*لليوم الثاني.. خدمة Premium الجديدة بقطارات السكة الحديد "كاملة العدد"    رابطة الصحفيين أبناء الدقهلية تؤكد انحيازها التام لحرية الإعلام    دعمًا للأجيال الواعدة.. حماة الوطن يكرم أبطال «UC Math» في دمياط    وزيرة البيئة تتابع جهود البرنامج الوطني لإدارة المخلفات الصلبة    الاقتصاد المصرى يتعافى    وزير الطيران المدنى يشارك باجتماعات اللجنة التنفيذية لمفوضية دول أمريكا اللاتينية    أسعار البيض اليوم الجمعة 22 أغسطس    وزارة التخطيط ووكالة جايكا تطلقان تقريرا مشتركا حول 70 عاما من الصداقة والثقة المصرية اليابانية    نيكيتا خروتشوف يظهر فى صورة تجمع ترامب .. اعرف القصة    إدانة دولية واسعة لقرار إسرائيل بالموافقة على بناء مستوطنات بمنطقة E1 شرق القدس    رئيس الوزراء يؤكد موقف مصر الثابت الرافض لاستمرار الحرب الإسرائيلية على غزة    الخارجية الأمريكية تعلن بدأ إدارة ترامب مراجعة 55 مليون تأشيرة    إعلام إسرائيلي: إقالة 15 ضابطا بعد توقيعهم على عريضة لإنهاء حرب غزة    عائلات المحتجزين: ندعو لوقفة احتجاجية قبالة مقر نتنياهو    تحليل: إيران وقوى أوروبية تناقش المحادثات النووية والعقوبات    3 ملامح فنية.. كيف ضرب الزمالك خصمه ب 7 تمريرات فقط؟ (تحليل)    تشكيل تشيلسي المتوقع أمام وست هام يونايتد.. بيدرو يقود الهجوم    محمود ناجي يدير مباراة السنغال وأوغندا في ربع نهائي أمم افريقيا للمحليين    نجم الزمالك السابق: ألفينا يذكرني ب دوجلاس كوستا    ناشئو وناشئات الطائرة يتوجهون إلى تونس بحثًا عن التتويج الإفريقي    ناقد رياضي: بن رمضان اللاعب الأكثر ثباتًا في الأهلي.. ومواجهة المحلة صعبة    اغتصب سيدة أمام زوجها بالمقابر.. تفاصيل إعدام "إسلام"بعد 5 سنوات من التقاضى    إصابة 6 أشخاص من أسرة واحدة فى حادث انقلاب سيارة فى ترعة ببنى سويف    إغلاق "الثقب الأسود" بالهرم بعد شكاوى مواطنين عن وجود متسولين.. صور    رئيس مدينة طهطا يتفقد مصابي حادث انهيار منزل بقرية الشيخ مسعود بسوهاج    «الأرصاد» تكشف حالة طقس غدًا السبت |إنفوجراف    الداخلية تكشف تفاصيل اقتحام منزل والتعدي على أسرة بالغربية    محمد رمضان يساند أنغام ويهديها أغنية على مسرح بيروت    مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي يعلن لجنة تحكيم الدورة ال32    ثائرٌ يكتُب    مصر تكتشف مدينة أثرية كاملة تحت الماء    وزير الثقافة يستقبل وفد الموهوبين ببرنامج «اكتشاف الأبطال» من قرى «حياة كريمة»    الحبس عامين ل تارك صلاة الجمعة بماليزيا.. أحمد كريمة يوضح الرأي الشرعي    للقضاء على قوائم الانتظار.. الانتهاء من 225 عملية متنوعة بمستشفى العريش    تهيئة نفسية وروتين منظم.. نصائح هامة للأطفال قبل العودة إلى المدارس    أستاذ بالأزهر: مبدأ "ضل رجل ولا ضل حيطة" ضيّع حياة كثير من البنات    ما الواجب على من فاته أداء الصلاة مدة طويلة؟.. الإفتاء توضح    للرزق وتيسير الأمور.. دعاء يوم الجمعة مستجاب (ردده الآن)    الإسكندرية السينمائي يحتفل بمئوية سعد الدين وهبة ويكرم نخبة من أدباء وشعراء مدينة الثغر    وزيرة التنمية المحلية تستعرض تقريرًا حول مشروع التنمية العمرانية بمدينة دهب    منير أديب يكتب: اختراق أم احتراق الإخوان أمام السفارات المصرية بالخارج؟    نيوكاسل يطارد المهاجم النرويجي ستراند لارسن.. وولفرهامبتون في معركة للحفاظ على نجم الهجوم    محافظ أسيوط يسلم جهاز عروسة لابنة إحدى المستفيدات من مشروعات تمكين المرأة    غدًا.. إعلان نتيجة التقديم لرياض أطفال والصف الأول الابتدائي بالأزهر| الرابط هنا    «زي النهارده«في 22 أغسطس 1945.. وفاة الشيخ مصطفى المراغي    «زي النهارده» في 22 أغسطس 1948.. استشهاد البطل أحمد عبدالعزيز    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الجمعة 22 أغسطس 2025    كيف يتصدى مركز الطوارئ بالوكالة الذرية لأخطر التهديدات النووية والإشعاعية؟    لو بطلت قهوة.. 4 تغييرات تحدث لجسمك    النصر يستعيد نجمه قبل نهائي السوبر    «خير يوم طلعت عليه الشمس».. تعرف على فضل يوم الجمعة والأعمال المستحبة فيه    صفات برج الأسد الخفية .. يجمع بين القوه والدراما    إحالة أوراق المتهم بقتل أطفاله الأربعة في القنطرة غرب إلى مفتي الجمهورية    تعليم الجيزة تواصل أعمال الصيانة والتجديد استعدادا للعام الدراسي الجديد    فطور خفيف ومغذ لصغارك، طريقة عمل البان كيك    «هتسد شهيتك وتحرق دهونك».. 4 مشروبات طبيعية تساعد على التخسيس    أزمة وتعدى.. صابر الرباعى يوجه رسالة لأنغام عبر تليفزيون اليوم السابع    أثناء الاستحمام.. وفاة شخصين غرقًا في نهر النيل بدار السلام بسوهاج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ترويض السيول
نشر في الوطن يوم 12 - 04 - 2014

في المناطق الجافة ذات الطبيعة الجبلية، نادراً ماتتساقط الأمطار لفترات قصيرة، قد تستمر لدقائق أو لساعات متقطعة خلال النوات الموسمية أو الغير موسمية. ولأن المناطق الجبلية ، مثل الصحراء الشرقية و سيناء، تتميز جبالها بطبيعتها الصلده الغير مسامية، فإن المطر يجري علي اسطح الجبال ليتجمع قي الوديان الضيقة، ليصبح سيل عنيف له قوه تدميرية كبيرة ويستطيع أن يكتسح ما يصادفه في طريقه. حدث ذلك كثيرا، ولكن ذاكرة سكان المناطق الجبلية تحتفظ ببعض الذكريات الغير سعيدة والتي سببتها السيول، مثلا سكان مدينة القصير علي البحر الأحمر يذكرون جيدا سيول عام 1979، والتي هدمت البيوت وشردت وقتلت البعض. حتي أنهم بعد هذا التاريخ رفعوا منازلهم بضع عتبات عن مستوي الوادي. وشهد العام الحالي تأثيرات سلبية للسيول شملت أغلب صعيد مصر والصحراء الشرقية.
ولكن سكان الصحراء الغربية لم يكابدوا نفس المشقة بسبب السيول. ذلك لسببين، أولهما أن الصحراء الغربية صخورها ذات مسامية عالية، وتسمح للأمطار بالتسرب إلي الخزان الجوفي، وثانيهما أن التضاريس منخفضة ومنبسطة في أكثر مناطق الصحراء الغربية، وكما نعلم فإن الأمطار تزداد في المناطق الجبلية.
والقرآن يشرح لنا هذه الحقيقة بأيات بليغة تحمل إشارات يقينية للإعجاز العلمي، وهي "وأرسلنا الرياح لواقح فأنزلنا من السماء ماءً". وأهل اللغة يقولون أن حرف الفاء في كلمة "فأنزلنا" يسمي فاء الشرطية، أي أنه إن لم نرسل الرياح لتلقح السحاب، فلن ينزل المطر. والإعجاز في الأية الكريمة يتركز في أن الجبال العالية تقف مصد أمام الرياح والتي بالضرورة تكون محملة بالأتربة العالقة دقيقة الحجم. عندما تصطدم الرياح بالجبال، تصعد إلي أعلي علي صورة تيارات هوائية لتلاقي السحاب. عندها يبداء الماء في السحاب بالتجمع حول ذرات التراب العالقة في الرياح لتحفز المطر.
أدرك العالم المتقدم هذه العلاقة بين الرياح والمطر، وابتكر عمليات الإستمطار الصناعي، وذلك برش رزاز بعض المواد مثل نترات الفضة أو المواد الغروية العالقة داخل السحاب، ليحفز المطر. يتم ذلك عن طريق الرش بالطائرات داخل السحاب أو تفجير صواريخ مصممة لهذا الهدف ومحملة بالمحفزات. التجارب الناجحة للإستمطار الصناعي عديدة، فمنها مثلا ما قامت به بلدية موسكو وأيضا الصين قبل إفتتاح الأوليمبياد، كما قامت مدينة دبي بتجربة ناجحة وأنزلت المطر في شهر أغسطس الشديد الجفاف. أثير جدل حول أخلاقيات عمليات الإستمطار، حيث يعتبرها البعض نوع من القرصنة، لأن دولة ما تجبر السحاب علي إفراغ حمولته في غير المكان الذي كان مقدراً له. علي العموم الإستمطار هو عملية مكلفة ولا تنجح في كل المحاولات، كما توجد لها تقنيات أخري غير ما ذكرت سابقا.
إذا، السيول في المناطق الجبلية هي مياه أمطار تساقطت بغزارة في فترة زمنية محدودة، لتتجمع في الوديان الضيقة لتسير مندفعة في إتجاه الأرض المنخفضة، لتصب بصورة نهائية في البحر أو المحيط. والحكومات المتتابعة كان همها الأكبر هو تجنب الأثار التدميرية للسيول، وذلك بعمل مخرات للسيول لتسهل إندفاع المياه للبحر دون عائق.
وقد تساهم المحليات بنشر العلامات الإرشادية لتحذر السيارات من مناطق السيول. ولكننا في كل الأحول نكون قانعين وممتنين عندما يمر السيل من بين يدينا إلي البحر دون أن يدمر أو يقتل. كان ينبغي أن نشعر بالخسارة لفقد كل قطرة ماء. كان ينبغي علينا أن نتدبر لنحتفظ بكل قطرة ماء، تماما كما يفعل إخواننا في الخليج العربي. لقد شيدت دولة الإمارات مئات السدود الركامية لتحفظ كل نقطة ماء من السيول ليتم الإسفادة منها أو لإتاحة الفرصة لشحن الخزان الجوفي.
أين نحن من هذا؟ يمكن أن نتفهم أن الحكومات المتتابعة منهكة ومنشغلة بما هو أهم، فأين إذا دور المجتمع المدني وأين دور سكان هذه المناطق؟ لا يمكن القول أن ما سوف يتم تخزينه عن طريق هذه السدود سيوفر الماء علي مدار العام. ذلك غير واقعي، ولكنه سيوفر كثير من الماء الذي إن تركناه فسيبتلعه البحر. كما أن تخزين المياه خلف السدود الركامية يتيح الزمن الكافي لتسرب الماء إلي باطن الأرض ليدعم الخزان الجوفي، وهذا مكسب كبير لدولة مثل مصر تعاني من الفقر المائي الحاد والمتزايد.
نحن نضرب المثل الأن ببعض الدول العربية التي أدركت أهمية الماء وحرصت علي حمايته وتخزينه. لكننا ننسي أن أجدادنا الفراعنة قد علموا العالم، بل وعلموا المحتل الروماني، كيف يكون ترويض السيول منذ اللآف السنين، وأستطاعوا أن يحتفظوا بالماء، بل وحماية ما تم تخزينه من السرقة ومن حيواتات الصحراء الهائمة. لقد شيدوا حصون لتجميع مياه السيول، طورها الرومان من بعدهم، ومازالت هذه الحصون صامدة تتحدي الزمن، تشكو من عدم أحترامها بالترميم الجيد وبإدراجها ضمن قوائم التراث الإنساني ، بل وأيضا عدم إدراجها بين المواقع السياحية المتميزة.
لم تكن الحصون فقط هي أسلوب الحصول علي الماء ولكن أيضا يوجد في نفس المكان بئر كبير يعرف بأسم البئر الروماني تم تشيده بالقرب من القرية العمالية التي أستمرت في إستضافة عمال وادي النيل حتي العصور الرومانية. هل تعلم عزيزي القارئ كيف صنع القدماء المواد الأسمنتية لتبطين مثل هذا البئر.
كان القدماء يخلطون الحجر الجيري بعد طحنه وحرقه ،متحولاً إلى الجير الحي، برماد الأفران، ليحصلوا علي مواد لاحمة تماثل الأسمنت. بالطبع ليست بكفاءة الأسمنت المعروف اليوم، ولكنة كان فعالاً، وما زال متماسكا حتي الأن، كما يشهد بذلك البئر الروماني ومصفاة دخول الماء لحصن تجميع مياه السيول، والتي لم تصنع من الحجارة شأن الحصن كله، ولكن من الطوب الأحمر المصنوع من طين النيل المحروق، وهي التقنية التي تعلمها المحتل الروماني من الفراعنة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.