أعربت منظمة "مراسلون بلا حدود" عن بالغ قلقها إزاء سلسلة القوانين الليبية التي أقرها المؤتمر الوطني العام في الآونة الأخيرة والتي تعيد البلاد إلى القوانين السالبة للحرية في عهد القذافي. وأشارت المنظمة ومقرها باريس، في بيان صحفي اليوم، إلى أنه وقبل أيام قليلة من الانتخابات التي تجري اليوم لاختيار الأعضاء الستين الذين سيشكلون الجمعية التأسيسية، صادق البرلمان الانتقالي على تعديل قانون العقوبات في خطوة لا تبعث على التفاؤل حيال صياغة دستور جديد يحترم الحريات والالتزامات الليبية على الصعيد الدولي. وتابعت: "تبدو ليبيا الجديدة الحرة حتى الآن أبعد من أي وقت مضى عن مبادئ الحرية التي يكفلها الإعلان الدستوري المؤقت". وانتقدت "مراسلون بلا حدود" هذا القانون الذي يعود تاريخه إلى عهد القذافي، حيث تعتبر المنظمة أنه ينطوي على انتهاكات جسيمة للحريات والتزامات ليبيا الدولية، علما أنه استعمل ذريعة لاعتقال عدد من الصحفيين. واعتبرت المنظمة أن التعديل الذى جرى مؤخرا "ليس سوى تنميقاً بسيطاً لقانون سالب للحريات في سياق ليبيا الجديدة، إذ ينذر بأن حرية التعبير لن تكون في المستقبل أفضل حالا مما كانت عليه في ظل حكم القذافي". وأدانت "مراسلون بلا حدود" النص الذي يضم في ثناياه "انتهاكا مباشرا للحريات الأساسية، ولا سيما حرية التعبير والإعلام، التي يكفلها الإعلان الدستوري المؤقت من جهة والتزامات ليبيا الدولية من جهة أخرى"، مطالبة بحذف هذه المادة من قانون العقوبات، لما تشكله من خرق للمادة 14 من الإعلان الدستوري المؤقت لعام 2011. وذكرت المنظمة أن هذه التطورات التشريعية تأتي بعد أسابيع فقط من اعتماد القرار رقم 05\2014 بشأن "وقف ومنع وصول بث بعض القنوات الفضائية"، والذي يكلف وزارات الخارجية والاتصالات والإعلام "باتخاذ الإجراءات اللازمة التي تكفل وقف ومنع وصول بث كافة القنوات الفضائية المعادية لثورة 17 من فبراير أو التي تعمل على زعزعة أمن واستقرار البلاد أو زرع الفتنة والشقاق بين الليبيين". وتابعت: "يجب على السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية في ليبيا أن تعمل معا من أجل إقامة دولة ديمقراطية حقيقية تحترم التنوع وتقبل بالاختلاف والتعددية في الأفكار والآراء، مع السهر على تعزيز الحريات الأساسية لمواطنيها بدلا من تشريع قوانين مسخرة لمصالحها الخاصة". وأضافت أنه بينما تتأهب ليبيا لدخول مرحلة حاسمة في عملية التحول الديمقراطي، ولا سيما مع اقتراب بدء صياغة دستور جديد وإنشاء عقد اجتماعي جديد بين الدولة والمواطنين الليبيين، تشدد مراسلون بلا حدود بشكل خاص على أن الحريات التي يكفلها القانون الأساسي لا ينبغي أن تفرغ من مضمونها عبر تشريعات أخرى، إذ يجب على المشرعين أن يعملوا بحزم على توفير ضمانات لحرية التعبير وحرية الوصول إلى المعلومات، مع الحرص بشدة على عدم ترك أي مجال للقوانين السالبة للحرية، على غرار التعديل المعتمد في 5 فبراير الجارى. وشددت "مراسلون بلا حدود" على أنه وينبغي أن تقع مسؤولية ضمان احترام الحريات بالأساس على مؤسسات الدولة، وكذلك على الجهات غير الحكومية وغيرها من الجهات الخاصة الأخرى، مذكرة بأن ليبيا تصنف في المركز 137 (من أصل 180 بلدا) على جدول حرية المعلومات لعام 2014 الذي أصدرته مراسلون بلا حدود منتصف الشهر الجاري، حيث تراجعت ست مراتب مقارنة بالعام الماضي.