مهما كانت تطلعاتك لغد أفضل، مهما كان يقينك بالحريات، مهما كان رأيك من رأسك وليس من دكاكين الإعلام، مهما كان إيمانك بالثورة وليس بالفوضى، مهما كان رفضك لعودة نظام قديم، مهما كان جهادك لمواجهة إنتاج نظرية المستبد العادل، مهما كانت مجابهتك لفكرة المرشح الأوحد، مهما كانت مواقفك من المطبلاتية وحمَلة المباخر، فإنك كبشرى مأخوذ أمام دماء شهداء الشرطة والجيش، مأخوذ بصرخات أمهات فقدن العائل والسند والولد، مأخوذ بأنّات زوجات ترمّلن لأن خفافيش الإرهاب سكنت الوادى والصحراء المصرية، مأخوذ ببراءة بأطفال ذنبهم فى الحياة أنهم وُلدوا أبناء لضباط أو جنود، مأخوذ بأنهم ما داموا يرتدون بدلة رسمية ومهما كانت أسماؤهم أو دينهم أو رسمهم فإنهم هدف للغدر والخسة! نقولها تضامناً مع الدماء المهدرة، نقولها تضامناً مع كل من يفكر بأنه قد يكون يوماً ما جسداً مسجى ينتظر مشرط طبيب شرعى ليحدد سبب وفاته برصاص التطرف، نقولها ونحن مؤمنون بكل ما كتبته السماء فى الألواح أو فى كتب منزلة عن كرامة الإنسان، نقولها ونحن ننظر إلى مهمة سامية للحفاظ على أمننا واستقرارنا، نحن معكم فى الحق دائماً وفى الخطأ، فأبواب القانون مشرعة دون أبواب الغفران، نعود لأهالى الضحايا نبكيهم معكم، فهم أبناؤنا، ونحزن على الدم المصرى أياً كان ومهما كان باستثناء الإرهابيين الذى لا يرون فينا سوى مجموعة من الكافرين يعيشون فى مجتمع كافر لأننا رفضنا حكماً لغبى مجنون متطرف كان مرؤوساً وليس رئيساً! لسنا بالطبع دولة إسكندنافية لنتحدث عن حقوق الإنسان فقط، بل نسعى للحفاظ على الخيط بين الحق والواجب، بين اليقين بالحرب على الإرهاب واحترام الكرامة الإنسانية، بين حق الأجهزة فى اتخاذ تدابير لحماية رجالها وبين حقوق المواطنين حسب القانون، نعلم أن التداخل كبير والمفاهيم مختلطة والاستقطاب أورثنا وجهتى نظر، فإما أن تكون مع الدولة قلباً وقالباً ظالمة أو مظلومة وإما أن تكون ضد ممارساتها أيا كانت ومهما كانت بمنطق السيولة الثورية ومراهقة الميادين، فى حين أن العقل يقول: مصر ليست دولة رفاهة بل دولة تحارب الإرهاب وتبحث أيضاً عن الديمقراطية وعن مخرج من أزمات ومعضلات حتى لا تتجه للفوضى، فليس فى جوارها الجغرافى النرويج أو السويد أو الدنمارك بل دولة فاشلة وأخرى لا دولة وقطاع يرتع فيه الإرهاب! لن نختلف على الوطن بل نختلف على الطريقة التى تدار بها الأمور، وفى النهاية فنحن أمام خيارين فإما فوضى لرغبة البعض فى الثورة فى اللادولة أو دولة تحترم شعبها وتكره ماضيها القريب البغيض!