هذا هو عنوان الكتاب الصادر عن دار «روافد» للنشر والتوزيع للمؤلف الدكتور عصام الشريف، المذيع بالبرنامج العام، والخبير فى الكفاءة الإعلامية، وتحليل لغة الخطاب بعد حصوله على درجة الدكتوراه من قسم اللغة العربية بكلية الآداب جامعة القاهرة، والماجستير فى علم الأصوات وفن الإلقاء. يتكون الكتاب من بابين يتناول أولهما تحليل خطاب محمد مرسى المرشح لرئاسة الجمهورية، ويتناول الباب الثانى محمد مرسى رئيساً للجمهورية من خلال تحليل أجزاء من خطابات الرئيس السابق فى جامعة القاهرة 2012، وخطاب الهايكستب فى مواجهة القوات المسلحة، وخطاب قمة دول عدم الانحياز فى طهران، وخطاب نقابة المحامين، وأخيراً خطاب الاستاد أمام حشد من الأهل والعشيرة والمؤيدين، ويذكر المؤلف فى مقدمة الكتاب مخاطباً القارئ: «لا تترك نفسك فريسة لصاحب خطاب حاذق، يوجهك حيثما يريد، ودون أن تعى ذلك، فتصبح أداة طيعة له، وتترك نفسك معصوب العينين أمام صاحب خطاب يورد بك مورد الهالكين، وتكون حينها بصمتك وعدم فهمك معيناً له على ذلك». إن السياسيين يقبضون على السلطة بعدة وسائل، منها وأخطرها أنهم يتحدثون ويقنعون ويؤثرون فى شعوبهم، معززين ولاء شعوبهم لهم، لأنهم ينجحون فى توظيف لغتهم اللفظية وغير اللفظية فى نشاطهم الاتصالى مع شعوبهم، والرؤساء عندما يتمكنون من أدوات خطابهم، فإنهم يتمكنون من توجيه شعوبهم، حيث يريدون، وإن لم يحسنوا استخدام هذه الأدوات -كما هى حالة الرئيس السابق محمد مرسى-، فإن حبل التواصل مع شعوبهم يكون قد انقطع، فيصعب عليهم إقناعهم، وإبلاغ رسائلهم لهم، فتنقطع شفرة التواصل، وحينها يزلزل عرش سلطانهم ونظامهم، ويكون سقوطهم أمراً واقعاً لا محالة، فلا يكفى أن يعرف المرء ما ينبغى أن يقال، بل يجب عليه أن يقوله كما ينبغى، فوزن السلطان يوازى وزن خطابه، لأنه مختبئ تحت لسانه، فإذا تكلم ظهر. إن التفاعل الشفاهى جزء من موقف مشترك يتضمن متكلمين ومستمعين، وبالإضافة إلى اللغة اللفظية، فإن المعلومات تمر عبر وسائل أخرى مثل تعبيرات الوجه، والتنغيم، وحركات الجسد، ويستطيع المتكلمون الرد سريعاً على ردود الفعل غير اللغوية من قبل المستمعين، ولذا فإن «مالينوفيسكى» يؤكد أنه من الصعب فهم أى رسالة ما لم تكن على علم بالأداء الصوتى والمرئى المصاحب لها، ومن ثم، فلا ريب أن أية معالجة نصية تغفل الجانب السياقى، هى معالجة غير مكتملة، ولذا يجب على كل من يتصدى لتحليل لغة الخطاب أن يكون على معرفة عميقة بعلم الأصوات، وإلا يفتقد تحليله للكثير من آليات الوصول إلى كنه هذا الخطاب. ويرى «فيرث» أن المعنى لا ينكشف إلا من خلال السياق الذى قيل فيه، حيث إن معرفة السياق الذى تستخدم فيه اللغة يوضح المعنى الوظيفى لها، ويفرض عليها قيمة حضورية معينة، وهذا ما دعا إلى القول بأن مصطلحى النص والسياق متلازمان مع بعضهما، فهما مظهران لنفس العملية، وحين تتجول فى أروقة الكتاب، تلاحظ أن المؤلف اختار عينة عمدية من البرامج الحوارية التى ظهر فيها الدكتور محمد مرسى المرشح الرئاسى، تغطى أهم المراحل الفاصلة فى مشواره من الترشح إلى اعتلاء الرئاسة، وتمثلت العينة فى برنامج «مصر تنتخب الرئيس» وكان يذاع على فضائية سى بى سى للمذيع خيرى رمضان، وسبب اختيار هذا البرنامج، أن المرشح هنا لا يخضع لضغوط نفسية تؤثر على خطابه الحوارى سلباً، كما أن من حق المرشح أن يرفض أى سؤال لا يريد الإجابة عنه، ومن حقه أن يجيب بالقدر الذى يراه مناسباً، كما أن ضيوف المرشح الموجودين معه داخل الاستديو من أنصاره، أى أنه مدعوم معنوياً من جانبهم، وكل هذه النقاط تشكل زاوية مهمة من زوايا دراسة الخطاب الحوارى للمرشح، وكذلك برنامج «الحقيقة» للمذيع وائل الإبراشى على قناة دريم (2) وهو أول لقاء لمحمد مرسى بعد صدور حكم المحكمة الدستورية العليا بحل مجلس الشعب، مما أربك العملية السياسية لجماعة الإخوان، وكان المرشح وقتها تحت تأثيرات سلبية، والبرنامج الثالث هو «آخر الكلام» للمذيع يسرى فودة على قناة «أون تى فى»، وسبب اختيار هذا البرنامج أن المذيع يسرى فودة أعلن تأييده التام للمرشح محمد مرسى، وهذا من شأنه أن يجعل المرشح مديراً للحوار، يحقق مقاصده كما يريد، إذ إنه والمذيع صاحبا تخطيط واحد، وينعكس ذلك إيجابياً على حالته النفسية والفكرية واللغوية، أما البرنامج الرابع والأخير الذى خضع للتحليل، فكان برنامج «بهدوء» للمذيع عماد الدين أديب على قناة سى بى سى، وسبب اختيار هذا البرنامج أن المرشح محمد مرسى قد وصل إلى جولة الإعادة مع الفريق أحمد شفيق، وكان هذا اللقاء قبل ساعات من بدء الحظر الإعلامى والإعلانى للمرشحين، وللحديث بقية.