مع احتمال تحديد موعد فتح باب الترشح وموعد دعوة المواطنين للانتخابات الرئاسية، يقترب الوطن من حسم الاستحقاق الثانى من خارطة المستقبل، ومن ثم نتوقع أن ينشغل المرشحون المحتملون للرئاسة بوضع اللمسات الأخيرة فى برامجهم الانتخابية التى تتضمن عادة وعوداً لم تتحقق فى الانتخابات السابقة سواء فى ظل نظام مبارك أو مرسى. وفى المقابل يجب أن ينشغل المصريون بتحديد مطالبهم من الرئيس القادم، حتى تتم المقارنة بين البرنامج الرئاسى والمطالب الشعبية، وفى الوقت ذاته تحديد واجبات المواطنين فى العمل مع الرئيس الجديد ومشاركته القرارات الحاسمة لإعادة بناء الوطن. إن مهام ثقيلة ومسئوليات جساماً تنتظر الرئيس الجديد يجب أن يتنبه إليها المرشحون ويعدوا أنفسهم لتحمل مسئولياتهم عن تنفيذها. والمهمة الأساسية الأولى فى البرنامج الرئاسى يجب أن تكون اجتهاداً فى عرض صورة واضحة ورؤية متكاملة للوطن كما يتمناها المصريون. صورة تعرض الواقع بكل مشكلاته وتحدياته، ورؤية نافذة لتغيير الواقع الأليم المحبط وعرض إطار موضوعى قابل للتحقيق لصورة مصر كما يجب، ويمكن أن تكون عمرانياً واقتصادياً وسياسياً ومجتمعياً وعلمياً وتقنياً. إن التحدى الأساسى للمرشح الرئاسى هو نجاحه فى إقناع جماهير الناخبين سواء المؤيدين أو المعارضين وكسب ثقتهم فى إمكانية تحقيق رؤيته مهما بدت بعيدة عن الواقع المعاش. والمهمة الأساسية الثانية، أن ينجح المرشح فى تشكيل فريقه الرئاسى من نائب أو أكثر، علماً بأن وظيفة نائب رئيس الجمهورية لم ينص عليها الدستور لكنه فى ذات الوقت لم يحظرها من مستشارين ومساعدين يتميزون بالكفاءة والقدرة التخصصية والتوافق الإيجابى مع رؤية الرئيس للوطن، بمعنى الاتفاق مع المبادئ الرئيسية والتوجهات الاستراتيجية لرؤية الرئيس مع قبول الاختلاف حول كيفية تحقيقها. والمهمة الثالثة للرئيس هى اختيار رئيس الوزراء القادر على مواجهة التحديات واتخاذ القرارات، والمفترض أن يكون صاحب القول الفصل فى اختيار أعضاء حكومته، إلا ما نص عليه الدستور بشأن سلطة اختيار وزير الدفاع التى أوكلها للمجلس الأعلى للقوات المسلحة. ذلك بأن منصب رئيس الوزراء له اختصاصات أوسع فى دستور 2014 بما يجعله شريكاً فى الحكم لرئيس الجمهورية لا تابعاً للرئيس. وتحتل هذه المهمة أهمية خاصة الآن، وقبل إجراء الانتخابات التشريعية، حيث سيكون رئيس الجمهورية ملتزماً بإطار دستورى فى طريقة تكليف رئيس الوزراء. المهمة الرابعة للرئيس القادم ستكون الإعلان من اليوم الأول لتوليه منصبه عن حرب لا هوادة فيها ضد الجماعات الإرهابية فى كل بقاع الوطن والوقوف بكل قوة وصلابة ضد المشايعين والممولين والمساندين للإرهاب فى مصر من القوى الأجنبية والمعادية لمصر. كذلك يكون واجباً على الرئيس القادم حشد مؤسسات الدولة والقوى الوطنية والمنظمات المجتمعية لمجابهة أصحاب الأفكار المضللة التى تتخذ من الدين ستاراً لأغراض سياسية وفى مقدمتهم جماعة الإخوان الإرهابية والجماعة الإسلامية والجماعات التكفيرية التابعة لمنظمات غريبة مثل القاعدة. وثمة مهمة خامسة هى تفعيل الدستور وحدد مواده التزامات تلتزم بها الدولة وحقوقاً تضمنها وقضايا يجب على الدولة السعى إلى تفعيلها. وتلك قضايا يجب ألا يغفلها الرئيس أو حكومته ولا السلطة التشريعية القادمة، ويجب تضمينها فى برامج وتشريعات ونظم الدولة الجديدة. والمهمة السادسة لرئيس الجمهورية القادم ستكون مسئوليته عن تحديد خطة عمل عاجلة «سنة» تلتزم بها الحكومة، تركز على الأولويات الملحة دون التغول على فرص الحل العلمى للمشكلات الأكثر تأثيراً؛ وتأتى فى المقدمة مشكلات الفقر، البطالة، المرض، العشوائيات فى كل صورها ومظاهرها، والانفلات السلوكى والمجتمعى فى كل صوره وأبعاده، وتردى مستويات التعليم والصحة والخدمات العامة، وضرورة النهوض اقتصادياً واجتماعياً بالمناطق المهمشة والمحرومة من الخدمات والأنشطة الاقتصادية فى الصعيد والمناطق النائية والقرى والشرائح المجتمعية الأكثر فقراً. والمهمة السابعة للرئيس القادم هى ترجمة برنامجه الرئاسى وبرامج الحكومة وتوجهاتها إلى خطة عمل متوسطة المدى «3 سنوات» تعمل على إيجاد حلول غير تقليدية للمشكلات الاقتصادية والمجتمعية والسياسية وأخرى طويلة المدى «5-10سنوات»، ويتطلب تحقيق هذه المهمة مراجعة وتحديث المخطط الاستراتيجى للتنمية العمرانية الذى أعدته وزارة الإسكان وقت ولاية الوزير د.محمد فتحى البرادعى والإطار الاستراتيجى لخطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية حتى 2022 السابق إعداده بإشراف الوزيرة فايزة أبوالنجا. وتتضمن تلك الأطر التخطيط لطفرة اقتصادية تقوم على الكشف عن الموارد الوطنية وتعظيم فرص استثمارها، والتخطيط لطفرة اجتماعية تؤسس لسيادة العدل الاجتماعى والحفاظ على القيم والتقاليد المرعية وحقوق الإنسان والمواطنة، والتركيز على المشروعات الرائدة مثل تطوير إقليم قناة السويس كمركز لوجيستى وصناعى عالمى (المرحلة الأولى)، وتنمية منطقة شرق بورسعيد، وتنمية وادى التكنولوجيا والإسماعيلية الجديدة، وتنمية منطقة شمال غرب خليج السويس، ومشروعات تنمية سيناء، وتنمية الساحل الشمالى الغربى وظهيره الصحراوى، وتنمية محافظات شمال الصعيد، ومشروعات تحلية المياه، وتوفير مصادر جديدة لها وترشيد استهلاكها، وتوفير مصادر جديدة للطاقة الجديدة والمتجددة، وعلى الأخص الطاقة الشمسية وطاقة الرياح. ومن الأمور المهمة إحياء قطاع الأعمال العام وإعادة الاعتبار إليه كركيزة أساسية للاقتصاد الوطنى. والمهمة الثامنة هى ضرورة تطهير الجهاز الإدارى للدولة من كل آثار الأخونة والتمكين والفساد والمفسدين، مع إعادة هيكلته على أساس غير تقليدى يركز وحداته فى الوظائف الاستراتيجية ويترك الجوانب التفصيلية والتنفيذية لمصالح وهيئات وشركات تابعة، وكذا تعميق اللامركزية وتمكين وحدات الإدارة المحلية وتخويلها كل السلطات فى أمور التنمية المحلية بالتوافق مع الخطط الاستراتيجية للوزارات المعنية. وأخيراً يكون الرئيس القادم مسئولاً عن التأسيس لتحول ديمقراطى يقوم على تقديس قيم الحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية والتعددية السياسية وسيادة القانون وإعلاء سلطة القضاء. كان الله فى عون مصر وشعبها ورئيسها القادم باختيار المصريين الحر.