"الثورات تأكل أبناءها".. هكذا الحال في كل الثورات أو أغلبها، فدائما يكون الداعون هم أول ضحاياها ونجوم الثورة، وهو ما حدث مع الداعين لثورة 25 يناير، فقد طويت أخبار بعضهم نهائيا ودخلوا طي النسيان وبعضهم مازال يحاول أن يبحث له عن مكان من خلال تدويناته على مواقع التواصل الاجتماعى (الفيس بوك- تويتر). ويتصدر قائمة من اختفى من على الساحة فجأة ليترك الأخبار تتضارب فترة حوله، ثم تنتهي لتطوي صفحته .. "وائل غنيم" أدمن صفحة "كلنا خالد سعيد"، لتأتى أمس السبت جلسة محاكمة المتهمين في قتل خالد سعيد، ولم تكسر صمت الصفحة التي دشنت باسمه والتي اعتزلت الكلام منذ عزل القوات المسلحة الرئيس السابق على عكس توقعات المتابعين له الذين كانوا ينتظرون تعليقه. "وائل"، شاب مصري دعا للنزول يوم 25 يناير 2011 حلما بما نادته به ثورة 25 يناير (عيش- حرية- عدالة اجتماعية).. "وائل" رغم أنه تحول لنجم - محليا وعالميا - خاصة أنه لم يحلم إلا من أجل الفقراء فقط .. رغم أنه ليس هو واحدا منهم ولكنه ينتمى لنفس الوطن الذي يجمعهم جميعا "مصر"، ومع ذلك اعتزل الإعلام ولم يظهر في أي وسيلة إعلامية إلا في حوار واحد فقط، وظلت أداة التواصل بينه وبين الجميع هي صفحته على الفيس بوك وصفحة "كلنا خالد سعيد". "غنيم" كان ممن طالب الرئيس المعزول محمد مرسي بانتخابات رئاسية مبكرة قبل 30 يونيو، لتنزل الحشود وتكون آخر ما كتب على صفحته يوم 3 يوليو "وعدت فأخلفت وأقصيت وفشلت وفرقت فرحلت.. ربنا يحفظ مصر وشعبها ويكتب لينا نشوفها ذى ما بنحلم بيها"، أما صفحة "كلنا خالد سعيد" فكان آخر ما نشر عليها هو بيان القوات المسلحة الشهير في 3 يوليو أيضا. "وائل" اختفى دون سبب معروف مما جعل الأقاويل تتناثر حوله فترة .. كادعاء أحمد المغير رجل خيرت الشاطر بأنه تحت الإقامة الجبرية، ولكن خرج الدكتور مصطفى النجار لينفى صحة الخبر في مقالة مطولة له تحت عنوان "من ذبح وائل غنيم"، والذي فسر فيه سبب توقف الصفحة عن التعليق على الأحداث، قائلا: "تتساءلون عن صفحة كلنا خالد سعيد، لماذا توقفت عن التحديث والتزمت الصمت، لأن مؤسسها ومن يقومون عليها لا يعرفون ماذا يكتبون الآن في أجواء التخوين والجنون الجماعي، صفحة الثورة الأولى أصابتها سهام التخوين والمزايدات من الجميع ، فلماذا تريدون لها الاستمرار الآن؟". وأوضح "النجار" ما يعانيه وائل غنيم من ضغوط، قائلا: "يمشى وائل في الشارع المصري المنقسم فيقابله أنصار مرسي والإخوان فيهاجمونه لموقفه الرافض للإخوان وسياسات مرسي، ثم يقابل معارضي الإخوان فيتهمونه بأنه ذيل للإخوان وبوق لهم، ثم يقابله كارهو الثورة ومحبو نظام مبارك فيهاجمونه ويصفونه بالعمالة والخيانة". أما الآن، فالسؤال الذي يطرح نفسه: "هل ينتهى الحال ب"وائل" أن يرحل عن هذا الوطن قبل أن يطرد منه .. وخطؤه الوحيد أنه حلم له وفيه بحياة كريمة لكل المواطنين؟، أم سيتحول "وائل" لشخص عادي تراه في الشارع ولا تتذكره؟.. وأيا كان نهايته فمن المؤكد أن هذا البلد حينما يكتب تاريخه لن ينسي أن يشير إلى صفحته أو دعوته التي كانت خطا فاصلا في تاريخ مصر.