عام 1998، كان اللواء محمود فاروق، مدير الإدارة العامة للمباحث، برتبة عقيد شرطة، وكان يشغل آنداك منصب مفتش مباحث فى الجيزة.. لا يزال يتذكر تلك الجريمة التى كشف عنها بعد قرابة 72 ساعة. اللواء فاروق قال ل«الوطن» عن تفاصيل الواقعة: «تلقيت بلاغا من الأهالى بالعثور على جثة لفتاة أسفل عقار تحت الإنشاء فى منطقة كعبيش فى الهرم.. انتقلت إلى مكان البلاغ وتبين أن المجنى عليها لا تحمل أى بيانات شخصية، ومن خلال المعاينة الأولية تبين أنها فى العقد الثانى من عمرها.. الضحية مصابة بقرابة 45 طعنة فى صدرها ومنطقة حساسة فى جسدها.. الضحية يبدو عليها وكأنها عروس ليلة دخلتها.. من آثار المكياج الذى يبدو على وجهها». يتابع اللواء فاروق: «تلقيت البلاغ حوالى الساعة السادسة صباحا وانتظرت مع قرابة 8 ضباط من مباحث الهرم بجوار الجثة وأهالى المنطقة وروادها ينظرون إلى الجثة ولم يتعرف عليها أحد.. الوقت يمر ولا أحد يكشف هوية المجنى عليها.. ولا يزال التصور الذى وضعته للجثة أنها عروس ليلة دخلتها لا يغيب عن ذاكرتى.. فى الساعة الثانية عشرة والنصف توقفت طفلة عمرها 11 عاما بجوار الأهالى والضباط الموجودين بجوار الجثة.. وفجأة قالت الطفلة: (الحذاء ده بتاع بنت جارتنا، اشترته من يومين وأنا شفتها بيه)». يضيف اللواء محمود فاروق: «استمعت لأقوال الطفلة جيدا وذهبت معها للعنوان وطلبت استدعاء الأسرة وتعرفت على الضحية وبدأ والدها يردد كلمات بأن الضحية سيئة السمعة وحدثت له حالة هستيريا.. وشقيقا الضحية يرددان كلمات تدل على أنهما من قتلا الضحية». يتابع «فاروق» قائلاً: «حضر الطب الشرعى والمعمل الجنائى والنيابة العامة وأجروا معاينة تصويرية وتبين من خلال المعاينة أن الفتاة مطعونة قرابة 45 طعنة فى جسدها فى مناطق حساسة فى جسدها وأن القاتل ارتكب الواقعة بدافع انتقامى.. لكن المفاجأة كانت أن الطب الشرعى أكد أن الضحية عمرها 13 سنة». ويضيف: «بعد أن استمعت لأقوال الشهود، وضعت خطة بحث وتحرٍّ تقودنا للكشف عن قاتل الفتاة.. وبدأت فى تتبع خط سير والد الضحية وشقيقيها.. وبعد مرور حوالى 24 ساعة تبين لنا أن والد الضحية وشقيقيها لم يكن لهم أى صلة بقتلها، وذلك بعد أن تبين أنهم كانوا موجودين فى مكان عملهم فى وقت معاصر للواقعة. يضيف «فاروق»: «والله بعد كده أنا وضعت تصور للجريمة وهو عبارة عن أن الضحية كانت شبه عروس فى ليلة دخلتها.. وأن أحد الأشخاص عرض عليها الزواج وقتلها بعد معرفته أنها سيئة السمعة، وبدأنا فى فحص علاقات الضحية وتبين لنا أن الضحية تذهب يومياً إلى جارتها الضريرة فقط وتقوم على خدمتها ثم تختفى لمدة يوم أو اثنين وتعود مرة أخرى للمنطقة ولم يقم أحد من المنطقة علاقة غير شرعية معها، وأثناء الفحص تبين لنا أن السيدة الضريرة لديها شاب فى العقد الثانى من عمره ولكنه (طيب السمعة) وبدأنا فى مناقشته وتبين لنا أنه ليس له أى علاقة بالفتاة.. وبعد حوالى 24 ساعة فوجئت بشخص من المنطقة يطلب مقابلتى فى المكتب بقسم شرطة الهرم وأثناء حوارى معه أخبرنى أنه شاهد تلك الفتاة مع نجل السيدة الضريرة». يتابع: «انطلقت أنا وقوة من المباحث وقابلت نجل السيدة الضريرة التى تقوم الفتاة الضحية على خدمتها.. وبعدها استدعيته إلى قسم شرطة الهرم وبدأت فى مناقشته حول ما قاله شاهد الرؤية.. وبدأ المتهم فى الانهيار وقال لى فى 6 ساعات اعترافات تفصيلية بالحادث وشرح قائلا إنه فى أحد الأيام كانت الفتاة فى منزلهم ودخل عليها غرفة النوم، حدثت بينهما علاقة غير شرعية وطلبت منه الزواج عرفيا وإلا سوف تفضحه أمام والدته. يضيف المتهم: (بعد كده أنا اتفقت مع واحد صاحبى على استدراج المجنى عليها وقتلها بعد أن أوهمتها بأننا سوف نتزوج عرفيا، وفى يوم الحادث ركبنا سيارة ميكروباص ونزلنا فى مكان الحادث وكان فى انتظارى صديقى وقمنا بشل حركتها وتعديت عليها بسكين وسددت لها قرابة 45 طعنة فى مختلف أنحاء جسدها، بس هو كده كل اللى حصل والله هى السبب، أنا ما عملتش معاها أى حاجة)».