وزير التعليم العالي يعلن صدور قرارات جمهورية بتعيين قيادات جامعية جديدة    بينها إسقاط الجنسية المصرية عن 3 أشخاص.. رئيس الوزراء يصدر 4 قرارات جديدة    مدبولي يتابع إجراءات الإصلاحات المستهدفة لتحقيق متطلبات صندوق الصلابة والمرونة    مشروع بيان القمة الخليجية يوجّه بعقد اجتماع عاجل لمجلس الدفاع المشترك في الدوحة    خريطة تكشف عن تحول 77% من مساحة قطاع غزة إلى مناطق خطرة    واشنطن تعلن التوصل إلى اتفاق إطاري مع الصين بشأن تيك توك في محادثات مدريد    في هذه الحالة.. ترامب سيعلن حالة الطوارئ في واشنطن (تفاصيل)    أبوريدة نائبا.. اعتماد تشكيل مجلس الاتحاد العربي لكرة القدم    الداخلية تكشف ملابسات فيديو التعدي على طفل بالإسماعيلية    ضبط 3160 مخالفة تموينية متنوعة بالمخابز والمحال والأسواق والبدّالين التموينيين بالجيزة    أمريكا تعلن التوصل إلى اتفاق بشأن ملكية تيك توك    دار الكتب تخصص جائزة لأفضل إنجاز علمي وثقافي    مسرحيات شعرية للناشئة لأحمد فضل شبلول في مناقشات نادي أدب برج العرب    في ذكرى ميلاد أبو ضحكة جنان.. إسماعيل ياسين عميد الكوميديا الذي رسم البسمة على وجوه الملايين    «ما انتي دافعة بقى».. نسرين أمين تثير الجدل بصورة مع براد بيت بال AI    محافظ أسوان ينيب رؤساء إدفو وكوم أمبو للمشاركة باحتفالات تكريم حفظة القرآن    رئيس الوزراء يتابع جاهزية المرحلة الثانية لمنظومة التأمين الصحي الشامل ويؤكد بدء التطبيق في المنيا ودراسة ضم الإسكندرية    رئيسة القومي للمرأة: التمكين الحقيقي للمرأة لا يكتمل إلا بتمكينها نفسيًا ومعنويًا    بسنت النبراوي: أرفض الإغراء .. وصديقتي عايرتني لأني مش بخلف    الأهلي يبحث عن مهاجم أجنبي.. و«الحملاوي» يعود للصورة    حكم الخلوة الشرعية عبر الإنترنت بين الزوجين بعد عقد القران    «باطلة من أساسها».. خالد الجندي يرد على شبهة «فترة ال 183 سنة المفقودة» في نقل الحديث (فيديو)    محترفو الفراعنة × أسبوع| فوز قاتل لصلاح.. غياب منعم ومرموش.. خسارة ثنائي الجزيرة.. وغضب من مصطفى    بالصور.. سبب غياب صوفيا فيرجارا عن تقديم حفل الإيمي 2025    أبوريدة نائبًا أول لرئيس الاتحاد العربي لكرة القدم    اختل توازنه.. مصرع سباك سقط من علو في العمرانية    مصدر أمني ينفي ادعاء شخص بتسبب مركز شرطة في وفاة شقيقه    حكم قضاء الصلوات الفائتة .. «الأزهر العالمي للفتوى الالكترونية» يجيب    وزير الري يفتتح فعاليات اليوم الثانى من "معرض صحارى"    المتحف القبطي يحتفل بعيد النيروز بمعرض "النخلة حكاية تراث"    تقديم الخدمات الطبية ل1266 مواطناً ضمن القافلة المجانية بقرية طاهر في كفر الشيخ    بتكلفة 15 مليون جنيه.. افتتاح توسعات طبية بمستشفى فيديمين المركزي في الفيوم    الدكتور هشام عبد العزيز: الرجولة مسؤولية وشهامة ونفع عام وليست مجرد ذكورة    أرباح شركة دومتي تتراجع بنسبة 94% خلال النصف الأول من عام 2025    وزير الخارجية البولندي يوضح حقيقة الطائرات المسيّرة التي اخترقت أجواء بلاده    حاكم يوتا الأمريكية يكشف أسرارًا عن المتهم بقتل تشارلي كيرك.. ما هي؟    تعليق مفاجئ من آمال ماهر على غناء حسن شاكوش لأغنيتها في ايه بينك وبينها    قرار وزاري بإصدار ضوابط وآليات إعتماد «الإستقالات» طبقًا لقانون العمل الجديد    رابط نتائج الثالث متوسط 2025 الدور الثاني في العراق    الفريق أسامة ربيع ينعى 4 مرشدين رحلوا خلال عام 2025    نشر الوعي بالقانون الجديد وتعزيز بيئة آمنة.. أبرز أنشطة العمل بالمحافظات    قيمة المصروفات الدراسية لجميع المراحل التعليمية بالمدارس الحكومية والتجريبية    البنك الأهلي المصري يتعاون مع «أجروفود» لتمويل و تدريب المزارعين    زلزال بقوة 5.3 درجة يضرب سواحل كامتشاتكا الروسية    رضوى هاشم: اليوم المصرى للموسيقى يحتفى بإرث سيد درويش ب100 فعالية مختلفة    «لم يرحموا بكاء طفلتي».. القصة الكاملة لوفاة رضيعة الإسكندرية على ذراع والدتها بسبب منع الإجازة    «التضامن»: صرف «تكافل وكرامة» عن شهر سبتمبر بقيمة تزيد على 4 مليارات جنيه اليوم    إزالة 95 حالة تعدٍ على الأراضى الزراعية بسوهاج خلال حملات موسعة.. صور    إخماد حريق داخل شقة سكنية فى الهرم دون إصابات    ضبط ومصادرة 90 من المخالفات فى حملة لشرطة المرافق وحى غرب سوهاج    ليه 3 ديفندر؟.. غضب فى الأهلي بسبب تشكيل النحاس أمام إنبي    نبيل الكوكي يعالج الأخطاء الدفاعية فى المصري بعد ثلاثية الزمالك    منافسة شرسة بين مان سيتي ويونايتد على ضم نجم الإنتر    "كلنا واحد".. إقبال واسع على المبادرة قبل انطلاق الدراسة.. الداخلية تخفف الأعباء بمبادرة توفر المستلزمات والسلع بأسعار مخفضة.. المواطنون ل"اليوم السابع": شكرا للرئيس السيسي.. وجدنا كل شيء هنا فى الشوادر.. صور    لترشيد استهلاك الكهرباء.. تحرير 126 مخالفة لمحال غير ملتزمة بمواعيد الإغلاق    بفرمان النحاس .. برنامج بدنى مكثف لتجهيز أحمد عبد القادر فى الأهلى    6 شهداء بينهم أطفال في غارة إسرائيلية على خيمة نازحين بغزة    تسمم 4 أشقاء تناولوا "سف فئران" بالخطأ في البحيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شيخ الأزهر: الأمم المتحدة غير جادة تجاه السلام.. والفيتو الأمريكي "سبب رئيسي للإرهاب الدولي"
نشر في الوطن يوم 09 - 03 - 2014

حصلت "الوطن" على نص كلمة الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، في افتتاح "منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة" بأبوظبي، حيث قال فضيلته: إن الحديثَ عن السلام حديث متشعب النواحي والاتجاهات، ولا تزال التساؤلات حول "السلامِ" ومعناه، وعلاقته بحقول المعرفة البشرية الأخرى، مفتوحةً لم تُحسَم حتى يومِ الناسِ هذا، بل أصبح الآنَ للسلامِ عِلمٌ خاصٌّ به، يُبحَثُ فيه عن السلامِ وعن الحُروب وأسبابِها، وارتباطِ كلِّ ذلك بالعُلومِ الاجتماعيَّةِ والسياسيَّةِ والدِّراساتِ الاستراتيجيَّةِ والعُلومِ العسكريَّة، بل وعلوم الأخلاق.. ولا يَزال فلاسفةُ التاريخِ يَنقسمونَ حولَ علاقة السلامِ بالإنسان؛ فمنهم مَن يَذهَبُ إلى أنَّ "التاريخَ البشريَّ إنَّما هو تاريخُ بُحَيراتٍ دَمَويَّةٍ"، ومنهم مَن يَذهَبُ إلى أنَّ "السلامَ" هو القاعدةُ في حياةِ البشَرِ، وأنَّ الحربَ أو العُنفَ استثناءٌ وشُذوذٌ من القاعدة، أما الإسلام فيرى أن "السلامِ" هو الأصلُ في العلاقاتِ الدوليَّةِ، وفي علاقةِ الناسِ بعضِهم ببعضٍ، وأنَّ الحروبَ ضرورةٌ واستثناءٌ، يضطرُّ إليها المسلمون في حالةٍ واحدةٍ هي الدِّفاعُ عن أنفُسِهم أو أراضِيهم أو عقيدتِهم ضدَّ عُدوانٍ مُحقَّقٍ.
وأكَّد فضيلته أنَّ الحَضاراتِ الكُبرَى المُعاصِرةَ الآن لا تَجِدُ بأسًا إذا أعوزَتْها أسبابُ الفِتَنِ والحُروب أنْ تَختَرِعَ لها عَدُوًّا تُدِيرُ عليه رَحى الحَرْبِ؛ وتَنقِلُ إليه بُؤَرَ التوتُّرِ والعُدوانِ والقِتال بعيدًا عن أراضيها وشُعوبِها.. وهذا السُّلوكُ الذي تتَّخِذُه بعضُ الكِياناتِ السياسيَّةِ المُعاصِرةِ هو – لا شَكَّ – دعوةٌ سافرةٌ إلى وَأدِ السِّلم والسلامِ العالميَّين وتشجيعِ العُدوانِ، وخُروجٌ على كلِّ الأُطُرِ الأخلاقيَّةِ والإنسانيَّةِ التي تجعَلُ من "السلامِ" أبسطَ حقٍّ من حُقوقِ البشَرِ، والمجتمعِ الإنسانيِّ.
وأضاف: وإنِّي وإنْ كُنتُ لا أُعوِّلُ كثيرًا في تفسيرِ مَصائبِنا التي تُحدِقُ بنا في الشَّرْقِ على نظريَّةِ "المُؤامرة" التي تجعَلُ مِن التَآمُرِ الغربِيِّ باعثًا رئيسًا لمُشكلاتِنا في الأمنِ والاقتصادِ والصحَّةِ والتعليمِ- إلا أنّ المسرحَ الذي تتتابَعُ على خشبتِه هذه الأحداثُ البَشِعَةُ هو مسرحٌ عبثيٌّ وفوضويٌّ يُشِيرُ بكلِّ قوَّةٍ إلى هذه الأيدي الخفيَّةِ السوداءِ التي تُمسِكُ بخُيوطِ اللُّعبةِ الماكِرة وتُحرِّكُها من وراء سِتارٍ.
وقال فضيلته: إنَّ القائمين على مُؤسَّسةِ الأُمَمِ المتحدةِ والإعلانِ العالمي لحقوقِ الإنسانِ، والذين حدَّدوا- بكلِّ وضوحٍ- في المادَّةِ الأولى من مِيثاقِ هذه المؤسَّسةِ: حِفظَ السَّلامِ والأمنِ الدوليَّينِ ومبدأَ المُساواةِ بين الدولِ الأعضاءِ وتحريمَ استخدامِ القوَّةِ، أو مُجرَّدَ التهديدِ بها في العلاقات الدوليَّةِ، والامتناعَ التامَّ عن "التدخُّل في الشُّؤونِ الداخليَّةِ للدولِ"- هؤلاء لم يكونوا جادِّين فيما يَقولونَ، وفيما يَضعون من مَواثِيقَ زعَمُوا أنَّها من أجلِ الإنسان ومن أجل الحفاظ على حقوق الدُّولِ، وبحيث لا تتميَّز فيها دولةٌ عن دولةٍ، ولا يتفاضَلُ فيها الإنسانُ الغربيُّ عن أخيه الشرقيِّ.. ومن ثَمَّ لم يكن غريباً أن نرى منظمةً كمنظمةِ الأُمَمِ المتَّحدةِ عاجزةً عن القيام بأيِّ دورٍ في رَدْعِ كثيرٍ من السِّياسات الجائرةِ والظالمةِ، ورغمَ مُرورِ ستَّةٍ وستين عامًا على مُنظَّمةِ الأُمَمِ المتَّحدة التي أُنشِئت من أجلِ مُواجهة تهديداتِ السَّلام العالمي، ووَقْفِ أعمال العُدوان بين الدُّولِ وفرضِ الاستقرارِ والسِّلمِ في رُبوع الأُمَمِ والشعوب، إلا أنَّ القُوَى الكُبرى في العالَم لا زالت تمنَحُ السَّلامَ للأُمَمِ وتمنَعُه عنها حَسَبَ مَصالِحها الشخصيَّةِ، وحَسَبَ نظامِ الهَيْمنةِ، وحَسَبَ منهجِ الظُّلمِ الذي تُبرِّرُه القاعدةُ اللاأخلاقيَّةُ عندَهم، وهي القاعدةُ التي تُقرِّرُ أنَّ «الغايةَ تُبرِّرُ الوسيلةَ»، مضيفًا: أنَّ النظامَ الأساسيَّ للأممِ المتحدةِ ومَواثيقِها ومُؤسَّساتِها الكُبرَى، لا يَسمحُ بنَشرِ سَلامٍ قائمٍ على قِيَمِ العدلِ والإنصافِ ومُراعاةِ حُقوق الآخَرينَ.
بل إنَّ من أخطَرِ عَوامل الهَدمِ للسَّلامِ العالميِّ هو ما يُسمَّى بحقِّ: "الفيتو" أو "النَّقض" والإسرافَ في استِخدامِه، والذّي يَغُلُّ يدي هذه المُنظَّمة عن مُلاحَقة المُجرِمين وإقرارِ "السَّلامِ العادلِ" في كثيرٍ من مَناطِقِ التوتُّرِ العالميِّ، بل ذهَب كثيرٌ من المحلِّلين إلى أنَّ الفيتو الأمريكيَّ فيما يتعلَّقُ بالنِّزاعِ الصهيونيِّ الفلسطينيِّ هو أهمُّ أسبابِ الإرهابِ الدوليِّ والتشجيعِ عليه.
وقارن فضيلته بين المِيثاق الدَّولي الذي أعلَنَه نبيُّ الإسلامِ محمدٌ - صلى الله عليه وسلم - في خُطبتِه في حَجَّةِ الوَداع، وقرَّر فيه حُقوقَ السلامِ والعدلِ والمُساواةِ بين الناسِ. وبَيْنَ مِيثاقِ الأُمَم المتحدةِ في هذا المجال، وكيف أنَّ المِيثاقَ النبويَّ حَقَّقَ أهدافَه كاملةً غيرَ منقوصةٍ في نَشْرِِ السلامِ العالميِّ، بينما أخفَقَ إعلانُ الأممِ المتحدةِ في إنشاءِ مَظَلَّةٍ دوليَّةٍ تُنصِفُ المظلومين من المُتربِّصين بها من خارجِ هذه المُنظَّمة، أو حتى من بين أعضائها أنفسِهِم.
وعلَّل فضيلته ذلك بأنَّ نبيَّ الإسلامِ – صلوات الله وسلامه عليه -كان صادقًا في دَعواه في نشرِ السِّلمِ وتحقيق العَدل والمُساواة بينَ الناس، وأنَّه لم يَكُنْ يعمَلُ من أجلِ الإنسانِ العربيِّ أو الإنسانِ المُسلِمِ دُونَ غيرِهما من سائرِ الناسِ، بل كان يُكرر في خِطابِه هذا نداءه للناس جميعا، بعبارته الشريفة: "لِيُبلِّغ الشاهدُ منكم الغائبَ"، بل إنه كثيرًا ما تحدَّى - صلى الله عليه وسلم - أصحابه بأنَّ مظلَّةَ الأمنِ والسِّلمِ سوفَ تنشُرُ آفاقَها على البلادِ والعِبادِ في فترةٍ وَجيزةٍ: "...وَاللَّهِ لَيَتِمَّنَّ هَذَا الأَمْرُ، حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إلى حَضْرَمَوْتَ لا يَخَافُ إِلاَّ اللَّهَ أَو الذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ، وَلَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ".
أمَّا القائمونَ على المُنظَّمات الدوليَّةِ التي أخَذَت على عاتِقها نشرَ السلامِ في العالَمِ فإنَّهم لم يكونوا صادقينَ في دَعواهُم، بل كانوا يُفرِّقون في دَخائِل أنفُسِهم بينَ الغربِ والشرقِ، وبين حقِّ الإنسانِ الغربيِّ في الأمنِ والسلمِ وحقِّ غيرِه من سائرِ الناس، وإلا فقولوا لنا: لماذا تخلو أوروبا وأمريكا من بُؤَرِ الصِّدامِ والاقتِتال، بينما تُصنَعُ صُنعا أسبابُ الصِّدامِ في الشرقِ وإفريقيا وبلادِ المسلمين على وجهِ الخُصوصِ؟! إنَّنا نعلَمُ عِلمَ اليَقِين أنَّ مَصانِعَ السلاحِ في الغربِ لا تتوقَّفُ عن الدَّوَرانِ لحظةً واحدةً، فإذا كان مَمنوعًا أنْ يَعمَل هذا السلاحُ في الغربِ، أو أنْ يتوجَّه إلى صُدور الغربيِّين، فأين يَعمَل إذن هذا السلاحُ؟ ولمَن يتوجَّهُ؟ إذا لم يَعمَل في الشرقِ وفي صُدورِ أبنائِه وبناتِه؟!
وشدَّد فضيلة الإمام: أنَّ آفةَ الآفاتِ في فلسفةِ "السلامِ" أنْ يَرتَبِط بمقاصدِ السياساتِ الدوليَّةِ ومِزاجها المُتقلِّب، وأنْ يتخلَّى عن مَقاصِدِ الأخلاقِ وغاياتِها الثابتةِ، وفي هذه الآفةِ يَكمُن الفرقُ بينَ نَظرةِ الرِّسالاتِ الإلهيَّةِ لمَفهوم "السَّلامِ" وضَرورتِه القُصوَى كشرطٍ أساسٍ للتقدُّمِ والرُّقيِّ والرفاهيةِ وبينَ معني "السلامِ" في مفهومِ الأمزِجَةِ البشريَّةِ المُتقلِّبة حِينًا، والمُتَصارعةِ حِينًا، والظالمةِ حِينًا آخَر..
واستعرضَ فضيلته أهميَّةَ "السلامِ" في الإسلامِ، ليس للإنسانِ فقط، بل للحيَوانِ والنباتِ والجمادِ أيضًا؛ فضَرورةُ السلامِ للإنسانِ في الإسلامِ تَنبُعُ من أنَّ الإسلامَ يُسوِّي بينَ الناسِِ جميعًا في الحُقوقِ والواجباتِ، وأوَّلُ هذه الحقوقِ هو حقُّ "الاختلافِ"، فاللهُ خلَقَ الناسَ مُختلفِين {وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ}"هود: 118"، وإذا كان الاختلافُ مَشِيئةً إلهيَّةً في خَلقِ الناسِ لا رادَّ لها؛ فإنَّ العلاقةَ بين المُختلفِين - فيما يُقرِّرُ الإسلامُ - هي علاقةُ التعارُفِ والالتقاءِ والتعاونِ على البرِّ والتقوى.. و"السلام" هو مُقتَضى علاقةِ التعارُفِ ولازِمُها الأوَّل.
وأوصى فضيلتُه هذا المنتدى أنْ يتبنَّى قاعدةَ "التعارُف" التي وردت في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} "الحجرات : 13" ، وأن ينشط اليومَ - وليس غدًا - لتَعزِيزِ السلمِ في المُجتَمعات العربية والإسلامية، وأنْ يَتوسَّلَ لذلك بفتحِ قَنَوات اتِّصالٍ مُباشِرٍ بينَ العُلَماءِ والحُكَماءِ وبينَ صُنَّاعِ القَرار من السياسيِّينَ في الشرقِ والغربِ، وأنْ يدعو إلى ترسيخِ قِيَمِ السلامِ والأمانِ والأُخوَّةِ والمحبَّةِ عبرَ برامجِ الحوارِ، وعبرَ برامجَ تعليميَّةٍ لتربيةِ النَّشءِ والأطفالِ على اختيارِ المُمارَسات السلميَّة في الحياةِ اليوميَّةِ، وأنْ يتحرَّكَ فورًا من أجلِ دعوةٍ عامَّةٍ لعُلَماءِ المسلمين للجُلوس بقُلوبٍ صادقةٍ ومُخلصةٍ لا تَشوبُها شوائبُ المصالح والأغراضِ والانتماءاتِ الصغيرةِ، التي كانت ولا تزالُ سببًا في تأخُّرِ أمَّتِنا العربيَّةِ والإسلاميَّةِ، وتفكُّكِها وضَعفِها وهَوانِها على الناسِ، وما لم يتَّفِقِ العُلَماءُ على إقامةِ السلامِ العادِلِ بينَهم أوَّلًا، فلا أملَ في أنْ يَسوسُوا الناسَ بقِيَمِ الحقِّ والخيرِ والجمالِ، كيف وفاقِدُ الشيءِ لا يُعطِيه، والذي يَعجِزُ عن قيادةِ نفسِه هو عن قيادةِ غيرِه أعجَزُ.
وفي نهاية كلمته تقدَّم فضيلة الإمام الأكبر بالشكر لدولة الإمارات الشقيقة على أنْ فطنت لخطَرِ موضوعِ السِّلم والأمن الاجتماعيَّين، وحاجة العالمِ المُلِحَّةِ - الآنَ - إلى إحياءِ مفهومِ السلامِ العادلِ، وإلى تطبيقِه وتنزيلِه على واقعِ الناسِ، الذي عانَى ويُعانِي الأمرَّين بسبب غِياب هذا المفهومِ فترةً تَزيدُ على نصفِ قَرنٍ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.