بخطوات متثاقلة صوب الشهر العقارى، وقف «عم عاشور» وسط الشارع بجلبابه الرمادى، ماسكاً بين يديه كيس الخبز، يستوقف المارة ليسألهم «عايز أروح مكان تانى غير هنا، أصلهم مش راضيين أعمل توكيل تانى للسيسى وهو يستاهل أكتر من كده، بس لو رُحت دلوقتى العيال اللى فى البيت مش هيعرفوا ياكلوا عشان العيش معايا». همُّ سنوات طويلة أثقل ظهر الرجل السبعينى وأحناه، مما جعله يختار المشير السيسى: «أب حقيقى لمصر، أم الدنيا فضلت يتيمة من بعد السادات وربنا كتب لها أب جديد يحميها ويحافظ عليها»، يجلس عاشور على رصيف الشارع من كثرة التعب، يتبادل الحديث مع حارس الشهر العقارى: «أرجوك يا ابنى خليهم يوافقوا إنى أعمل توكيل تانى للسيسى بدل ما اروح شهر عقارى فى حتة بعيدة، أنا راجل كبير ومش حمل البهدلة». لم تفلح محاولات الحارس البسيط فى إقناع عاشور بأن مطلبه مستحيل، شعر الرجل بخيبة أمل: «يعنى ماينفعش أعمل توكيل تانى للسيسى؟».. حاول الحارس تخفيف حزن الرجل بالحديث معه عن شعبية السيسى، هنا ابتسم عاشور: «صحيح، الناس كلها بتحبه، وأكيد كله هيعمل له توكيل ويكسب ويبقى رئيس أم الدنيا»، لكن كل هذا لم ينجح فى إقناع الرجل بالمغادرة، وجّه حديثه للحارس: «خلاص يا ابنى، روح شوف شغلك انت وانا هافضل قاعد هنا لحد ما يقولوا إن السيسى فاز». فى غضون دقائق كان عاشور قد جذب انتباه المارة فى الشارع، الذين انضموا للحارس فى محاولة إقناع عاشور بعدم جدوى البقاء، كاد الرجل أن يبكى، لكنه قرر «هاكلم عيالى وأحفادى ييجوا يعملوا توكيلات للسيسى قبل ما يقفلوا، عشان السيسى يبقى رئيسهم اللى يجيب لهم حقهم من الإرهابيين، زى ما السادات جاب لنا حقنا فى حرب 73».