يكون أعضاء تلك اللجان متطوعين، ولكن للأسف البعض يسعى للانضمام حتى يكتب فى كارت العمل عضو المجلس الأعلى للثقافة، وهو ما يرفعه لمرتبة المثقفين. ■ يرى البعض أن اضطلاع المجلس الأعلى للثقافة بطباعة بعض الكتب هو أمر خارج مسئولياته.. خاصة أنه يعجز عن توزيع تلك المطبوعات؟ - أولاً من يرددون أن هذا ليس دور المجلس هم فى الحقيقة ينتقصون من دوره، لأنك عندما تجد باباً للنشر يجب ألا تغلقه، وهو فى مصلحة النشر، والأهم أن تنسق بين النشر فى القطاعات المختلفة، وشهادة الكاتب الكبير جمال الغيطانى هى خير دليل، حيث أكد أن ما ينشره المجلس من أفضل ما يُنتج فى مختلف القطاعات، وكيف لا ينشر المجلس الثقافة؟! ومن يقول إن طباعة الكتب هى مسئولية هيئة الكتاب؟ فماذا عن قصور الثقافة والمجلس القومى للترجمة، وغيرهما من قطاعات الوزارة؟. ■ هل هناك مشكلة تتعلق بمنح التفرغ هذا العام؟ - تلك مشكلة كبرى بكل المقاييس، وهناك صعوبة هذا العام فى توفير قيمة منح التفرغ فى ظل الأزمة المالية التى نعانى منها، وطالبنا وزارة المالية بتوفير قيمة منح التفرغ فأحالتنا إلى صندوق التنمية الثقافية، الذى يعانى بدوره أزمة مالية نتيجة رفض وزارة الآثار دفع حصتها للصندوق، وعاتبنى وزير الثقافة لإعلانى عن منح التفرغ فى ظل هذا الظرف الملتبس الذى نعانى منه، وما زلنا ندور فى حلقة مفرغة، ونتمنى ألا نضطر لإلغائها هذا العام، وإن كنت مع ضرورة أن تقنن منح التفرغ حتى نستفيد منها بشكل جيد ونتلافى المجاملات فى هذا السياق، واللوائح يجب أن يُعاد النظر فيها، وأن تكون أكثر صرامة، وعلى الرغم من أنى المسئول عن تغيير تلك اللوائح مع وزير الثقافة، فإننى لا أستطيع هدم المجلس وإعادة بنائه فى يوم واحد، فالأمر فى حاجة لكتيبة وليس فرداً، لتلافى سلبيات المجلس وتراكماته على مر العقود. ■ نجحت بعض المؤسسات غير الرسمية فى كسر حاجز إحجام البسطاء عن المؤسسات الثقافية.. فهل نستطيع عقد بروتوكول تعاون مع تلك المؤسسات؟ - لدىّ إيمان شخصى بأهمية الابتعاد عن المؤسسات الرسمية للوصول بالثقافة للبسطاء فى مختلف الربوع، ولكن لا أستطيع فعل كل ذلك وحدى، ولأن الفترة الحالية مضطربة والحكومة لا تضع الثقافة على أولويات أجندتها، فالثقافة ليست ترفاً وليست مجرد متعة وتسلية ومهرجانات، فليس معنى أنى أضع الأمن على رأس أولوياتى أن أنسى الثقافة، وينبغى ألا ننسى أن ما حدث خلال الفترات السابقة سببه تغييب الثقافة، فحكومة الإخوان ومرسى نتاج طبيعى لتغييب الثقافة، فعلى الرغم من وجود مؤامرات داخلية وخارجية فإن مؤامرات الكون لم تكن لتنجح فى الإتيان بالإخوان إذا ما كان هناك قدر كافٍ من الثقافة لدى الشعب.