"إن حكومة صاحب الجلالة تنظر بعين العطف إلى إقامة مقام قومي في فلسطين للشعب اليهودي، وستبذل غاية جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية"، هذا هو لب الوعد الذي أقرته بريطانيا العظمى، ولم يكن لها الحق في إصداره، فدولة فلسطين، آنذاك، لم تكن جزءًا من ممتلكات الحلفاء، كما كان هو حال معظم البلدان العربية، بل كانت تتبع الدولة العثمانية التي عُرض عليها إتاحة فلسطين لليهود مقابل مليون ليرة تركية، لكنها رفضت، تاركة الشعب يقرر مصيره عقب تفكك الدولة العثمانية. 2 نوفمبر من عام 1917 كان البداية، عندما أرسل وزير خارجية بريطانيا، آرثر جيمس بلفور، رسالة إلى المليونير اليهودي، اللورد روتشيلد، المعروف بتبنيه للصهيونية العالمية ورغبته في إقامة دولة يهودية على أرض فلسطين، يبلغه فيها الخبر السار بموافقة بريطانيا ودول التحالف، على إقامة هيكل يعيش فيه اليهود دون الإضرار بمصالح الطوائف غير اليهودية بفلسطين، وهو الخبر الذي وقع كالصاعقة على الدول العربية، وكالماء الثلج في حرارة الشمس على الدول الأوربية. كانت فرنسا أولى الدول التي أصدرت بيانًا تعلن فيها موافقتها على بناء كيان يهودي بفلسطين، أعقبتها دولتا إيطاليا وأمريكا. مهد وعد بلفور لقيام دولة إسرائيل في 1948، فكان بداية نهاية الدولة الفلسطينية، وتشريد شعب شغل العرب منه نسبة 93%، وبعد مرور أكثر من 96 عامًا، لا زال تصريح بلفور يناقض نفسه، لأن دولة إسرائيل المغتصبة، لا تزال تتوسع في استيطانها، وتجور على حق أصحاب الأرض بطردهم منها، بل شن الغارات على ما تبقى لهم من وطن، دون الاحتفاظ لهم بحقوقهم، كما ذكر.