مع بداية العام الدراسي الحالي، تصاعدت أزمة عجز المعلمين بالمدارس بمختلف المراحل التعليمية، خاصة المرحلة الابتدائية ورياض الأطفال، ما تسبب في حالة من الغضب بين المعلمين نتيجة زيادة نِصاب الحصص المدرسية. ولاحتواء الأزمة، أعلن الدكتور طارق شوقي وزير التربية والتعليم، في 7 أكتوبر 2019، فتح باب التعاقد ل120 ألف معلم لمدة عام تجدد لمدة 3 سنوات، وسيتم تعيينهم بعيدا عن الموازنة العامة للدولة، لعدم وجود بند بها لتثبيت المعلمين، مؤكدا أنّ المتاح للوزارة 1.6 مليار جنيه للتعاقد مع 120 ألف معلم من إجمالي 320 ألف معلم هم حجم العجز الكامل بالوزارة. وفي ظل صعوبة التعيينات الدائمة أو المؤقتة أحيانا في ضوء الموارد المتاحة، اصطدمت وزارة التربية والتعليم بأزمة عجز المدارس، وتسعى لحلها مع عدم تحمل الموازنة العامة للدولة أي أعباء مالية، من خلال خيارين الأول فتح باب التطوع بالتعليم، والثاني التدريس بالحصة. وفي الوقت الذي يراهن فيه وزير التربية والتعليم، على قدرة الوزارة في حل أزمة العجز بالمدارس، يبدي عدد من النواب تخوفاتهم من مقترحات الحكومة التي اعتبروها تفتقد الكفاءة وقد تضر بالعملية التعليمية. وأرسل الدكتور رضا حجازي، نائب وزير التربية والتعليم والتعليم الفني لشؤون المعلمين، خطابا إلى المديريات التعليمية لفتح باب التعاقد مع حاملي المؤهلات العليا للقيام بالعمل بنظام الحصة، على ألا تزيد سعر الحصة الواحدة عن 20 جنيها، مع التأكيد على عدم المطالبة مستقبلا بالتعيين على الموازنة العام للدولة. النائب هاني أباظة، وكيل لجنة التعليم بمجلس النواب، اعتبر فتح باب التعاقد مع المعلمين بالحصة أنّه تحايل من قِبل الحكومة لسد العجز بالمدارس، ولن يحل الأزمة بل سيكون له تأثير سلبي على العملية التعليمية. ويقول أباظة ل«الوطن»، أن التعاقد بالحصة ينطبق على نظام التطوع التي أعلنت عنه وزارة التربية والتعليم في فبراير الماضي، وكلها قرارات تقلل من قيمة المعلم، وينتج عنها وجود أشخاص لا يعلمون شيء عن مهنة التدريس. وكانت وزارة التربية والتعليم وجهت المديريات التعليمية بفتح باب التطوع أمام المؤهلات العليا التربوية، للعمل بمهنة التدريس في المدارس، بشروط إجراء مقابلة شخصية من خلال لجنة على مستوى الإدارة التعليمية في كل تخصص قبل الموافقة عليه، لضمان كفاءة المرشح للعمل من الجانب المعرفي وكذلك المهاري، وتدريبه وفقًا للمادة العلمية التي سيقوم بتدريسها والمرحلة الدراسية، اجتياز برنامج تأهيلي عبر التوجيه الفني بالإدارة. ويشير أباظة إلى أنّ هذه القرارات لن تحقق المطلوب منها وتؤثر على الشباب الذين يأملون في العمل بعد التخرج، كما أنّها تعد إفساد للعملية التعليمية، لأن من يعمل بالمجان لن يؤدي واجبه بكفاءة. ويرى النائب فايز بركات، عضو لجنة التعليم بمجلس النواب، أنّ هذه القرارات تعد سد خانة ولن تحقق أي نجاح في حل أزمة عجز المدارس ولن يكون له مردود على تطوير منظومة التعليم لأن المدرس يحتاج لحافز كي يؤدي دوره المطلوب على أكمل وجه. ويقول بركات، ل"الوطن"، إنّ تطبيق أنظمة مثل التطوع والتدريس بالحصة ستنعكس بالسلب على كفاءة العملية التعليمية، ولن يسد العجز في المدارس، لأن من يقدم عليه سيكون شباب الخريجين حديثا الذين يريدون اكتساب الخبرة لا أكثر. ويُمنح المتطوع شهادة تقدير عن الحد الأدنى لمدة العمل التطوعي، وشهادة خبرة بنهاية فترة عمله (عام دراسي) بمدارس وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني، وفق ما جاء في قرار التطوع للتدريس في التربية والتعليم. ويقترح بركات لسد عجز المعلمين فى المدارس، أن يكون التدريس في إطار الخدمة العامة لخريجي الجامعات بشرط أن يتبعها تعيين، أو إعادة تكليف خريجي كليات التربية بعقود وليس بالمجان. ويقول النائب محمد فؤاد، عضو مجلس النواب، ل"الوطن"، إنّ هذه القرارات لن تلقى قبولا لدى المواطنين، ولن تحل أزمة العجز بالمدارس، وتؤثر بالسلب على استقرار حياة الشباب الذي يضطر أن يعمل في أكثر من وظيفية لتغطية احتياجاته. وأعفت وزارة التربية والتعليم المتطوعين للتدريس والمتعاقدين بالحصة من المشاركة في أعمال الامتحانات، وهي وضع الامتحانات، أو المراقبة، وعدم تكليفهم بالإشراف اليومي في المدارس. ويقترح فؤاد تطبيق التدريس في نطاق الخدمة العامة مع تدريب الخريجين وفق برامج تعليمية لإكسابهم الخبرة والمهارة التي تؤهلهم للتدريس بالمراحل التعليمية المختلفة، والاعتماد عليهم فيما بعد. وتقول النائبة آمال رزق، عضو مجلس النواب، ل"الوطن"، أنّ نظام الحصة يندرج تحت سياسة التعامل بالقطعة مع المعلمين، ويتعارض مع تطوير منظومة التعليم، وتقليل من مكانة المعلم الذي يأمل في التعيين. وترجح رزق أن يتسبب القرار في عزوف المعلمين عن مهنة التدريس، والتوجه للدروس الخصوصية لضمان الحصول على مرتبات ثابتة تضمن له حياة كريمة، وعلى الحكومة التفكير في إيجاد حلول لحل أزمة عجز المدارس بما لا يؤثر على عملية تعيين معلمين جدد.