فى مطلع شهر فبراير الماضى، كان رئيس وزراء ليبيا الأسبق محمود جبريل، يتحدث إلى صحيفة «الحياة» اللندنية، عشية الذكرى الثالثة للإطاحة بحكم العقيد القذافى، حين رسم صورة قاتمة للأوضاع فى بلاده، معتبراً أن تلك الأوضاع «تهدد وحدة ليبيا، وسيادتها، وتدفعها إلى التحول لمشكلة أمن قومى لجيرانها». وقد كانت تحذيرات جبريل مباشرة وقاطعة؛ إذ أكد بوضوح أن «هناك من يخطط لاستعادة مصر عن طريق ليبيا»، مشيراً إلى عمليات «تهريب مال ورجال وسلاح» عبر الحدود بين البلدين. مرت تصريحات جبريل الخطيرة مرور الكرام، لكن ثمة من أعاد التذكير بها، مشيراً إلى أهميتها للأمن القومى المصرى، خصوصاً أن الحدود التى تربط مصر بليبيا تمتد إلى نحو 1050 كيلومتراً، والأوضاع هناك كما نعلم جميعاً تتسم بالانفلات التام وسيطرة الميليشيات. جاء التحذير الثانى من بعيد.. من موسكو؛ إذ نقلت وكالة أنباء «إيتار تاس» الروسية عن وزير الدفاع الروسى سيرجى شويجو، مطلع شهر أبريل الحالى، قوله إن بلاده رصدت انتقال إرهابيين، من الذين قاتلوا فى ليبيا، إلى الأراضى المصرية. تتابع الأجهزة الاستخباراتية الروسية نشاط الإرهابيين فى منطقة الشرق الأوسط عن كثب، وتعتبر أن تلك المتابعة جزء من عملها الأساسى فى حماية الأمن القومى الروسى؛ إذ ترتبط معظم الجماعات الإرهابية والتكفيرية فى المنطقة بوشائج قوية واتصالات وأنماط تعاون مع تنظيمات إرهابية تنشط فى منطقة القوقاز، وتهدد روسيا تهديداً مباشراً. لكن الخبير فى معهد الاستشراق بموسكو ألكسندر فاسليف أعطى بُعداً آخر لهذا التحذير، حين ربط فى تصريحات لصحيفة «اليوم السابع»، فى الأول من أبريل الحالى، بين تنظيم «الإخوان» وتلك الجماعات الإرهابية التى تنتقل من ليبيا إلى مصر. يرى «فاسليف»، وفق تلك التصريحات، أن بعض تلك الجماعات يدعم تنظيم «الإخوان»، ويشعر بعدم الرضا عما يحدث للتنظيم وأعضائه على يد السلطات المصرية، لذلك فإن «تلك الجماعات ستسعى إلى القيام بعمليات إرهابية لزعزعة الأوضاع فى مصر، وإشاعة أجواء الفوضى وعدم الاستقرار». فى يوم 17 فبراير الماضى، حلت الذكرى الثالثة لبدء الحراك الليبى الذى أطاح بالقذافى، وأنتج الأوضاع الراهنة التى تعيشها ليبيا، وفى هذا اليوم بالذات، نشر موقع «24» الإماراتى تصريحات مهمة للدكتور ناجح إبراهيم، القيادى السابق فى الجماعة الإسلامية، والرجل الذى أخذ على عاتقه مهمة مراجعة الفكر التكفيرى، ومحاولة إظهار الوجه السمح للإسلام، بعدما انخرط فى مستهل حياته فى العمل التنظيمى لإحدى أهم الجماعات المقاتلة فى تاريخ مصر والمنطقة. قال الدكتور ناجح، فى تلك التصريحات، إن القيادى الجهادى ثروت صلاح شحاتة أسس ثلاثة معسكرات على الحدود الليبية- المصرية، بالتنسيق مع زعيم «القاعدة» أيمن الظواهرى، ولم يستبعد أن يكون هناك ما سماه «التقاء مصالح» بين التكفيريين و«الإخوان»، يتمثل فى الرغبة المشتركة فى هدم الجيش والشرطة فى مصر، وإن أشار إلى عدم امتلاكه معلومات عن تورط مباشر ل«الإخوان» فى ذلك الصدد. لكن يوسف بودانسكى، المحلل السابق بالكونجرس الأمريكى، نشر تقريراً، الأسبوع الماضى، فى صحيفة «وورلد تريبيون» الأمريكية، أشار فيه إلى «مؤامرة تستهدف تخريب الانتخابات الرئاسية المصرية المقبلة»، عبر عمليات إرهابية، تنفذها عناصر قادمة من ليبيا، بتنسيق ودعم من كل من تركيا وقطر وأجهزة استخبارات أخرى. تتوافر دلائل عديدة على مخاطر وتهديدات جدية يمكن أن تصيب مصر عبر الحدود الليبية، عشية الانتخابات الرئاسية، خصوصاً أن «الإخوان» وقطر وتركيا وبعض الدول والأجهزة الحاقدة الأخرى لن يستسلموا بسهولة لخروج مصر من النفق، واستكمالها تنفيذ استحقاقات «خريطة الطريق».. فماذا نحن فاعلون؟