أنا أول مرة أبعت ليكم؛ بس عايز أتكلم مع حد، ولما كنت باقلّب في المواقع، لقيت موقعكم المتميز ده، واستمتعت بالآراء والإجابات لكل من يريد إجابة على مشكلته.. كلها إجابات تتميز بالرقيّ والعقلانية والنُّضج. أنا عندي 25 سنة، بدأت حياتي الفعلية بعد حياة اللعب والتهريج لما كنت في تالته كلية، حبيت بنت جداً في الكلية، وزي أي قصة؛ ييجي صديق الأخ الجاهز، وهي تقبل لأنها حست بعد الحب إنه مراهقة، والكلام اللي كله متعوّد عليه من معظم البنات. المهم، ماحصلش نصيب، ويعلم الله إني فضلت فترة عايش تعبان جداً، والحمد لله على نعمة النسيان.. وبدأت أشوف حياتي، وذاكرت السنة الأخيرة واتخرّجت، وبدأت حياتي العملية.. وبرغم صغر سني أثبتّ مكانتي في عملي، والحمد لله مادياتي بقت ممتازة، أقدر أبني عليها حياة كريمة. وبعد السنين دي شفتها صُدفة.. ماعرفش ليه حصل جوايا تناقضات وردّة فعل غريبة؟ اكتشفت إني لما حبيت أنجح في حياتي كان علشان أثبت لها إن حالي بقى كويس، اكتشفت إني باشتغل وباجمع فلوس علشان لما أقابلها في يوم زي ده أغيظها مثلاً، اكتشفت إني لما هيبقى معايا فلوس هابقى سعيد، اكتشفت إني محتاج فعلاً أنساها من جوايا. فات 4 سنين وأنا بافتكرها، وهي اتجوزت خلاص؛ بس أنا إيه؟ هل هافضل أشتغل وأبقى غني، وفي الآخر مش هابقى سعيد؟ بيقولوا لي "هتحب أكيد تاني"؛ بس أنا من جوايا حاسس غير كده.. ليه حاسس إني مش هحب زي ما حبيتها، ولا هاحسّ بالحب زي ما حسيته معاها؟ اتضايقت لما شفت فرحتها مع جوزها، كنت باقول: كان المفروض أكون أنا؛ بس باقول: أعوذ بالله إني أعترض على حاجة ماليش فيها نصيب. حاسس إني عايش في غيبوبة، وخايف من الجواز لأني لو اتجوزت وماحبتش مراتي، عمري ما هاجرح مشاعرها؛ بس هاظلم نفسي، وهاحسّ إني بامثّل إني مبسوط بيها، وأنا من جوايا عكس كده. آسف على الإطالة ومستني ردّكم. tota من أشهر ما يدعو به الناس أحياناً على من يكرهون، أن توقَف مراكبه السائرة! فبحق الله، كيف بمن يوقف مراكبه بنفسه؟ انظر لنفسك.. أنت شاب ناجح عملياً، ومن الواضح -من رسالتك- أنك راجح العقل، ولديك حسّ أخلاقي عالٍ، أي أنك -ما شاء الله- ممن يوصفون بأنهم "تتمناهم أية فتاة"؛ فلماذا تُفسد كل هذا بالحزن غير المُجدي على شيء أنت تعرف جيداً أنه لن يعود؟ على أية حال، أعتقد أنك تتفق معي فيما سبق؛ لذا دعنا نركّز على سؤالك: كيف "تعالج نفسك" من حبك القديم الذي تخشى أن يُفسد عليك أية فرصة للارتباط مستقبلاً؟ الأمر ليس بسيطاً؛ ولكنه كذلك ليس بالمستحيل، فقط يجب أن تكون لديك الرغبة في التحرك بحياتك العاطفية للأمام.. هذا لا يأتي بضغطة زرّ، أتفق معك في هذا؛ ولكن مجرد إعرابك في رسالتك عن رغبتك في الارتباط من جديد والتحرر من أسْرِ قصتك القديمة؛ يعني أن نصف النجاح في ذلك التحرر قد تحقّق بالفعل! نعم، فالأمر يشبه اقتناع المريض بحاجته للعلاج.. أما النصف الآخر من النجاح فهو أن تؤمن بجدوى العلاج، وأن تقتنع بأن ثمة أملاً كبيراً جداً في أن تغادر ذلك السجن العاطفي الذي وضعت نفسك فيه. دعني أولاً أعلّق على شيء قُلته في رسالتك وهو أنك "إنما كافحت وعملت ورغبت في تحقيق الثراء، فقط لأجل أن ترى نظرة ندم فتاتك على تركها لك".. يا عزيزي قولك هذا فيه تسفيه واستهانة بتعبك وجهدك وتفانيك في عملك، وهو مجرد كلام ناتج عن شعور داخلي منك بأن حياتك اختُصِرَت في علاقتك بفتاتك السابقة، وهو شعور ناتج -بدوره- عن صدمة لقائك بها صدفة.. أما حقيقة الأمر؛ فهي أنك إنما كافحت وتعبت وعملت لأجل رغبتك العادلة الطبيعية في أن تكون شخصاً ناجحاً في الحياة؛ لا ذلك الشاب اللاهي العابث الذي كنته، وذلك باعترافك أنت. لنعُد إذن -ما دمنا قد أوضحنا تلك النقطة- للعلاج.. العلاج يا عزيزي هو أن تبحث عن فتاة تستريح لها، وتشعر أنها هي التي تستطيع انتزاعك مما أنت فيه. ولا تَعَارُض بين هذا وبين رغبتك ألا ترتبط وأنت ما زلت على تعلّقك بالحب القديم؛ فأنت لن ترتبط رسمياً إلا بمن تشعر معها بأنها قد غطّت على ذكرى ذلك الحب. جرب مرة وثانية وحتى العاشرة، ولو شعرت بأن العلاج النفسي سيفيدك فلِمَ لا تلجأ إليه كوسيلة مساعدة؟ المهم أن تُحدِث بعض الحراك على المستوى الاجتماعي العاطفي لحياتك. وصدّقني، مع الوقت سيتحقق كلام من قالوا لك -وأنا أؤيد قولهم- "إنك ستحب من جديد، وسيتحول حب الماضي لمجرد ذكرى منقضية من ذكرياتنا الكثيرة". إذن فالعلاج واضح، وهو ألا تنعزل عاطفياً؛ بل أن تسعى -برغبة حقيقية- للتعرف على مزيد من الفتيات الجادات في الارتباط، وعندما تجد مَن تشعر أنها قادرة على أن تحِلّ محلّ فتاتك السابقة؛ فهذا يعني أنك قد بدأتَ تبْرَأ من جرح الماضي، وأنك على كامل استعداد للمُضيّ قُدُماً في حياتك. فكّر في كلامي هذا يا عزيزي، وإن شاء الله ستجد لنفسك من أمرك مخرجاً. وفقك الله.. تحياتي