حتى لا يسقط المزيد من الأنظمة علينا جميعاً أن نتعلم من دروس الماضى وثورات الثلاث سنين الأخيرة، وإلا فلا جدوى منها فى ظل وجود حفنة من الانتهازيين بكل عصر يتربصون بمقدرات الوطن ويتلاعبون بأرزاق الفقراء ويختطفون مكتسبات الثورات، فهؤلاء هم العقبة فى سبيل أى تطور، فهم حملة المباخر ومَن يطلق عليهم (المطبلاتية) الذين يحاصرون أى رئيس أو قيادة فى مصر ليشكلوا بطانة السوء التى تفسد على الرئيس عمله، بل تحجب عنه الكثير من الحقائق وتزين له الكثير من الأخطاء والسلبيات، وقد تفسده هو شخصياً. سيادة الرئيس القادم، والذى لا نعرف من هو تحديداً رغم كل التكهنات، لا عذر لك بعد اليوم إن أحطت نفسك بهذه البطانة التى استجمعت بالفعل نفسها منذ أحداث ثورة يناير لتنقضّ عليها، ثم مع ثورة يونيو لتمتطيها بعد أن كانوا الأكثر تقرباً واستفادة أثناء حكم الإخوان لمصر على مدار عام. وأما المفارقة فهى أن منهم الكثيرين الذين كانوا ينتمون للحزب الوطنى الديمقراطى ولكن ولاءهم الوحيد لمصالحهم الشخصية وليس لمصلحة مصر كما يدعون أو يتاجرون بشعارات وطنية قد تصل إلى المزايدة على الآخرين للتخلص منهم. ولكن بكل أسف هؤلاء نجدهم باستمرار على الساحة والفضائيات وحول موائد الاجتماعات وفى أروقة المؤسسات بل فى مكاتب القيادات إن لم يكونوا فى مقاعدها. إن النظرة البرجماتية التى قد تدفع البعض ممن هم فى مواقع السلطة للاستعانة بهؤلاء ليست هى بالنظرة المثلى، ولنأخذ فى هذا عبرة مما حدث خلال فترة نظام مبارك والإخوان المسلمين عندما انكفأ كل على نفسه مستسلماً لبطانته حتى سقطت تلك الأنظمة على الرغم من ثقتهم الكاملة التى كانت تجعلهم يعتقدون أنهم فى الاتجاه الصحيح ويشعرون باستقرار زائف. إذن نحن بصدد تجارب واضحة وصارخة وقعت خلالها أنظمة متتابعة فى أخطاء أدت إلى انعزال الرؤساء بشكل أو آخر عن الشعب بسبب المحيطين بهم أو بطانتهم إذا ما صح التعبير إن ما أخشاه حقاً ويخشاه الكثيرون من المصريين هو التفاف حفنة من المنافقين والمزايدين فى الفترة القادمة حول الرئيس القادم وحول كل من سيتولون المواقع القيادية فى البلاد كى يقوموا بنفس الدور الذى اعتادوا عليه من قبل. ولنأخذ فى هذا عبرة أو مثالاً آخر بمن يحاولون التقرب حالياً من المؤسسة العسكرية بشكل عام أو من المشير السسيسى استغلالاً لشعبيته بكثرة النفاق الفج الذى يصل فى كثير من الأحيان إلى درجات صارخة جداً قد تسىء إليه هو شخصياً، وإن كنت أعتقد أنه لن تنطلى عليه مثل هذة الأمور، فهو يدركها جيداً. سيادة الرئيس القادم، أمامك تحديات كبيرة فى انتظارك كمكافحة الإرهاب والفساد وإعادة ضبط إيقاع المجتمع من جديد لاستئناف أو بداية العمل بلا تهاون أو هوادة لتوفير لقمة العيش لأبناء مصر الطيبين والبسطاء الذين تاجر بهم الجميع للوصول إلى الصفوف الأمامية، ولذا أرجو أن تدقق فى اختيار معاونيك ومستشاريك وأن يكون تحيزك الأول والأخير إلى مصر العامرة بالكفاءات والوطنيين المخلصين. ابحث عنهم ستجدهم فى الداخل أو فى الخارج للمشاركة فى استكمال استحقاقات ثورتى الخامس والعشرين من يناير والثلاثين من يونيو، وأن نتعلم من دروس الماضى.