شارك فى الموجة الأولى للثورة، واكتفى بالتغريدات فى عهد «مرسى»، وعاد أخيراً ليتحدث فقط عن التسجيلات جالساً أمام حاسوبه يتابع عمله، حيز حياته لا يشغله سوى وظيفته كمدير للتسويق بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فى شركة جوجل الأمريكية. صورة لشاب لم يكمل عقده الثالث من عمره وملامحه بالكاد ظاهرة من جراء «جروح ودماء» أيادى مخبرى داخلية حبيب العادلى فى يونيو 2010، بمزيد من البحث يصل إلى اسمه «خالد محمد سعيد»، يسأل نفسه: «لغاية إمتى هنفضل كده؟»، يتخذ القرار سريعاً ويدشن صفحة على موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك» نجحت فى تجميع 4000 مشترك فى أقل من ساعة، ربما اسمها «كلنا خالد سعيد»، جذب المتعاطفين من طبقة الشباب الباحثة عن فرصة للخلاص.. هو وائل غنيم، الناشط والمدون البارز، الذى كان جزءاً مؤثراً من الحشد لثورة يناير، قبل أن تغلف بصمته الموجة الثورية ل30 يونيو لدرجة وصلت إلى توقفه عن التدوين لمدة 6 أشهر كاملة. «غنيم»، الذى اعتقل مع الساعات الأخيرة ليوم جمعة الغضب 28 يناير 2011، وبقى بحوزة جهاز أمن الدولة المنحل لمدة 12 يوماً، صبيحة 7 فبراير 2011 خرج للإعلام للمرة الأولى بعد الإفراج عنه ليقول: «أنا مناضل كيبورد، الأبطال هم الذين نزلوا واستشهدوا فى شوارع مصر»، هو نفسه الذى اختفى فجأة منذ عزل محمد مرسى بالرغم من أنه كان من أول النشطاء الذين سجلوا كلمة عبر شريط متلفز وأذاعها على صفحته الرسمية التى وصل عدد مشتركيها الآن لأكثر من مليون شخص، «غنيم» قال ل«مرسى» فى 28 يونيو 2013 قبل يومين من الانتفاضة الشعبية: «أخلفتم وعودكم وخذلتم مَن صدقكم وأظهرتم حرصاً على الجماعة أكثر من حرصكم على مصر». وهو نفسه أيضاً الذى قرر بإرادته أيضاً فى يونيو 2012 أن «يعصر الليمون» وينتخب مرشح الجماعة، خوفاً من شبح نظام «مبارك» الذى يلوح فى الأفق ويمثله أحمد شفيق. فى أعقاب 25 يناير 2011، فضّل ألا يكون جزءاً من ائتلافات أو اتحادات ثورية، بين الحين والآخر يظهر إعلامياً يؤكد: «الثورة مستمرة بالعمل، أعطوا الفرصة للشباب»، لدرجة أن الرئيس الأمريكى باراك أوباما، وفقاً لتقرير نشرته جريدة «نيويورك تايمز» فى مايو 2011، يتمنى أن يكون «غنيم» أو «فتى جوجل»، حسبما لقبه أوباما، رئيساً لمصر، وقتها ثارت التساؤلات عن علاقة ذلك المهندس بأمريكا. جوائز وألقاب عديدة حصدها «غنيم»، ما بين جائزة كينيدى للشجاعة فى مارس 2011، واختياره من قبل مجلة التايم فى العام نفسه كواحد من ضمن أكثر 100 شخصية مؤثرة فى العالم، جاءت بالتزامن مع انخفاض شعبيته بين أوساط المصريين؛ فحديثه الدائم عن التغيير والتطهير جعلهم يصفونه ب«الأجندة»، ودائماً كان يرد: «من يتهم شباب يناير بالعمالة يذهب بدليله للنائب العام». خلال حكم «مرسى» كان مقتنعاً بأن الجماعة تريد الاستثئار بالحكم، لكنه اعترف أن المعارضة المدنية لا تقدم أى بديل سوى الهجوم على التنظيم، بالرغم من ذلك لم يسلم من أسهم النقد الإخوانية حينما تحدث عن الخطر القادم من علاقة جون كيرى، وزير الخارجية الأمريكى، بالنظام المصرى، حتى اضطر للرد بنشر مقطع للدكتور سعد الكتاتنى، وقتما كان نائباً برلمانياً فى مجلس الشعب عام 2005، يطالب فيه بفتح باب الجهاد ضد إسرائيل أثناء الحرب على لبنان عام 2006. البيان الأول للفريق عبدالفتاح السيسى فى 1 يوليو 2013، بمنح النظام مهلة 48 ساعة للحوار، دفعه لإصدار بيان مسجل قال فيه: «أنت وعدت بالقصاص لشهداء الثورة.. لكن فى عهدك لسه الشباب بيموتوا»، وبعد بيان العزل بدقائق كتب على صفحته الشخصية: «وعدت فأخلفت، وأقصيت ففشلت، وفرّقت فرحلت». ما بين تدوينة فى 3 يوليو 2013 وأخرى فى 7 يناير 2014، ظهرت تسريبات لمحادثات هاتفية بين «غنيم» وآخرين يتحدث فيها عن إضراب داخل المؤسسة العسكرية، وتسجيل آخر بينه وبين النائب البرلمانى السابق مصطفى النجار يسخر من دعمه للمرشح أحمد شفيق، حتى قال «غنيم» فى بيان إنه بصدد اتخاذ الإجراءات القانونية ضد من تورطوا فى نشر التسجيلات المفبركة ضده، وإنه فضّل الابتعاد عن المشهد السياسى منذ 3 يوليو، لأن مصر لا ترحب بأمثاله، وحتى لا يكون طرفاً فى فتنة تراق فيها دماء المصريين. وطالب «غنيم» من يشككون فى نزاهته ووطنيته بأن يسألوا الفريق أول السيسى واللواء العصار وشيخ الأزهر وبابا الكنيسة كيف حاول إخراج البلاد من الفتنة.. عاود بعدها «غنيم» التزام الصمت، تاركاً خلفه أسئلة بلا إجابات، كصحة تلك التسريبات التى وردت على لسانه، أو حتى إقامته الدائمة فى الخارج.