شكواك تحاصرك، تثقل كاهلك، فيدفعك غياب الحل للذهاب إلى قصر عابدين، لا تعرف السبيل للوصول إلى الشباك الذى يقدم فيه المواطنون مظالمهم، من التاسعة صباحاً وحتى الثانية ظهراً، لكن «فرشة» صغيرة أمام الحديقة المتاخمة لديوان المظالم، تقوم عليها سيدة منتقبة ترفض الكشف عن اسمها، تساعد القادمين فى ملء طلباتهم، بطريقة تقنع بها أصحاب الشكاوى بأنها ناجحة، وتأخذ عن كل ورقة خمسة جنيهات. ترفض السيدة «أ» الوجود وسط المترددين على ديوان المظالم، وتصف ما تفعله بأنها تقوم بوظيفة «كاتبة»، ويساعدها فى ذلك عامل نظافة، ويبدو الاثنان وكأنهما «عرضحالجى» الذى يوجد أمام مقار المحاكم، لملء الأوراق والمستندات الرسمية للمترددين عليها. الورقة مكتوب عليها «اللجنة الشعبية العامة لخدمة رواد ديوان المظالم»، وعلى يسارها شعار مكتوب عليه «ثورة 25 يناير»، ويختصر النموذج مواضيع التظلم فى مجالات أربعة: الإسكان، كشك، وظيفة، معاش. لكنها تفتح نافذة طويلة، إن كان لمقدم الشكوى مأرب آخر، غير تلك المحددة فى النموذج. يقف الرجال بجوارها، تحاول فهم مشكلاتهم، وتقول إنها تتواصل مع السيدات والرجال، وتكتب للجميع، أحدهم جاء لها أكثر من 4 مرات، وما زالت تكتب له الشكوى بطريقة مختلفة، لعل وعسى تغيير الأسلوب يفيد فى حل المشكلة، على حد رؤية المنتقبة وصاحب المظلمة، المتعلق بشربة ماء، فى وسط صحراء قاحلة. وتقول المنتقبة: إن المقابل رمزى، ولا يعد شيئاً، وتشير إلى أن 80% من الطلبات تتعلق برغبة الكثيرين فى الحصول على سكن خاص، وال20% المتبقية طلبات متنوعة، ذوو الإعاقة أصحاب الحظوة الكبرى فيها. وتتحدث عن أغرب ما قابلت فى الطلبات، تلك الطلبات التى اختصت بضباط سابقين جاءوا لتقديم شكاوى تفيد تعرضهم لاضطهاد فى أماكن عملهم، الأمر الذى أفضى لفصلهم تعسفياً، فيقدمون طلبات، من شأنها أن تعيد لهم بعضاً من حقوقهم. كما لفتت النظر إلى طلبات خاصة، لا يمكن البت فيها، سوى عبر الرئيس مرسى شخصياً؛ حيث يقدم البعض طلبات للعفو الرئاسى عن المساجين والمحكوم عليهم عسكرياً.