على هامش زيارته لدولة «تشاد» أكد رئيس الوزراء المهندس «إبراهيم محلب» أن رفع أسعار الغاز الطبيعى يستهدف دعم الفقراء، وأن شهر مايو المقبل سيكون شهر انطلاقة ومصارحة للشعب، وقال إن الرهان فى ضبط الأسعار سيكون من خلال الضمير الوطنى. تصريحات تستحق وقفة نبدأها بالمرور السريع على حكاية أن رفع أسعار الغاز يستهدف دعم الفقراء، دعونا نصدق ذلك. فربما كانت الحكومة تنوى ضخ عوائد الزيادة فى تطوير الخدمة التعليمية أو تحسين مستوى الرعاية الصحية التى تقدمها لفقراء هذا الوطن الذين يستحقون الدعم، وقد ذكر رئيس الوزراء فى تصريحاته أن 49% من المصريين فقراء من الضرورى أن يستظلوا بمظلة الدعم. شهر مايو سوف يكون شهر انطلاقة.. هكذا قال رئيس الوزراء. والسؤال: هل البدء فى رفع الدعم عن السلع والخدمات هو المنصة التى سوف ينطلق منها الاقتصاد المصرى؟ قد يشكل ذلك حلاً للحكومة ويساهم فى حل مشكلة العجز فى الموازنة، لكنه فى المقابل سيجعل المواطن فريسة لارتفاع الأسعار؛ فرفع فاتورة الغاز الطبيعى، على سبيل المثال، أمر قد لا يشعر به المواطن على مستوى الفواتير الشهرية التى يدفعها مقابل استهلاكه، لكن من المؤكد أن هذا القرار سيكون له مردود سلبى على أسعار السلع والخدمات التى يحصل عليها المواطن بداية من ساندوتش الفول وانتهاء بأعقد السلع التى يدخل الغاز الطبيعى ضمن مكوناتها الإنتاجية. فصاحب المشروع سوف يحمّل المواطن أية زيادات فى أسعار أدوات إنتاجه، وهو فى النهاية لن يضار شيئاً، خصوصاً فى ظل معادلة الاحتكار التى تحكم إنتاج وتوفير الكثير من السلع فى مصر. الضرر الأكبر سوف يقع على المواطن عندما تلتهب أسعار كل شىء. هذا الكلام مفهوم ومعلوم للجميع بمن فيهم رئيس الوزراء الذى تثبت تصريحاته أنه واعٍ مثل أصغر مواطن بأن رفع الدعم سوف يؤدى إلى اشتعال الأسعار. وقد ذكر أن الحكومة تراهن فى مواجهة هذه المشكلة على «الضمير الوطنى». وهو يقصد بالطبع «الضمير الوطنى» للمنتج والتاجر والبائع. والواضح أن الحكومة لا تريد إزعاج أصحاب المال والأعمال ولا تريد الضغط عليهم بأية إجراءات قد تؤدى بهم إلى الضجر منها، إنها تتكل على «ضميرهم الوطنى» وتأمل أن يستيقظ هذا الضمير ولا يدفع هؤلاء إلى رفع الأسعار على المواطن المسكين. ولغة «الرهان» التى تحدث بها محلب عن هذا الموضوع تدل على أنه مطمئن إلى الارتكان على حكاية «الضمير» تلك، الأمر الذى يؤشر إلى أن الرجل واثق من أن رفع الدعم لن يدفع المنتجين ولا التجار إلى رفع أسعار السلع والخدمات، وبالتالى فسوف يمر الأمر بسلام ويتحمل المواطن بعض الأعباء الإضافية المحدودة من خلال رفع أسعار الفواتير التى يدفعها ودمتم. ويذكرنى هذا الموقف للمهندس «محلب» بمثل مصرى شهير يقول «غراب ضمن حداية.. الاتنين طايرين»!