أخذت أزمة عرض فيلم يجسد نبى الله نوح عليه السلام منحى جديداً بعد بيان لجنتى السينما والمسرح بالمجلس الأعلى للثقافة الرافض لموقف الأزهر بمنع عرض الفيلم، وتصاعدت حدة الخلاف بين الفنانين والمؤسسة الدينية، ورفض الأزهر على لسان وكيل المشيخة، الدكتور عباس شومان، فى حواره مع «الوطن»، البيان جملة وتفصيلاً ورأى فيه تطاولاً على الأزهر وتدخلاً من اللجنة فى اختصاصاته. وقال إن سبب الأزمة الحالية هو اختلاف المعايير بين ما هو دينى شرعى يمثله الأزهر، وما هو درامى فنى تمثله اللجنة، مؤكدا أن حرية الفن والإبداع مكفولة ولكن ليس على حساب العقائد، وأن حرمة تجسيد الأنبياء من الثوابت.. وإلى نص الحوار: ■ ما رأيك فى البيان الصادر عن لجنة السينما والمسرح بالمجلس الأعلى للثقافة الذى يرفض موقف الأزهر من فيلم «نوح»؟ - الأزهر أكبر من أن يدخل فى صراع مع جهات أو جبهات، ويؤدى دوره العريق، وقد أعلن عن رأيه فى فيلم «نوح» وغيره مما يمكن أن يتم فيه تجسيد الأنبياء، وإبداء الرأى فى هذه المسائل من اختصاص الأزهر وليس من حق أى جهة لا فى الثقافة ولا فى السينما، أن تعلق على أحكام شرعية صادرة عن الأزهر، لأنه الجهة المختصة فيما يتعلق بالشأن الإسلامى، فهذه أحكام شريعة ولا علاقة لها بالثقافة ولا بالفن. ■ إذن فالأزهر يرفض البيان؟ - بالطبع، ونحن لا نتدخل فى شأن الآخرين ونرفض تماماً تدخل أى جهة أو سلطة فى اختصاصات الأزهر، وأؤكد على أننا لسنا خصوماً للسينما أو الثقافة، وأعلنا عن رأينا وأرسلناه للجهات المختصة وهى تمنع أو لا تمنع، فهذه مسئوليتها أمام الله والمجتمع، وقمنا بدورنا ومُصرون عليه ولن نتراجع لأننا لا نملك ذلك. ■ وما سبب الخلاف فى نظرك؟ - لا شك أن اختلاف المعايير هو السبب، فيمكن أن يُعرض الفيلم ويحصد جوائز الدنيا كلها، ولكن لا يعنى ذلك أن رأى الأزهر خطأ، فهم لهم معايير ومقومات وضوابط معينة يحكمون بها على نجاح العمل أو فشله، وصلاحيته للعرض من عدمه، فهذا اختصاصهم، لكن حينما يكون متعلقاً بقضية شرعية أو إسلامية فالأزهر هو المختص دون منازع بحكم الدستور. ■ وما الخطأ الشرعى فى الفيلم؟ - لم يصدر مجمع البحوث الإسلامية حكمه من فراغ ولا بانطباع مسبق أو معاداة للفن، فنحن لسنا ضد تناول حياة الأنبياء والمرسلين ولا حتى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ذاته فى الأعمال الفنية، ولكن أن يتم التناول بطريق الرواية أى باستخدام راوٍ، هذا شرط أول، والشرط الثانى أن ما يقال يكون ثابتاً فى القرآن والسنة، وألا تكون فى الفيلم مشاهد خليعة، أما التجسيد وظهور شخص بصورة نبى فلا. ■ ما رأيكم فى قول لجنة السينما إن تجسيد شخصيات الأنبياء وسيرهم يمثل عبرة وعظة للمشاهد؟ - نحن لا تحكمنا جودة العمل الدرامى من عدمه، وإنما تحكمنا ضوابط شرعية، وإذا كنا سنتناقش فى شرعية التجسيد فنحن نريد متساوياً علمياً نناقشه وليس نقاشاً بمعايير وأصول مختلفة، فالمناقشة المنضبطة تكون بين المتكافئين وفى التخصص الواحد، فكيف سنتناقش والمعايير مختلفة بين دينى شرعى ودرامى فنى. ■ على المستوى الشرعى لماذا يمنع الأزهر تجسيد الأنبياء؟ - أولا: لا يستطيع أى فنان أن ينكر أن الأحداث التى يتناولها أى فيلم قد يتناول حياة نبى كلها حقيقية وذات صلة أصيلة بحياة هذا النبى، ففى فيلم نوح عليه السلام المراد عرضه ليست كل الأحداث واقعية ولا الأقوال ثابتة النقل عن سيدنا نوح، فكل ما أتانا وثبت عن سيدنا نوح هو بضع آيات، وبقية الأحداث كلها لن تكون نسبتها لسيدنا نوح صحيحة، وفى ذلك كذب وافتراء على أنبياء الله، فهو لديهم فن ولدينا افتراء، عندهم يسمى إبداعاً ولدينا اسمه ابتداع، وهم أحرار بلا شك فى عملية الفن والإبداع ولكن فى الأمور العقائدية والشرعية لا بد أن نقول لهم توقفوا هذا لا يجوز، وهذا ما فعلناه. فالنبى يقول: «من كذب علىَّ فليتبوأ مقعده من النار»، فهذا فى كلمة، فكيف بأحداث كثيرة مخالفة للحقيقة، وهذا وحده كافٍ للرفض، أيضاً كيف يرى المشاهد من سيجسد دور سيدنا نوح أو غيره فى دور سكير بعد ذلك؟ ■ هل سيصعد الأزهر الأمر إذا تم عرض الفيلم؟ - هذا موضوع آخر، نحن الآن فى مرحلة سابقة عليه، وقد قمنا بدورنا على أكمل وجه وراضون عن موقفنا سواء عُرض الفيلم أم لم يعرض، ولن نتراجع عن موقفنا من أجل جبهة أو لجنة، وكما لا نتدخل فى شأن الآخرين نرفض تماماً التدخل فى شأن الأزهر ولن نسمح بالتطاول على المؤسسة الدينية من أى جهة. ■ هل ترى فى بيان لجنة السينما تطاولاً على الأزهر؟ - لقد قرأته وكل ما فيه مرفوض، خاصة تعرضه للأزهر. ■ ما الذى تعرض فيه البيان لمؤسسة الأزهر؟ - هم خلطوا الأمور بقولهم إن المنع ليس من سلطة الأزهر بينما هذا كلام لم يقله الأزهر على الإطلاق.