رئيس الوزراء يؤكد موقف مصر الراسخ لدعم القضية الفلسطينية    تراجع أسعار العملات الأجنبية في ختام تعاملات اليوم 23 يوليو 2025    ترامب: سأتخلى عن الرسوم الجمركية في هذه الحالة    إعلام إسرائيلي: حماس تطالب بإطلاق سراح أكبر عدد من الأسرى    الداخلية السورية تنفي عمليات إعدام جماعية بحق موقوفي النظام السابق    هجوم روسي أدى إلى انقطاع الكهرباء عن 220 ألف أوكراني    برلين تمهد الطريق أمام تصدير مقاتلات يوروفايتر لتركيا    رغبة جارسيا تتحدى عروض الرحيل عن الريال    ليفربول يوقع عقد احتراف مع اللاعب المصري كريم أحمد    بعد الرحيل عن الأهلي.. يحيى عطية الله يقترب من العودة لناديه الأصلي (تفاصيل)    انقلاب ميكروباص وإصابة 10 أشخاص على الطريق السياحي بالجيزة    وكيل تعليم سوهاج يناقش أهم المقترحات للانتهاء من الفترة المسائية بمدارس المحافظة    تجديد الثقة في تامر سمير رئيسا لجامعة بنها الأهلية والمغربي والدش وشكل نوابا حتى 2026    حمدى رزق يكتب: الحبُ للحبيبِ الأوَّلِ    «نوستالجيا» أيامنا الحلوة.. فن إحياء الماضي في الأوبرا    محادثات اقتصادية وتجارية بين الصين والولايات المتحدة.. على أساس مبادئ الاحترام المتبادل    113 شهيدًا في قطاع غزة خلال 24 ساعة    طرح الإعلان الرسمي لفيلم Giant بطولة أمير المصري    مؤشرات تنسيق كلية تجارة 2025 علمي وأدبي في كل المحافظات    خطة استثمارية ب100 مليون دولار.. «البترول» و«دانة غاز» تعلنان نتائج بئر «بيجونيا-2» بإنتاج 9 مليارات قدم    فسخ العقود وإنذارات للمتأخرين.. ماذا يحدث في تقنين أراضي أملاك الدولة بقنا؟    تحرير 7 محاضر لأصحاب أنشطة تجارية في حملة تموينية بالعاشر من رمضان    الأسد من المشاهير والحمل قائد المشاريع.. كيف يتعامل مواليد كل برج مع الحياة الجامعية؟    حقق إيرادات 51 مليون جنيه في 21 يوم.. أحدث أفلام أحمد السقا في السينمات (تفاصيل)    ب2.5 مليون.. افتتاح أعمال رفع كفاءة وحدة الأشعة بمستشفى فاقوس في الشرقية (تفاصيل)    لماذا لا ينخفض ضغط الدم رغم تناول العلاج؟.. 9 أسباب وراء تلك المشكلة    عرضان برتغالي ومصري.. الأهلي يستقر على إعارة لاعبه    رئيس الوزراء يتفقد موقع إنشاء المحطة النووية بالضبعة ويشيد بالتقدم المحقق    برلماني: "23 يوليو" نقطة تحول لبناء دولة العدالة الاجتماعية والاستقلال الوطني    اللون الأخضر يكسو مؤشرات البورصة بختام جلسة اليوم    محافظ الغربية يتابع أعمال إصلاح كورنيش طنطا: نتحرك بخطوات مدروسة    "المطورين العقاريين" تطالب بحوار عاجل بشأن قرار إلغاء تخصيص الأراضي    ماذا يحدث للجسم عند تناول الحمص يوميا؟    أفضل الوسائل الطبيعية، للتخلص من دهون البطن في أسرع وقت    وزيرا الأوقاف والتربية والتعليم يوقعان بروتوكول تعاون لإطلاق حضانات تعليمية بالمساجد    الأهلي يترقب انتعاش خزينته ب 5.5 مليون دولار خلال ساعات    الحكومة: لا تحديات تعيق افتتاح المتحف المصرى الكبير والإعلان عن الموعد قريبا    تقرير تونسي يكشف موعد انضمام علي معلول للصفاقسي    محفظ قرآن بقنا يهدي طالبة ثانوية عامة رحلة عمرة    أمين الفتوى: الشبكة جزء من المهر والأصل أن تعود للخاطب عند فسخ الخطبة    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : كم نتمنى ان نكون مثلكم ?!    وفاة شخصين متأثرين بإصابتهما في حادث تصادم سيارتين بقنا    أسرة مريم الخامس أدبي تستقبل نتيجتها بالزغاريد في دمياط    فيريرا يركز على الجوانب الفنية في مران الزمالك الصباحي    الإفتاء توضح كيفية إتمام الصفوف في صلاة الجماعة    بالفيديو.. الأرصاد: موجة شديدة الحرارة تضرب البلاد حتى منتصف الأسبوع المقبل    محافظ الفيوم يهنئ وزير الدفاع ورئيس الأركان بمناسبة ذكرى ثورة 23 يوليو    "الأعلى للإعلام" يُوقف مها الصغير ويحيلها للنيابة بتهمة التعدي على الملكية الفكرية    السيسي: مصر دار الأمن والاستقرار ولدينا 10 ملايين شخص من بلاد كثيرة    رئيس هيئة الرقابة الصحية من مطروح: تحقيق جودة الخدمات يعتمد بالأساس على تأهيل الكوادر البشرية (تفاصيل)    البنك الزراعي المصري يبحث تعزيز التعاون مع اتحاد نقابات جنوب إفريقيا    مرتضى منصور لحسن شحاتة: للأسف أنا مسافر ومنعزل عن العالم    وزير الخارجية يُسلِّم رسالة خطية من الرئيس السيسي إلى رئيس بوركينا فاسو    وفاة 4 أشخاص بطلقات نارية إثر مشاجرة مسلحة بين عائلتين بقنا    أسعار البيض اليوم الأربعاء 23 يوليو 2025    خريطة حفلات مهرجان العلمين الجديدة بعد الافتتاح بصوت أنغام (مواعيد وأسعار التذاكر)    دار الإفتاء المصرية توضح حكم تشريح جثة الميت    خلال فترة التدريب.. مندوب نقل أموال ينهب ماكينات ATM بشبرا الخيمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سمير رضوان ل«الوطن»: 12 مليار دولار دخلت مصر العام الماضى لتمويل الإخوان.. و«حملة المباخر» سيغتالون «السيسى» معنوياً
إذا سقط الرئيس القادم فى «مستنقع البيروقراطية الملعون» فلن يخرج منه أبداً
نشر في الوطن يوم 13 - 02 - 2014

«الرئيس القادم سيرث اقتصاداً مأزوماً، لكنه ليس ميتاً، ويمكن لمصر أن تتعافى خلال عام واحد إذا نجح الرئيس القادم فى استعادة الأمن وثقة المستثمرين الذين تفننا فى إيذائهم والإضرار بمصالحهم فى السنوات الماضية». هذا ما يؤكده وزير المالية الأسبق الدكتور سمير رضوان، الذى طلبت منه «الوطن» أن يكتب برنامجاً انتخابياً اقتصاديا للمرشحين الرئاسيين المحتملين، فاقترح أن يتبنى الرئيس الجديد خطة طوارئ عاجلة مدتها عام واحد، وقيمتها 100 مليار جنيه لخلق وظائف سريعة، وعمادها الرئيسى إعادة 500 مصنع و4000 مشروع متوقف عن العمل للحياة، وتمهيد الأرض بمشروعات البنية التحية والتشريعات المناسبة لطابور من المستثمرين فى انتظار الضوء الأخضر، على أن تلى هذا خطة تستهدف تحقيق نسبة نمو لا تقل سنويا عن 7% لخمس سنوات متتالية، يركز فيها على 3 مصادر نمو، هى: السياحة والصناعة وقطاع الخدمات. وأوضح الاقتصادى البارز أن هناك شروطاً أساسية لا يمكن أن يحقق أى رئيس تقدماً دونها، هى: الأمن وإعدام تلال التشريعات المتناقضة التى تفتح أبواب الفساد على مصاريعها، ثم تفعيل القوانين والرقابة الصارمة، فى ظل قيادة تحظى بثقة الشعب، لإنقاذ البلد الذى تدفق عليه خلال العام الماضى أكثر من 12 مليار دولار لتمويل نشاط الجماعة الإسلامية التى تحارب الدولة.
■ ما أبرز ملامح الوضع الاقتصادى الذى سيرثه الرئيس القادم ويجب على كل المرشحين الرئاسيين إدراكه؟
- هناك إجماع دولى ومحلى على أن الاقتصاد المصرى يمر بأزمة بالمعنى الفنى. والأزمة علمياً معناها أن يظل معدل النمو لبلد ما منخفضاً لعام كامل. وهذا ما حدث فى مصر، التى بلغ فيها معدل نمو الناتج القومى الإجمالى فى نهاية العام الماضى ما بين 1٫9 و2%، فإذا علمنا أن معدل نمو السكان يبلغ نحو 2٫4%، فإن هذا يعنى أن معدل نمو دخل الفرد صفر أو بالسالب.
ثانيا: يعانى الاقتصاد المصرى مجموعة من الاختلالات، أولها: عجز موازنة بلغ رقماً قياسياً وغير مسبوق، وهو 14%، ووصل الدين العام ما يعادل تقريبا الناتج القومى الإجمالى (1٫4 تريليون جنيه)، أى أن ديونك تساوى دخلك فى السنة، وذلك بعد أن تصاعد الدين الداخلى بشكل مستمر ووصل الدين الخارجى الذى كان شبه ثابت عند 34 إلى نحو 50 مليار دولار، وصادراتك لا تغطى أكثر من 45% من وارداتك، أى أن هناك 55% عجزاً فى ميزان المدفوعات. هناك نقص فى الموارد باستثناء قناة السويس وتحويلات العاملين بالخارج؛ فلحسن الحظ قناة السويس التى تدر نحو 6 مليارات دولار لم تتأثر بالاضطرابات كما حدث فى الاستثمار الأجنبى الذى انخفض بشكل هائل من نحو 13 مليار دولار فى 2010 إلى نحو 200 مليون دولار فى 2013، وهذا الرقم يمثل إحلالا وتجديدا لمشروعات قائمة وليست جديدة. وانخفض احتياطى النقد الأجنبى من 36 مليار دولار قبل الثورة، وهو ما كان يكفى لتغطية 11 شهراً من الواردات، إلى 17 مليار دولار. وهذا الرقم يكفى لتمويل وارداتك لنحو 3 أشهر ونصف الشهر فقط. والأهم من كل هذا أن معدل الفقر الذى بلغ 22% فى 2010 (وهو رقم مخيف) وصل الآن إلى 26٫3%، ما يعنى أن هناك 24 مليون مواطن تحت خط الفقر (وهو 1840 جنيه للفرد فى السنة)، وهناك 20% فوق خط الفقر بقليل وجاهزة للغوص تحت خط الفقر، مع أى هزة اقتصادية أو ارتفاع أسعار بعض السلع الأساسية (كما حدث أثناء أزمة الغذاء العالمية فى عامى 2007 و2008). وهذا كله يعنى أن هناك نحو نصف سكان مصر تحت خط الفقر تقريباً. هذا هو «تقرير الحالة» (بلغة العسكريين التى ينبغى للرئيس القادم أن يعيها جيدا).
■ سمعت أن تحويلات العاملين فى الخارج ارتفعت بشكل قياسى، فما السبب؟
- هذا صحيح ويمثل علامة استفهام كبيرة جدا؛ إذ ارتفعت التحويلات من متوسط يبلغ سنويا ما بين 6 و8 مليارات دولار إلى 18 مليار دولار العام الماضى، وهذا الارتفاع هو على الأرجح قيمة التمويل السياسى الخارجى الذى يتدفق على جماعة الإخوان وحلفائها. ولا أستطيع أن أجد تفسيرا آخر.
■ هل يعنى تقرير الحالة الذى قدمته أننا أمام وضع اقتصادى مأساوى؟
- لا، لدينا وضع اقتصادى صعب، لكنه قابل للتعافى بشكل سريع؛ لأن كل أسس ومقومات الاقتصاد موجودة وسليمة؛ إذ إن هذه المقومات -على عكس سوريا وليبيا مثلا- لم تدمَّر؛ فالمصانع قائمة والفنادق والطرق وغيرها موجودة، والعمالة المؤهلة متوافرة واقتصادك متنوع من صناعة لخدمات الزراعة، ما يجعله قادراً على تحمل الصدمات. كل ذلك إلى جانب المميزات الأزلية لمصر، ومنها الموقع الاستراتيجى المتميز والسوق الكبيرة؛ لذلك فأنا مع إقرارى بوجود أزمة، لست متشائما، وفى عام 2010 قلت إن مصر كانت قادرة على أن تحتل المركز ال18 بين أكبر اقتصادات العالم بالقلم والورقة.
■ إذا كان الأمر على هذا النحو.. فلم نحن متعثرون رغم أن الاقتصاديين هم غالبا من تولوا قيادة الحكومة طيلة السنوات الماضية؟
- هذا هو السؤال الأهم. وتقديرى أن السبب الأهم فى تعثرنا هو استبعاد الكفاءات من دوائر صنع القرارات بشكل متعمد، وهى عاهة مصرية أزلية منذ أيام الفراعنة. كما أن النخبة المصرية بحكم تكوينها منذ أيام محمد على وإلى الآن بوصلتها موجهة لإرضاء الرئيس وتدوس على الغلابة.
■ إذا كان لك أن تضع للمرشحين الرئاسيين برنامجا انتخابيا اقتصاديا قابلا للتطبيق، فما أهم البنود التى تقترحها؟
- على الرئيس القادم أن يعلم أنه سيحكم شعبا قام بثورتين فى أقل من 3 سنوات، وهو ما لم يحدث فى التاريخ، وهو قطعا لا يريد أن يثور الشعب للمرة الثالثة عليه. ولا سبيل لتجنب ثورة ثالثة إلا بمعرفة أسباب الثورتين الأوليين واستيعاب دروسهما. ويمكن إيجاز هذه الأسباب -اقتصاديا- بالتوأم الخبيث: البطالة والفقر. والحل أن يشعر المواطن بتحسن ملموس وسريع فى حياته.
وبناء على ذلك على الرئيس القادم أن يبدأ ولايته بخطة طوارئ عاجلة لخلق وظائف لمدة عام. وقوام هذه الخطة ضخ استثمارات تقدر بنحو 100 مليار جنيه تأتى من المستثمرين وتستخدمها الدولة لتمهيد الأرض ليستعيد القطاع الخاص نشاطه بشكل سريع. ويمكن أن تكون نقطة البداية تشغيل 500 مصنع مغلق و4 آلاف مشروع متوقف منذ ثورة 25 يناير.
إعادة هذه المشروعات للعمل سيحدث فرقا واضحا جدا وهذا لا يمكن حدوثه دون شرط جوهرى هو استعادة الأمن أولا. فغياب الأمن أدى لتوقف السياحة التى كانت تدر عليك مليار دولار شهريا. وبدون الأمن لا يوجد سياحة أو اقتصاد. ويجب أن يصحب ذلك برنامج تحويلى كبير لتأهيل الأيدى العاملة لشغل وظائف حقيقية موجودة وليس تدريبهم على وظائف غير موجودة منذ عام 1900 كما هو حادث الآن.
■ ماذا تقصد؟
- أقصد أن لدينا فى مصر 2236 مركز تدريب مهنى لا قيمة لها ولو باعتها الحكومة أراضى فضاء هى الكسبانة، فعدد موظفيها أكبر من عدد المتدربين والماكينات المتوافرة لديها تعود لزمن الحرب العالمية الثانية وبرامجها لا تخرج إلا «صبيان» على شاكلة «الواد بلية» الذى لا يملك من المهارات سوى تركيب صامولة أو إصلاح براد. وهذا لا علاقة له بالواقع الذى تحتاجه المصانع الحالية، وإذا كانت الحكومة عاجزة عن إدارة هذه المراكز فلتؤجرها للقطاع الخاص، لأن دورها حيوى جدا. فى ظل واقع لا يملك فيه حتى خريجو الجامعة ما يؤهلهم للعمل.
ال100 مليار جنيه ستوجه أيضاً لتذليل العقبات التى تشل حركة القطاع الخاص، وسأضرب لك مثالا يوضح الفكرة، فى 2010 جاء مستثمرون أتراك وإيطاليون لبحث فرص الاستثمار فى منطقة برج العرب، فاكتشفوا عدم وجود أيدٍ عاملة متوافرة. وبالبحث فى طبيعة المشكلة وجدنا أن الأيدى العاملة التى تأتى لبرج العرب معظمها من مجاهل الإسكندرية مثل بلدة «كفر عبد» وغيرها. وهؤلاء يحتاجون لنحو 4 ساعات فى المواصلات حتى يصلوا إلى موقع العمل و4 ساعات أخرى للعودة لمنازلهم. والحكومات المصرية لم تفكر فى بناء مساكن لهم ولا حتى تسيير خط قطار لنقل هؤلاء العمال. قارن هذا برجل مثل طلعت حرب فى العشرينات حتى تعرف حجم المأساة التى نعيشها. طلعت حرب فى العشرينات وقبل أن يبنى مصنع المحلة للنسيج قرر بناء ما يعرف باسم «المستعمرة»، وهو عبارة عن مساكن للعمال والمهندسين. وكان أحد عوامل اختياره هذا الموقع سهولة توفير كوب لبن للعمال، وهو أمر كان يقلقه بشدة، لأن صناعة النسيج تصيب العمال بالربو، وهو ما عرفه من دراسته لمشكلات الثورة الصناعية فى إنجلترا فى القرن ال19، حيث كان متوسط عمر عامل النسيج لا يتجاوز ال40 عاما.
■ وهل توفير ال100 مليار أمر ممكن؟
- «البلد مليان فلوس»، وإذا كنت لا تصدقنى أعلن الآن عن أى مشروع فيلات وعقارات فارهة وسينتهى الاكتتاب فى نفس اليوم. ثم إن لدى البنوك سيولة تقدر ب900 مليار جنيه لا تستغلها البنوك سوى فى إقراض الحكومة حتى تبعد نفسها عن صداع مخاطر الاستثمار. أضف إلى كل ذلك أن هناك طابورا طويلا من المستثمرين فى انتظار الضوء الأخضر، خصوصا من دول الخليج، وهذه معلومات وليس من قبيل التمنى. المهم أن يطمئن المستثمرون إلى استقرار الأوضاع ونحل مشاكل المستثمرين القدامى «اللى انت مطلع عين أبوهم من قبل الثورة».
سأعطيك مثالا يوضح حجم معاناة هؤلاء المستثمرين: قبل ثورة 25 يناير حصل مستثمر عربى على قطعة أرض لإقامة استثمار زراعى كبير، واضطر لدفع رشاوى للحصول على هذه الأرض. وكان أحد شروط العقد توافر مياه الرى، ولكنه عندما بدأ مشروعه لم يجد مياها، فطلب من المسئولين الوفاء بشروط العقد، فبدأوا مساومته. وانتهت المساومة بتوفير المياه لجزء من المشروع وليس كل المشروع. بعد سنة، زهق المستثمر وبدأ يبيع الأراضى المخصصة كأراضى بناء، فهاج عليه مسئولو الحكومة لأنه خالف شروط العقد. وقرروا نزع ملكية الأرض! وأثناء زيارة لى مع رئيس الحكومة الدكتور عصام شرف لبلد هذا المستثمر المسكين، تعهد دكتور شرف بنسف هذا الفساد والبيروقراطية، وإلى اليوم لم تحل هذه المشكلة!
■ ما أكثر ما يثير قلق المستثمرين فى مصر الآن خلاف الأمن؟
- تغيير قواعد اللعبة، وأقصد هنا تشريعات وقوانين الاستثمار. لا يعقل أن تفتح الحكومة باب الخصخصة ثم تلاحق من يأتى للاستثمار فى القطاع العام. أو أن تدعوهم للاستثمار ثم تتركهم نهبا لحفنة من المسئولين الفاسدين. لا بد من ثبات الإجراءات والتشريعات، إذ ليس من المعقول أن يشترى مستثمر «عمر أفندى» من حكومة لتأتى حكومة أخرى لتنزعه منه بسبب فساد فى بعض القوانين أو المسئولين. ما ذنب هذا المستثمر؟
■ كل المرشحين الرئاسيين المحتملين من خارج الجهاز الحكومى وليس لديهم خبرة كبيرة فى التعامل مع البيروقراطية المصرية، فبم تنصحهم؟
- على الرئيس القادم أن يشغل نفسه بأهداف ولا يغرق نفسه بالتفاصيل، لأن التفاصيل هى المستنقع الملعون للبيروقراطية المصرية، وإذا دخل الرئيس هذا المستنقع فلن يخرج منه. عليه فقط أن يحدد أهدافاً معقولة يكلف بها الحكومة ويلزمها بها دون الدخول فى تفاصيل. ومن المهم جداً أن تحرص الحكومة القادمة على التخلص من تلال التشريعات المتضخمة التى تعانى منها مصر الآن، لقد شاركت فى تأسيس مشروع اسمه «إرادة» فى عام 2009، هدفه مراجعة القوانين المصرية وتنقيتها للحاق بالدول المتطورة التى أعدمت أى تشريع يتعارض مع تشجيع الاستثمار أو يضر بالبيئة، أو يتعارض مع القوانين الكبرى مثل الدستور، لتستطيع مؤسسات الدولة أن تخطو متخففة من أطنان التشريعات المتضاربة التى تفتح أبواب الفساد. فى وزارة الزراعة وحدها 500 ألف قطعة تشريعية تتنوع بين لوائح وقوانين وقرارات ملكية وجمهورية، وبعضها يعود للعصر العثمانى، وبالتالى يصبح الجميع رهينة للموظف الذى يمكنه تمرير أو إعاقة أى مصلحة باختيار القانون الذى يناسب أغراضه. يجب البدء فوراً فى وضع هذه التلال على المقصلة لتهبط من 500 ألف ل5000 قطعة فقط، كما سبق أن فعل وزير المالية السابق يوسف بطرس غالى الذى أغلق كثيراً من أبواب الفساد عندما خفض فئات الجمارك من 40 فئة إلى 7 فقط. تخيل أن الورق كان يجمرك على حسب استخدامه بشكل متدرج من 4% لورق الكراسات إلى 40%. وكان قرار «غالى» أحد أسباب غضب البعض عليه.
■ نعود للبرنامج الانتخابى، ماذا تقترح بعد خطة الطوارئ فى السنة الأولى وبعد استعادة الأمن؟
- يجب أن يسبق كل هذا رؤية واضحة منذ البداية للاقتصاد المصرى، ويبدأ الرئيس تنفيذها فى السنة الثانية من ولايته، ويكون الهدف تحقيق نسب نمو تتراوح ما بين 7 و8% سنوياً لخمس سنوات متتالية، حتى نتمكن من استيعاب الداخلين الجدد لسوق العمل. لاحظ أن عبقرية الصين والهند هى تحقيق نمو مرتفع ل30 عاماً متصلة، ما يؤهل الصين الآن للتفوق على الولايات المتحدة خلال سنوات قليلة. ويجب أن نتعلم من درس حكومة الدكتور أحمد نظيف، الذى كان يفتخر بأن حكومته حققت نمواً وصل إلى 7.2%، وكنت أقول له: «ولكن يا دكتور المواطن الغلبان لا يشعر بثمار هذا النمو فى جيبه»، لأن توزيع فائض النمو لا يتساقط تلقائياً من الأثرياء إلى الفقراء، بل من خلال آليات معينة، وهذه قصة أخرى.
■ وما أهم مصادر النمو المتاحة؟
- أولها السياحة، ويمكننا أن نستهدف بسهولة 20 مليون سائح فى السنة، ونخطط أن نصبح مستقبلاً مثل إسبانيا التى تعيش فعليا على «سائح لكل مواطن»، أى إنه لم يكن لإسبانيا أى مصدر آخر لكن كفتها عوائد السياحة. الطريف أن السائحين العرب هم عماد أساسى للسياحة الإسبانية مع أننا أولى بهم. وللسياحة ميزتان؛ أولاهما: أنها تضخ الأموال فوراً للبلد، وثانيتهما: أن هذه الأموال توزع تلقائياً على مستحقيها، ولا تحتاج لتدخل الحكومة.
ومصدر النمو الثانى هو الصناعة التى نسيناها واكتفت مصر الآن باستيراد «زبالة» الصين، مع أن مصر سبقت الصين فى بناء قاعدة صناعية محترمة فى العشرينات على يد طلعت حرب، واستكملها «عبدالناصر» فى الستينات. لقد فاتتنا طفرتان صناعيتان؛ أولاهما: التصنيع القائم على الأيدى الرخيصة، الذى بدأته الصين فى الستينات، ثم طفرة التصنيع القائم على استيراد التكنولوجيا فى السبعينات، كما حدث فى كوريا وماليزيا وغيرهما من الدول التى انتقلت من الاقتصاد الزراعى للاقتصاد الصناعى، فى وقت كانت فيه الدول الغربية المرفهة تريد الانتقال من اقتصاد الصناعة لاقتصاد الخدمات. والطفرة الثالثة هى سلاسل الإنتاج العالمية، التى كنا قد بدأنا فى الانضمام إليها، خصوصا فى قطاعَى السيارات والأثاث. وقبل الثورة وصلنا إلى إنتاج قطع غيار للسيارة «بورش»، وكل هذا انتهى الآن. والحل الآن أن ندخل فى هذه السلاسل بقدر ما نملك من مزايا نسبية.
ثالثا وأخيراً: التحول لاقتصاد الخدمات. وهو تحول ضرورى، مع العلم بأن ثقافة الخدمة كانت لدينا ضعيفة ثم ساءت أكثر، وأبسط مثال على ذلك سوء معاملة السائحين والمستثمرين. هذا القطاع يضم الخدمات المالية والسياحة وقطاع الاتصالات الأكثر نمواً فى العالم. ونحن كنا بالفعل حققنا تقدماً كبيراً مع تولى الدكتور أحمد نظيف وزارة الاتصالات. وسواء كنت تحب «نظيف» أم لا، فلا يمكن لأحد إنكار أنه حقق طفرة فى هذا القطاع. وعلى المستوى الشخصى «زعلت عندما أصبح رئيس حكومة، لأنه كان ناجحاً فى مجاله، لكن مبارك هو اللى شبط فيه، خصوصاً بعد رحلة جنيف فى 2005».
■ وماذا عن الزراعة؟
- نحن قتلنا الزراعة، ويكفى الآن أن نحافظ على الوضع الحالى بدون مزيد من التدهور.
■ هل يمكن أن ترشح أسماء معينة يمكن أن يستفيد منها الرئيس القادم؟
- الأسماء والكفاءات المصرية كثيرة لكن الأهم النظام. وأتمنى أن يستعين الرئيس الجديد بنائب رئيس يكمله، فإذا جاء المشير السيسى رئيساً يمكنه أن يستعين بدبلوماسى مرموق كنائب له. وسيكون من المفيد جداً أن يستعين الرئيس بنظام المجالس الاستشارية التى تجمع أهم العقول الوطنية فى مجالها، وهذا النظام معمول به فى الولايات المتحدة، ومنها المجلس الاقتصادى الذى يوفر للرئيس الأمريكى كل ما يحتاجه قبل أن يتخذ أى قرار، ومنها الحد الأدنى للأجور الذى طرحه أوباما مؤخراً فى خطاب حالة الاتحاد. ولأن الدستور الجديد قلل من صلاحيات رئيس الدولة لصالح رئيس الحكومة، فمن مصلحة الرئيس أن يستعين برئيس وزراء قوى جداً. وأتمنى أن تستعين مصر فى الفترة المقبلة برجل مثل محمد العريان (الخبير الاقتصادى العالمى) كمستشار لها، يحضر فقط يومين فى الشهر ليضع لها الخطوط العريضة، بشرط «إن احنا مانبهدلوش زى ما عملنا مع الدكتور أحمد زويل، ومش معقول يعنى إن الحكومة ماعندهاش قطعة أرض بديلة تحل بها مشكلة الرجل»، وهناك رجل مثل هانى قدرى، الذى لم يلقَ التقدير الواجب داخل وزارة المالية، فقرر الرحيل حيث وجد التقدير فى الولايات المتحدة.
■ بعيداً عن الاقتصاد، لماذا فشل الإخوان فى تقديرك بهذا الشكل الدرامى والسريع؟
- لأنهم لم يفهموا الشعب المصرى. وهذا أمر غريب، لأنهم الأكثر انتشاراً فى الشارع، ومع ذلك لم يتمكنوا من فهم الناس. أذكر أن رجلاً بسيطاً استوقفنى فى الشارع وقال لى: «يا بيه، إحنا غلابة، لما أروح البيت تعبان من الشغل عاوز أشرب كوباية شاى والسيجارة وأشوف واحدة زى ليلى علوى تفتح نفسى، وبعدين أنام علشان أروح شغلى تانى يوم من الفجر، هيمنعوا علينا دا كمان؟».
■ وكيف ترى المشير عبدالفتاح السيسى؟
- لا شك أن الرجل والجيش أنقذا البلد من كارثة الإخوان، لكن هناك «حفلة زار» حول الرجل ولا أحب أن أشارك فيها، وعليه أن يحذر من حملة المباخر، الذين سيكونون أول من سيغتاله معنوياً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.