قبل أشهر قليلة، بادرت مصر بإطلاق دعوة لتدشينه، ليوقع اليوم القادة الأفارقة على اتفاقية استضافة القاهرة لمقر مركز الاتحاد الأفريقي لإعادة الإعمار والتنمية في مرحلة ما بعد النزاعات، خلال فعاليات الجلسة الأولى، للنسخة الأولى من منتدى أسوان للسلام والتنمية المستدامة. ووقّع السفير سامح شكري وزير الخارجية، وموسى فكي رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، على الاتفاقية، بعد ذكر الرئيس عبدالفتاح السيسي، اليوم، في كلمته الافتتاحية للمركز، إذ قال إنّ "أبلغ دليل على جدوى الأفكار الجادة والرؤى المدروسة هو تحويلها إلى واقع ملموس، وفي هذا الصدد فما أحوجنا اليوم إلى إعادة إحياء وتفعيل سياسة قارتنا الأفريقية الإطارية لإعادة الإعمار والتنمية في مرحلة ما بعد النزاعات، وترجمتها إلى خطط تنفيذية تحصن الدول الخارجة من النزاعات ضد أخطار الانتكاس، وتساعد على بناء قدرات مؤسساتها كي تقوم بمهامها، وتسهم في التئام جروح مجتمعاتها". وأضاف السيسي: "من هنا، نتطلع جميعا إلى التوقيع على اتفاقية استضافة مصر لمركز الاتحاد الأفريقي لإعادة الإعمار والتنمية في مرحلة ما بعد النزاعات، والذي نهدف إلى أن يكون بمثابة منصة تنسيق جامعة وعقل مفكر يعكف على إعداد برامج مخصصة للدول الخارجة من النزاعات، تراعي خصوصية كل دولة، وتحمي حقها في ملكية مسار إعادة الإعمار والتنمية". من القمم الأفريقية للعالمية.. السيسي يحرص على ذكر مركز إعادة الإعمار وأهميته لم تكن تلك هي المرة الأولى التي يذكر فيها السيسي المركز، ففي سبتمبر الماضي وخلال كلمته أمام الدورة ال74 للجمعية العامة للأمم المتحدة، قال إنّ مصر بحكم رئاستها للاتحاد الأفريقي عملت على ترسيخ مبدأ "الحلول الأفريقية للمشاكل الأفريقية"، بالمشاركة مع أشقائها، حتى يتسنى اعتماد مقاربة شاملة تستهدف إرساء دعائم التنمية، من خلال رؤية قارية تستند إلى مقومات التاريخ المشترك ووحدة المصير. وفي أغسطس الماضي أيضا خلال قمة "تيكاد 7" بمدينة يوكوهاما اليابانية، أكد الرئيس الحاجة الماسة لدعم سياسة الاتحاد الأفريقي الإطارية لإعادة الإعمار والتنمية في مرحلة ما بعد النزاعات، ومركز الاتحاد الأفريقي لإعادة الإعمار والتنمية في مرحلة ما بعد النزاعات، ومركز الاتحاد الأفريقي لإعادة الإعمار والتنمية في مرحلة ما بعد النزاعات. وترجع فكرة المركز إلى فبراير 2019، على هامش فعاليات منتدى ميونخ للأمن، خلال لقاء السيسي بمجموعة من رؤساء كبرى الشركات الدولية، خلال المائدة المستديرة التي نظمتها مجموعة "أجورا" الاستراتيجية، إذ أكد الرئيس أنّه من بين أولويات الرئاسة المصرية للاتحاد الأفريقي خلال 2019، تعزيز الجهود الدولية لإعادة الإعمار والتنمية ما بعد النزاعات، كوسيلة رئيسية لسد الفجوة بين إرساء السلام. تحصين الدول الأفريقية بعد النزاعات.. أبرز أدوار مركز إعادة الإعمار والتنمية أورد موقع وزارة الخارجية أسباب تدشين المركز، إذ أكد أنّه إدراكا من مصر بأنّ صيانة السلم والأمن الإقليميين لا يقتصر على الشق الخاص بحفظ السلام فقط، بل يمتد إلى الدبلوماسية الوقائية قبل اندلاع الصراعات، ثم بناء السلام بعد التوصل إلى اتفاقات التسوية الشاملة، لذلك طرحت البلاد مبادرتين لزيادة تفعيل بنية السلم والأمن الأفريقية، بينها مبادرة إنشاء مركز الاتحاد الأفريقي لإعادة الإعمار والتنمية في مرحلة ما بعد النزاعات AUC-PCRD، وإنشاء وحدة لدعم الوساطة والوقاية من النزاعات بهيكل مفوضية الاتحاد الأفريقي. وشدد على أهمية تعزيز التعاون المشترك بين الأممالمتحدة والاتحاد الأفريقي لمنع اندلاع النزاعات وتسويتها، بما في ذلك الوساطة والإنذار المبكر وإعادة الإعمار والتنمية في مرحلة ما بعد النزاعات، إذ كانت مصر صاحبة المبادرة بإطلاق "ملتقى مبعوثي السلام إلى أفريقيا" في 2010، واستضافته لعامين متتاليين، وكان أول إطار يجمع رؤساء عمليات حفظ السلام والبعثات السياسية الخاصة للأمم المتحدة، مع نظرائهم المعينين من الاتحاد الأفريقي، بهدف تنغيم سياسات صنع وحفظ وبناء السلام، على الصعيد الأممي والقاري. وأشارت الهيئة العامة للاستعلامات إلى أنّ مصر تقدمت بالمبادرة لوعيها حجم المسؤولية الكبيرة التي تقع على عاتقها في ذلك الأمر، ولأهمية سد الفجوة في منظومة السلم والأمن الأفريقي من خلال إنشاء آلية قارية لمعالجة أوضاع الدول الخارجة من النزاعات وتدعيم السلام بها، مشيرا إلى أنّ الوزراء الأفارقة وافقوا في ختام اجتماعات المجلس التنفيذي للاتحاد الأفريقي، التي عقدت في موريتانيا في 30 يونيو 2018، على عرض مصر لاستضافة مقر المركز. وترجع أهمية المركز إلى أنّه يعمل على تحصين الدول الأفريقية الخارجة من النزاعات والصراعات ضد أخطار الانتكاس، وبناء قُدرات مؤسسات الدول لأداء مهامها في حماية أوطانها ترسيخا للاستقرار والسلام، إذ يعتبر أهم أعمدة منظومة السلم والأمن الأفريقية، ويمثل أهمية متزايدة على ضوء الحاجة الماسة لمعالجة جذور النزاعات وعدم انتكاس الدول الخارجة من نزاعات في الفوضى مجددا، كما يساهم في ترسيخ مقومات السلام والأمن والاستقرار في القارة. البشبيشي: لأول مرة بالقارة تكون خطوات لما بعد النزاعات.. وتلك أبرز أدواته ومن ناحيتها، أكدت الدكتورة هبة البشبيشي الخبيرة بالشؤون الأفريقية، أنّ لمصر دور مهم في القارة، وإطلاقها لمركز إعادة الإعمار والتنمية يأتي امتداد لدورها التاريخي في العلاقات المصرية الأفريقية. وأضافت البشبيشي، ل"الوطن"، أنّه لأول مرة يكون في ذلك الدور خطوات لتحقيق التنمية والإعمار لمرحلة ما بعد النزاعات، الذي يعدّ أمرا مهم للغاية لأنه لم يكن هناك تعاونا بذلك الأمر مسبقا، واقتصر على مجالات الزراعة والصناعة والسياسة، وهو ما انتقل حاليا لدعم التنمية بعد النزاعات. وأشارت إلى أنّ إعادة الإعمار والتنمية تحتاج لأموال طائلة لإحياء ما دمرته الحروب، مثل ما حدث في جنوب السودان وروندا والكونغو، مضيفة أنّ الهجمات الإرهابية أيضا تدمر البنية التحتية وكل ما نفذته التنمية البشرية بالدول. كما شددت على أنّ أفريقيا ليست قارة فقيرة، لكن ينقصها التنمية والتكنولوجيا رغم امتلاكها أغلى وأعلى ثروات العالم، كالمعادن الطبيعية، لكن لا يتم استخدامها واستثمارها جيدا، موضحة أنّ دخول مصر كشريك أساسي بمشاريع البنية التحتية، يأتي بعد جدارتها في عدة مشروعات الداخلية بالبلاد، وهو ما سيكون أمر مثمر للغاية. وعن آليات مركز إعادة الإعمار، أوضحت البشبيشي أنّه يجب أن يتضمن وجود فريق عمل اقتصادي يقدم دراسة خاصة بكل دولة على حدى تحتوي على مواردها وسبل تحقيق أفضل استخدام لها، إضافة إلى هيئة استشارية فنية في مختلف الجوانب، مع ضرورة مد يد العون بين الدول وبعضها لتدشين مشروعات ضخمة، فضلا عن فريق رفيع المستوى من باحثي الشؤون الأفريقية.