تعرف على موعد عقد الامتحان للطلاب المتقدمين للالتحاق بمدارس المتفوقين 2025    أسعار المأكولات البحرية والجمبري اليوم الثلاثاء 15-7-2025 في محافظة قنا    أسعار طبق البيض اليوم الثلاثاء 15-7-2025 في قنا    أسعار اللحوم البلدي والكندوز اليوم الثلاثاء 15-7-2025 في الأسواق ومحال الجزارة بقنا    "الإفريقي للتنمية" يقدم منحة بقيمة 62 مليون دولار لاستعادة الخدمات الأساسية في السودان    مصر العاشر عالمًا في تحسن الأداء السياحي بالربع الأول من 2025    تعرف على أسعار الذهب اليوم الاثنين 14 يوليو 2025    اليونيسف تنعى 7 أطفال قُتلوا أثناء انتظارهم للحصول على الماء في غزة    فاينانشيال تايمز تنصح المستثمرين الأمريكيين بتوخي الحذر من التراخي في تطبيق التعريفات الجمركية    الجيش الإسرائيلي يعلن عن مقتل ثلاثة جنود في معارك شمال قطاع غزة    وزير الخارجية والهجرة يلتقي مع وزير خارجية البرتغال لبحث العلاقات الثنائية    غزل المحلة يضم الظهير التنزاني رحيم شوماري    سادس الصفقات.. غزل المحلة يضم "أوفا" من العبور رسميًا    لأول مرة.. 6 محطات عالمية في الموسم الجديد لسباق زايد الخيري    فيريرا يشرح للاعبي الزمالك خطة الإعداد للموسم الجديد    محمد حمدي: الإصابات أثرت على تجربة الزمالك.. وهذه حقيقة مفاوضات الأهلي قبل كأس العالم    محمد الحنفي يعلن عبر في الجول قراره باعتزال التحكيم    السيطرة على حريق في مخلفات بقطعة أرض ببنها    ضحية واقعة "شهاب سائق التوك توك": وثّقت الحادثة للتقويم لا للتشهير.. والداخلية تحركت فورًا    أحمد وفيق: المسرح ليس صعبًا على من بدأ به حياته الفنية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 15-7-2025 في محافظة قنا    الهلال السعودي يبدأ خطوات تمديد عقد ياسين بونو    حمادة المصري: الأهلي لا يملك البديل المناسب لوسام أبو علي    "الوطنية للانتخابات" تطلق "دليلك الانتخابي" عبر الموقع الرسمي وتطبيق الهيئة    موقع أمريكي: إدارة ترامب تخضع موظفي الاستخبارات لاختبارات كشف الكذب    بالأسماء، إصابة 6 أشخاص في تصادم ميكروباص بنصف نقل بطنطا    صاحب السيارة في واقعة سائق التوك توك شهاب يروي تفاصيل ما حدث: أردت تقويم سلوكه وليس التريند    مفاجأة في أسباب انهيار عقار نور الشريف بالسيدة زينب    بالزيادة الجديدة، صرف معاش تكافل وكرامة لشهر يوليو اليوم    خالد سليم يفاجئ زوجته في اليونان: الحب ما بينتهيش بعد الجواز (فيديو)    أخبار مصر اليوم: توفير 55 ألف وحدة سكنية للمتضررين من انهيار العقارات بالإسكندرية.. خطوات تسجيل الرغبات بتنسيق الدبلومات الفنية 2025.. استعدادات لتشغيل الطريق الإقليمي    الصحة: تلقينا شكاوى عن نقص 15 ألف خرطوشة أنسولين شهريًا بالشرقية    أحمد موسى عن التسجيل الصوتي المنسوب ل كامل الوزير: وزير النقل يتعرض لحملة استهداف ممنهجة    «الأزهر العالمي للفتوى» يعلن خارطة فقهية للتعامل مع نوازل الزواج والطلاق    القومي للمرأة يهنئ النائبة الدكتورة جيهان زكي بمنحها وسام «جوقة الشرف»    رئيس الوزراء يصدر قرارا بالتشكيل الجديد للمجلس الأعلى للثقافة    كوادر بشعار «أنا مسئول» |«الوطنية للتدريب» تطلق مبادرات تمكين المرأة والشباب    نتيجة الثانوية العامة الأسبوع الأخير من يوليو    محافظ المنيا يعلن غدا انطلاق حملة «100 يوم صحة» لتقديم الخدمات الصحية في القرى الأكثر احتياجًا    أمين الفتوى: صلاة المرأة في العمل أو بالأماكن العامة صحيحة وهذا هو الأفضل    أمين الفتوى يكشف عن أركان وشروط صحة الصلاة: لا تصح العبادة بدونها    الولايات المتحدة تعرض السيطرة على الممر الأكثر جدلا في العالم ل 100 عام    رايات خضراء وصفراء على شواطئ الإسكندرية مع تزايد إقبال المصطافين هربا من الحر    مصر والأصدقاء الأفارقة    كيفية تطهر ووضوء مريض القسطرة؟.. عضو مركز الأزهرتجيب    جنات تعود بألبوم ألوم على مين وتطرح أغانيه تدريجيا خلال يوليو الجاري    «ممنوع عنه الزيارات».. آخر تطورات الحالة الصحية للفنان لطفي لبيب    احذرها.. عادة صيفية شائعة قد تضر قلبك دون أن تدري    فيديو .. طفل يقود سيارة على الطريق الدائري.. والداخلية تتحرك فورًا    الصحة الفلسطينية: اعتقال 360 من الكوادر الطبية منذ بداية حرب الإبادة على غزة    بأرواحهم وقلوبهم.. مواليد هذه الأبراج الستة يعشقون بلا حدود    انطلاق فعاليات مبادرة "أنا أيضًا مسئول" بجامعة المنصورة    خالد الجندي: محبة الله أساس الإيمان وسر السعادة في المساجد    «الباقيات الصالحات» تطلق التشغيل التجريبي لمبادرتها الجديدة «احنا السند»    توزيع 977 جهاز توليد الأكسجين على مرضى التليفات الرئوية «منزلي»    قبل «درويش».. 3 أفلام جمعت عمرو يوسف ودينا الشربيني    ماذا قال رئيس مجلس الدولة لوزير الأوقاف خلال زيارته؟    مستشار الرئيس للصحة: الالتهاب السحائي نادر الحدوث بمصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأزهر يطلق مبادرة "للتعارف" بين الأمم والشعوب
نشر في الوفد يوم 09 - 03 - 2014

ألقى الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، كلمة أمام "منتدى تعزيز السلم فى المجتمعات المسلمة"، قال فيها: "إن الحديثَ عن السَّلام حديثٌ مُتشعِّبُ النواحى والاتِّجاهات، ولا يُمكِن أنْ تُستَقصَى جوانبُه فى كلمةٍ كهذه محدودةِ المِساحةِ والزمَنِ، ولا تزالُ التساؤلاتُ حولَ "السلامِ" ومعناه، وعلاقتِه بحُقولِ المعرفةِ البشريَّةِ الأُخرَى مفتوحةً لم تُحسَم حتى، بل أصبح الآنَ للسلامِ عِلمٌ خاصٌّ به، يُبحَثُ فيه عن السلامِ وعن الحُروب وأسبابِها، وارتباطِ كلِّ ذلك بالعُلومِ الاجتماعيَّةِ والسياسيَّةِ والدِّراساتِ الاستراتيجيَّةِ والعُلومِ العسكريَّة، بل وعلوم الأخلاق".
وأضاف الطيب، " ولا يَزال فلاسفةُ التاريخِ يَنقسمونَ حولَ علاقة السلامِ بالإنسان؛ فمنهم مَن يَذهَبُ إلى أنَّ "التاريخَ البشرى إنَّما هو تاريخُ بُحَيراتٍ دَمَويَّةٍ"، ومنهم مَن يَذهَبُ إلى أنَّ "السلامَ" هو القاعدةُ فى حياةِ البشَرِ، وأنَّ الحربَ أو العُنفَ استثناءٌ وشُذوذٌ من القاعدة، أما الإسلام فيرى أن "السلامِ" هو الأصلُ فى العلاقاتِ الدوليَّةِ، وفى علاقةِ الناسِ بعضِهم ببعضٍ، وأنَّ الحروبَ ضرورةٌ واستثناءٌ، يضطرُّ إليها المسلمون فى حالةٍ واحدةٍ هى الدِّفاعُ عن أنفُسِهم أو أراضِيهم أو عقيدتِهم ضدَّ عُدوانٍ مُحقَّقٍ".
وأكَّد فضيلته أنَّ الحَضاراتِ الكُبرَى المُعاصِرةَ الآن لا تَجِدُ بأسًا إذا أعوزَتْها أسبابُ الفِتَنِ والحُروب أنْ تَختَرِعَ لها عَدُوًّا تُدِيرُ عليه رَحى الحَرْبِ؛ وتَنقِلُ إليه بُؤَرَ التوتُّرِ والعُدوانِ والقِتال بعيدًا عن أراضيها وشُعوبِها.. وهذا السُّلوكُ الذى تتَّخِذُه بعضُ الكِياناتِ السياسيَّةِ المُعاصِرةِ هو – لا شَكَّ – دعوةٌ سافرةٌ إلى وَأدِ السِّلم والسلامِ العالميَّين وتشجيعِ العُدوانِ، وخُروجٌ على كلِّ الأُطُرِ الأخلاقيَّةِ والإنسانيَّةِ التى تجعَلُ من "السلامِ" أبسطَ حقٍّ من حُقوقِ البشَرِ، والمجتمعِ الإنسانيِّ.
وأضاف: "وإنِّى وإنْ كُنتُ لا أُعوِّلُ كثيرًا فى تفسيرِ مَصائبِنا التى تُحدِقُ بنا فى الشَّرْقِ على نظريَّةِ "المُؤامرة" التى تجعَلُ مِن التَآمُرِ الغربِى باعثًا رئيسًا لمُشكلاتِنا فى الأمنِ والاقتصادِ والصحَّةِ والتعليمِ -إلا أنّ المسرحَ الذى تتتابَعُ على خشبتِه هذه الأحداثُ البَشِعَةُ هو مسرحٌ عبثى وفوضوى يُشِيرُ بكلِّ قوَّةٍ إلى هذه الأيدى الخفيَّةِ السوداءِ التى تُمسِكُ بخُيوطِ اللُّعبةِ الماكِرة وتُحرِّكُها من وراء سِتارٍ".
وقال: إنَّ القائمين على مُؤسَّسةِ الأُمَمِ المتحدةِ والإعلانِ العالمى لحقوقِ الإنسانِ، والذين حدَّدوا – بكلِّ وضوحٍ – فى المادَّةِ الأولى من مِيثاقِ هذه المؤسَّسةِ: حِفظَ السَّلامِ والأمنِ الدوليَّينِ ومبدأَ المُساواةِ بين الدولِ الأعضاءِ وتحريمَ استخدامِ القوَّةِ، أو مُجرَّدَ التهديدِ بها فى العلاقات الدوليَّةِ، والامتناعَ التامَّ عن "التدخُّل فى الشُّؤونِ الداخليَّةِ للدولِ"- هؤلاء لم يكونوا جادِّين فيما يَقولونَ، وفيما يَضعون من مَواثِيقَ زعَمُوا أنَّها من أجلِ الإنسان ومن أجل الحفاظ على حقوق الدُّولِ، وبحيث لا تتميَّز فيها دولةٌ عن دولةٍ، ولا يتفاضَلُ فيها الإنسانُ الغربى عن أخيه الشرقيِّ، ومن ثَمَّ لم يكن غريبًا أن نرى منظمةً كمنظمةِ الأُمَمِ المتَّحدةِ عاجزةً عن القيام بأى دورٍ فى رَدْعِ كثيرٍ من السِّياسات الجائرةِ والظالمةِ، ورغمَ مُرورِ ستَّةٍ وستين عامًا على مُنظَّمةِ الأُمَمِ المتَّحدة التى أُنشِئت من أجلِ مُواجهة تهديداتِ السَّلام العالمي، ووَقْفِ أعمال العُدوان بين الدُّولِ وفرضِ الاستقرارِ والسِّلمِ فى رُبوع الأُمَمِ والشعوب، إلا أنَّ القُوَى الكُبرى فى العالَم لا زالت تمنَحُ السَّلامَ للأُمَمِ وتمنَعُه عنها حَسَبَ مَصالِحها الشخصيَّةِ، وحَسَبَ نظامِ الهَيْمنةِ، وحَسَبَ منهجِ الظُّلمِ الذى تُبرِّرُه القاعدةُ اللاأخلاقيَّةُ عندَهم، وهى القاعدةُ التى تُقرِّرُ أنَّ «الغايةَ تُبرِّرُ الوسيلةَ»، مضيفًا: أنَّ النظامَ الأساسى للأممِ المتحدةِ ومَواثيقِها ومُؤسَّساتِها الكُبرَى، لا يَسمحُ بنَشرِ سَلامٍ قائمٍ على قِيَمِ العدلِ والإنصافِ ومُراعاةِ حُقوق الآخَرينَ".
وأضاف "إنَّ من أخطَرِ عَوامل الهَدمِ للسَّلامِ العالمى هو ما يُسمَّى بحقِّ: "الفيتو" أو "النَّقض" والإسرافَ فى استِخدامِه، والذّى يَغُلُّ يدى هذه المُنظَّمة عن مُلاحَقة المُجرِمين وإقرارِ "السَّلامِ العادلِ" فى كثيرٍ من مَناطِقِ التوتُّرِ العالميِّ، بل ذهَب كثيرٌ من المحلِّلين إلى أنَّ الفيتو الأمريكى فيما يتعلَّقُ بالنِّزاعِ الصهيونى الفلسطينى هو أهمُّ أسبابِ الإرهابِ الدولى والتشجيعِ عليه".
وقارن بين المِيثاق الدَّولى الذى أعلَنَه نبى الإسلامِ محمدٌ - صلى الله عليه وسلم - فى خُطبتِه فى حَجَّةِ الوَداع، وقرَّر فيه حُقوقَ السلامِ والعدلِ والمُساواةِ بين الناسِ. وبَيْنَ مِيثاقِ الأُمَم المتحدةِ فى هذا المجال، وكيف أنَّ المِيثاقَ النبوى حَقَّقَ أهدافَه كاملةً غيرَ منقوصةٍ فى نَشْرِِ السلامِ العالميِّ، بينما أخفَقَ إعلانُ الأممِ المتحدةِ فى إنشاءِ مَظَلَّةٍ دوليَّةٍ تُنصِفُ المظلومين من المُتربِّصين بها من خارجِ هذه المُنظَّمة، أو حتى من بين أعضائها أنفسِهِم.
وعلَّل فضيلته ذلك بأنَّ نبى الإسلامِ – صلوات الله وسلامه عليه -كان صادقًا فى دَعواه فى نشرِ السِّلمِ وتحقيق العَدل والمُساواة بينَ الناس، وأنَّه لم يَكُنْ يعمَلُ من أجلِ الإنسانِ العربى أو الإنسانِ المُسلِمِ دُونَ غيرِهما من سائرِ الناسِ، بل كان يُكرر فى خِطابِه هذا نداءه للناس جميعا، بعبارته الشريفة: "لِيُبلِّغ الشاهدُ منكم الغائبَ"، بل إنه كثيرًا ما تحدَّى - صلى الله عليه وسلم - أصحابه بأنَّ مظلَّةَ الأمنِ والسِّلمِ سوفَ تنشُرُ آفاقَها على البلادِ والعِبادِ فى فترةٍ وَجيزةٍ: "...وَاللَّهِ لَيَتِمَّنَّ هَذَا الأَمْرُ، حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إلى حَضْرَمَوْتَ لا يَخَافُ إِلاَّ اللَّهَ أَو الذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ، وَلَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ".
أمَّا القائمونَ على المُنظَّمات الدوليَّةِ التى أخَذَت على عاتِقها نشرَ السلامِ فى العالَمِ فإنَّهم لم يكونوا صادقينَ فى دَعواهُم، بل كانوا يُفرِّقون فى دَخائِل أنفُسِهم بينَ الغربِ والشرقِ، وبين حقِّ الإنسانِ الغربى فى الأمنِ والسلمِ وحقِّ غيرِه من سائرِ الناس، وإلا فقولوا لنا: لماذا تخلو أوروبا وأمريكا من بُؤَرِ الصِّدامِ والاقتِتال، بينما تُصنَعُ صُنعا أسبابُ الصِّدامِ فى الشرقِ وإفريقيا وبلادِ المسلمين على وجهِ الخُصوصِ؟! إنَّنا نعلَمُ عِلمَ اليَقِين أنَّ مَصانِعَ السلاحِ فى الغربِ لا تتوقَّفُ عن الدَّوَرانِ لحظةً واحدةً، فإذا كان مَمنوعًا أنْ يَعمَل هذا السلاحُ فى الغربِ، أو أنْ يتوجَّه إلى صُدور الغربيِّين، فأين يَعمَل إذن هذا السلاحُ؟ ولمَن يتوجَّهُ؟ إذا لم يَعمَل فى الشرقِ وفى صُدورِ أبنائِه وبناتِه؟!
وشدَّد فضيلة الإمام: أنَّ آفةَ الآفاتِ فى فلسفةِ "السلامِ" أنْ يَرتَبِط بمقاصدِ السياساتِ الدوليَّةِ ومِزاجها المُتقلِّب، وأنْ يتخلَّى عن مَقاصِدِ الأخلاقِ وغاياتِها الثابتةِ، وفى هذه الآفةِ يَكمُن الفرقُ بينَ نَظرةِ الرِّسالاتِ الإلهيَّةِ لمَفهوم "السَّلامِ" وضَرورتِه القُصوَى كشرطٍ أساسٍ للتقدُّمِ والرُّقى والرفاهيةِ وبينَ معنى "السلامِ" فى مفهومِ الأمزِجَةِ البشريَّةِ المُتقلِّبة حِينًا، والمُتَصارعةِ حِينًا، والظالمةِ حِينًا آخَر..
واستعرضَ فضيلته أهميَّةَ "السلامِ" فى الإسلامِ، ليس للإنسانِ فقط، بل للحيَوانِ والنباتِ والجمادِ أيضًا؛ فضَرورةُ السلامِ للإنسانِ فى الإسلامِ تَنبُعُ من أنَّ الإسلامَ يُسوِّى بينَ الناسِِ جميعًا فى الحُقوقِ والواجباتِ، وأوَّلُ هذه الحقوقِ هو حقُّ "الاختلافِ"، فاللهُ خلَقَ الناسَ مُختلفِين {وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ}"هود: 118"، وإذا كان الاختلافُ مَشِيئةً إلهيَّةً فى خَلقِ الناسِ لا رادَّ لها؛ فإنَّ العلاقةَ بين المُختلفِين - فيما يُقرِّرُ الإسلامُ - هى علاقةُ التعارُفِ والالتقاءِ والتعاونِ على البرِّ والتقوى.. و"السلام" هو مُقتَضى علاقةِ التعارُفِ ولازِمُها الأوَّل.
وأوصى فضيلتُه هذا المنتدى أنْ يتبنَّى قاعدةَ "التعارُف" التى وردت فى قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} "الحجرات : 13" ، وأن ينشط اليومَ - وليس غدًا - لتَعزِيزِ السلمِ فى المُجتَمعات العربية والإسلامية، وأنْ يَتوسَّلَ لذلك بفتحِ قَنَوات اتِّصالٍ مُباشِرٍ بينَ العُلَماءِ والحُكَماءِ وبينَ صُنَّاعِ القَرار من السياسيِّينَ فى الشرقِ والغربِ، وأنْ يدعو إلى ترسيخِ قِيَمِ السلامِ والأمانِ والأُخوَّةِ والمحبَّةِ عبرَ برامجِ الحوارِ، وعبرَ برامجَ تعليميَّةٍ لتربيةِ النَّشءِ والأطفالِ على اختيارِ المُمارَسات السلميَّة فى الحياةِ اليوميَّةِ، وأنْ يتحرَّكَ فورًا من أجلِ دعوةٍ عامَّةٍ لعُلَماءِ المسلمين للجُلوس بقُلوبٍ صادقةٍ ومُخلصةٍ لا تَشوبُها شوائبُ المصالح والأغراضِ والانتماءاتِ الصغيرةِ، التى كانت ولا تزالُ سببًا فى تأخُّرِ أمَّتِنا العربيَّةِ والإسلاميَّةِ، وتفكُّكِها وضَعفِها وهَوانِها على الناسِ، وما لم يتَّفِقِ العُلَماءُ على إقامةِ السلامِ العادِلِ بينَهم أوَّلًا، فلا أملَ فى أنْ يَسوسُوا الناسَ بقِيَمِ الحقِّ والخيرِ والجمالِ، كيف وفاقِدُ الشيءِ لا يُعطِيه، والذى يَعجِزُ عن قيادةِ نفسِه هو عن قيادةِ غيرِه أعجَزُ.
وفى نهاية كلمته تقدَّم فضيلة الإمام الأكبر بالشكر لدولة الإمارات الشقيقة على أنْ فطنت لخطَرِ موضوعِ السِّلم والأمن الاجتماعيَّين، وحاجة العالمِ المُلِحَّةِ - الآنَ - إلى إحياءِ مفهومِ السلامِ العادلِ، وإلى تطبيقِه وتنزيلِه على واقعِ الناسِ، الذى عانَى ويُعانِى الأمرَّين بسبب غِياب هذا المفهومِ فترةً تَزيدُ على نصفِ قَرنٍ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.