عندما تتعب كثيرًا من نفس المغامرات ونفس الحياة، بعد أن تخطيت جميع مراحلها في هذا الطريق.. طريقك الذي سلكته منذ زمن بعيد جدًا، وها قد وصلت الأن لمرحلة التعب، تلك المرحلة التي تأتي بعد عدة مراحل منها ما هو جيد، وما هو سىء، وما هو ممتاز. ولكن لا بد دائمًا للقوس من منطقة هبوط، وفي هذه اللحظة لابد من مساعدة كل من له تأثير على قواك الداخلية؛ ليرتفع قوسك مرة أخرى هذه اللحظة هي لحظتهم،ولكن كيف وأنت قد سلكت طريقًا غير طريقهم، وقد انعزلت في طريقك، نعم يا سيدي انعزلت فيه؛ لأن طريقك يسمى طريق العزلة ذلك إسم طريقك يا سيدي. ماذا الآن؟ قد تعبت بعد مرور السنين والعمر، وبدأت تحن للنهاية، دعني أسألك سؤال وأجاوب بالنيابة عنك، كيف كنت ترى نهايتك ؟. أراهنك يا سيدي أنك كنت تراها في جميع الأوقات وجميع الأحلام سواء الحقيقة منها أو أحلام اليقظة، نهاية واحدة، وهي تلك النهاية التي هنا في نفس مكان انطلاقة البداية، وستحظى ببعض الاهتمام ممن بقى من القدامى. ربما تكون بهذه الأمنية التي تتمناها في نهايتك هي بالفعل آخر أمانيك؛ لأن الإنسان عندما يفكر في النهاية يكون قد أنهى جميع ما لديه من حيل، ويطلب من الله أن يحقق له آخر أمانيه، أمنية النهاية. ولكن ماذا حدث عندما تحدثت مع عقلك في موضوع العودة والرجوع؟، مع تأكدي التام أن هذا القرار قرارعقلك، والتوقيت توقيته، وأنه لكان ردك في الحوار الذي دار بينك وبينه عندما عرض عليك العودة وأنت ترد عليه في خوف وبصوت مرتعش جاف، كيف سيلاقوني ومن هناك ليلقاني؟. نعم بعد اتخاذك لهذا القرار لا أستطيع إلا أن أرفع لك القبعة ياسيدي احترامًا لقرارك، ولكن اعذرني في استفساري، لماذا تأخر هذا القرار كل تلك السنين؟، إنها الثانية لك يا فتى، وهذا السؤال تحديدًا كنت قد تفاديته في نفس الحوار الذي أشرت إليه، والذي دار بيني وبين عقلي الذي وصفته أنت وأصبت فيه، ولكن سأرد عليكما الآن: وسأبدأ من البداية، من هنا حيث أجلس أنا وأنت في هذه الحديقة، وعلى نفس الأريكة، وتحت نفس هذه الشجرة العريقة، وقد كبرت واشتد ساعدي وصرت أحمل من الطاقة ومن الثقة ومن المسؤولية ما يجعلني أسلك طريقي الذي أُنشأه أنا بقوانيني، ولكن كما أسميته أنت يا عزيزي طريق العزلة. وهذه هي الأولى لك يا فتى. بهذا الإسم الذي أطلقته على طريقي يا فتى، قد ركلتني في مؤخرتي ورميتني في قاع الجليد لأنك أصبت، وبهذه الإصابة في الاختيار ترد أنت بها على نفسك في استفسارك؛ لأن تأخر فهمي وإدراكي للعزلة هو من آخر اتخاذي لقرار العودة لأنه في بداية طريقي أهملت حياتي الشخصية، وانهمكت في العمل كثيرًا ومن نجاح لنجاح ومن انتصار لانتصار، ولكن مع الوقت انعدمت حياتي الشخصية تمامًا، وفاجأتني الوحدة ولأكن صريحًا جدًا معك، كانت تأتيني لحظات من الضعف والحنين إلى الماضي لابد أنك تعرف تلك اللحظات التي دائما ما تأتي مع الإحساس بالوحدة كتلك اللحظة التي تأتي بعد تحقيقك لنجاح كبير، وأنت تجري مسرعًا جدًا لتخبرأحدًا ممن ينتظروا نجاحك ليفرحوا لك، ولكن من ستخبر فأنت وحيد وأقرب إنسان ممكن أن يفرح لك هوعلى بعد بعيد جدًا في المسافات القياسية منها والعاطفية. وما بالك في ذلك فأنت تريد أن تفرح أحد معك، ما إذا كنت في لحظة إنكسار وتريد من تتكئ عليه لتنهض مرة أخرى، ولكن أيضًا على من ستتكئ. إن هذا الطريق يا ولدي وبعد هذا العمر والنجاحات الكثيرة والتقدم في كل شىء، قد غير حياتي بالكامل تغير جذري في كل شىء إلا شىء واحد فقط، وهو أني لازلت فيه وحيدًا، ولذلك توجب علي أن أستشير صديقي الوحيد في تلك الرحلة الطويلة وهو"عقلي" أستشيره في الرجوع والعودة لأجده هو من كان يريد الرجوع، فحانت لحظة العودة. أشكرك يا فتى لقد شعرت بارتياح كبيرًا في حديثك، وأتمنى أن يفيدك هذا الحديث الذي لخصت حياتي فيه معك.. بطريقة ما.