«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سمير رضوان في حوار شامل مع الاهرام الاقتصادي: نحن نصبغ علي الأشياء من ممارساتنا الخاطئة سمعة سيئة و علي رأسها الخصخصة

قام المصريون بثورة يناير ليس فقط لإعلان رفضهم لمشروع الثوريث و اعتراضهم علي ممارسات الشرطة بل لإنهم سئموا من سماع بيانات الحكومة المكررة التي تحدثهم عن ازدهار الاقتصاد المصري و ارتفاع معدل النمو الذي كان يشعر به قلة من رجال المال و السلطة بسبب انتشار الفساد في معظم مفاصل الدولة, بينما يئن25.5% من السكان تحت خط الفقر و يعاني4.8% الآخرين من الفقر المدقع. فوق ذلك شهدت مصر ارتفاعا في معدل البطالة وصل لنحو15%, و ارتفاعا في معدل التضخم اقترب من18%. لكن وبعد قيام الثورة مازال الحال هو الحال إن لم يكن أسوء بالنسبة لعدد كبير من الفقراء و المستثمرين و العاملين في قطاع السياحة علي حد سواء.
و في محاولة لرصد و تشخيص مشكلات الاقتصاد المصري و طرح روشتة مفصلة لكيفية معالجتها و الخروج من الازمة قام الاهرام الاقتصادي باجراء حوار مع الخبير الاقتصادي د. سمير رضوان وزير المالية السابق فكان
ما يلي.
ما هي حزمة القوانين التي يمكن ان تقترحها علي صانع السياسة الاقتصادية لتحقيق الاهداف و المصالح الوطنية و في نفس الوقت جذب الاستثمارات الاجنبية؟
المسألة أبسط مما يتصور الكثيرون فالانفتاح علي الخارج لا غني عنه لكن هذا لا يعني تخلي الدولة عن دورها في صنع السياسات العامة او التفريط في الاهداف الوطنية. فنجد انه بالرغم من الاختلاف الايديولوجي بين كل من الهند و الصين الا ان الاثنتين منفتحتان علي الخارج و مساهماتهما في التجارة الدولية مرتفعة جدا وكذلك نسبة صادراتهما بالنسبة للدخل القومي مع ان الاولي تتبني نظاما ديموقراطيا عتيقا و الثانية يسيطر عليها الحزب الشيوعي الذي يعمل كآداة لتنظيم الاقتصاد بالاضافة الي كون الصين حاليا اكبرمستقبل للاستثمارات الاجنبية في العالم. اما فيما يخص مصر فالمناخ المواتي لجذب الاستثمار يبدأ اولا بجذب المستثمر المحلي المصري الموجود نصفه في السجن و النصف الآخر يستعد للرحيل. ثانيا: تذليل العقبات و المشكلات التي يعاني منها المستثمرون العرب الذين استثمروا في مصر قبل الثورة وفقا للقانون وسايروا المناخ السائد و متطلباته آن ذاك فكيف احاسبهم اليوم علي انهم اخذوا أراضي باسعار زهيدة و اطالبهم بردها. ثالثا: التغيرات المستمرة في وجوه الوزراء و عدم استمرارية القوانين و السياسات يقرأها الغرب علي انها مناخ عام طارد و ليس جاذبا للاستثمار.
هل مصر تسير علي خطي اليونان؟
لا, مازلنا بعيدين عن اليونان لان مصر تقوم بسداد الديون في موعدها و ما قام بحمايتنا هو امتلاكنا36 مليار دولار كاحتياطي نقدي اجنبي عند اندلاع ثورة يناير لكن لابد لنا من الحذر نظرا لتآكل هذا الاحتياطي ووصوله الي15 مليار دولار منها4 مليارات دولار في صورة ودائع لا نستطيع الاقتراب منها. الخطر في أن الاستثمار الاجنبي المباشرFDI و صل الان حوالي2 مليار جنيه وبعد استبعاد تجديد المشروعات القديمة يصبح المبلغ الصافي100 مليون جنيه فقط. مما كان له أثره علي خفض تصنيف مصر الائتماني اليB- كما ذكر في نفس البيان ان استمرار عدم الاستقرار السياسي قد يدخلنا اليD وC و هنا اقتصاديات الدول الفاشلة و هذا قد ينذر بخطر شديد جدا.
طبقا للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء فان معدلات الفقر بعد ثورة25 يناير وصلت إلي25.5% والفقر المدقع إلي4.8% من إجمالي سكان مصر. ما هي الروشتة المناسبة لمصر لتحقيق نمو اقتصادي يصاحبه عدالة اجتماعية ؟
قبل الثورة كان الاداء الاقتصادي المصري علي مستوي المؤشرات الكلية ممتاز بكل المقاييس فمعدل النمو وصل الي7.2% من اجمالي الناتج القومي و نمتلك36 مليار دولار كاحتياطي نقدي اجنبي مما يغطي حوالي11 شهرا واردات, فوق ذلك كان سعر صرف الجنيه مستقر و اظهر ميزان المدفوعات لاول مرة فائضا بسيطا, كما وصل الاستثمار الاجنبي الي13 مليار دولار اي حوالي10% من الناتج القومي الاجمالي و السياحة كانت تدخل مليار دولار في الشهر لذلك عندما حضرت بعثة صندوق النقد الدولي يوم24 يناير2011 الي مصر كتبت في تقريرها ان الاقتصاد سليم. و علي الجانب الآخر كنا كتبنا تقريرا في مجلس أمناء هيئة الاستثمار بعنوان' نحو توزيع عادل للاستثمار في مصر' يحذر من ان المواطن لا يشعر في دخله بتحسن, أي أن قنوات توزيع هذا النمو المرتفع ل40% التي تعيش تحت خط الفقر مسدودة و من هنا قامت الثورة. والمشكلة الآن ان22% من المواطنين قريبي الفقر اي مرشحين مع اي هزة اقتصادية ان يدخلوا تحت خط الفقر.
كيف يمكن خفض نسبة البطالة ؟
لا بديل عن تحقيق معدلات نمو مرتفعة لا تقل عن7% لاستيعاب ال700 الف شخص الذين يدخلون سوق العمل كل عام و لتغيير خريطة الفقر لابد ان يكون النمو خالق للتشغيل المجزي, بمعني انه يوجد معامل بين النمو و التشغيل ولزيادة معدل النمو يجب استثمار25% من اجمالي الناتج القومي بينما ما يتم استثماره الآن هو15% فقط و آخذين في التناقص. المشكلة ان الاقتصاد المصري لم يشهد تحديثا منذ فترة طويلة جدا ف42% من قوة العمل المصري إما أمي او شبه أمي فكيف يحصل العامل علي جزء من العائد المجزي بينما تركيبة سوق العمل المصرية متدنية من حيث المهارة. ونجد ان حوالي22 مليون مواطن يعملون بالزراعة والقطاع غير المنظم الهامشي منخفض الانتاجية و منخفض الدخل و و يتبقي2 مليون يصنفون بالقطاع الحديث و بالتالي لامناص من خلق نمط تنموي حقيقي.
هل يمكن لمصر الاستفادة من تجارب ناجحة لدول حققت انطلاقة اقتصادية ؟
في ماليزيا و ضع مهاتير محمد الخطة2020 التي تهدف ان تصبح ماليزيا في مصاف دولOAC اي الدول الغنية بحلول سنة2020 و لانجاز ذلك تم تحديد9 أهداف و تحديات و تم انشاء مؤسسة قائمة بذاتها لتحقيق كل و احد منها علي حدة في ظل رؤية و اضحة واجراءات و تفاصيل محددة. فمثلا تم تخصيص نصف الموازنة لاصلاح التعليم المستمر مما ادي الي رفع كفاءة وقوة العمل ثم مرحلة الصادرات كثيفة العمل التي تبدأ بتأهيل العمال و تتسم صادراتها برخص الاسعار ثم ننتقل الي مرحلة الصادرات عالية التقنية و هكذا وصولا الي الهدف الاكبر في2020 في النهاية.
هل تنصح مصر ان تطبق توصيات الهيئات الدولية كصندوق النقد و البنك الدولي و هل سيشكل مبلغ4.8 مليار دولار فارقا في سد عجز الموازنة و تحقيق تنمية؟
لا يجب ان نختزل مشكلة مصر الاقتصادية في ابيض و اسود فالتخوف من التعامل مع الصندوق له ما يبرره في الضمير الوطني المصري متجسدا في رفض صندوق النقد تمويل السد العالي. و في السبعينيات و الثمانينيات من القرن الماضي كان للصندوق روشتة تطبق في كل الدول بدون النظر الي خصوصية كل دولة و ظروفها و بالتالي لم تكن سياساته ناجحة بل ادت الي مصائب. كما نجد ان كلا من كوريا و ماليزيا و تايوان اوقفوا التعامل معه في الازمة الاقتصادية الاسيوية التي حدثت في1997 و1998 مما دفع ستانلي فيشرنائب صندوق النقد آن ذاك الي ترك منصبه و بعد ذلك اكتشفنا ان له جنسية اسرائيلية و اصبح محافظ البنك المركزي الاسرائيلي. المهم ان فشل سياساتهم في ادارة الازمة الآسيوية و الازمة العالمية ادت الي تغيير صندوق النقد و البنك الدولي لسياستهم التي بدءوا في تقييمها و مراجعتها. و عندما كنت في الوزارة خاطبت الصندوق ووضعت برنامجا اصلاحيا يتفق مع الاهداف الوطنية للثورة و قلت لهم انه لا يوجد نقاش في العدالة الاجتماعية و تطبيق الحد الادني من الاجور و أصررت ان أحدد أنا اولوياتي و اوضحت لهم بالتفاصيل قدرة مصر علي تخفيض عجز الموازنة بحلول2015. في النهاية ليس مبلغ4.8 مليار دولار هو المهم لمصر بقدراهمية الحصول علي شهادة الصندوق الذي هو مؤسسة دولية موثوق فيها في قدرة مصر علي الخروج من عجز الموازنة و الدين المحلي كما ان التوقيع مع الصندوق يفتح الباب بدون نقاش لدخول14 مليار دولار أخري. مصرفوق ذلك فالسوق المالي العالمي بدأ يتغير تماما فمثلا نجد60% من الاحتياطيات النقدية في العالم الان في يد الدول النامية في اسيا بالاساس و من يريد ان يستدين يتجه صوبهم, فالولايات المتحدة نفسها تستدين من الصين.
توقع البنك الدولي أن يسجل معدل نمو الناتج المحلي المصري خلال فترة العام المالي2014/2013 زيادة تقدر بنحو3.8%, بل وسيتجاوز تلك النسبة ليصل إلي نحو4.7% خلال فترة العام المالي المقبل2015/2014 في اعتقادك ما المؤشرات التي استند إليها البنك الدولي ليصدر تلك التوقعات؟ وهل تعتقد انها واقعية؟
هم كانوا يتوقعون ان تهدأ الامور و أن يتم التوقيع مع الصندوق بعد اجراء انتخابات مجلس الشعب السابق و الانتخابات الرئاسية مما يفتح الباب الي زيادة معدل الاستثمار و بالتالي ارتفاع معدل النمو و بما ان شيئا من هذا لم يحدث و معدل النمو الحالي1.9% و هو نفس معدل الزيادة في السكان مما يعني ان الزيادة في دخل الفرد تساوي صفر. و انا اتوقع ان يتخطي النمو حاجز2% العام المالي الحالي و الله اعلم بما سوف يحدث في2014-2015 و لكن لو استمرت الاحوال علي هذا المنوال سوف تكون الامور شديدة الصعوبة.
تتبني الحكومة مشروع قانون الصكوك فما هي القيمة المضافة المرجو تحقيقها عن طريق خلق اداة جديدة للدين؟
انا ضد فكرة الصكوك من اساسها بل انا' مفروس' منها نظرا لان خطورتها تتمثل في انها تختلف عن الاسهم و السندات اللذين هما علي المشاع و يخضعان لقانون الافلاس بينما تكمن خطورة الصكوك في ارتباطها باصل عيني محدد و لنا في تاريخ مصر درس عظيم مما فعله الخديوي اسماعيل عندما تعسر في سداد ديون مصر فقام ببيع اسهم قناة السويس و يوم افتتاح القناة في1869 لم تكن مصر تمتلك سهما واحدا ثم جاء مندوب انجليزي و آخر فرنسي في وزارة المالية بلاظوغلي لمراقبة اموالهم ثم اعلنت مصر افلاسها بعد ذلك. و الان خطورة الصكوك تحوم حول قناة السويس او سكة حديد مصر. و يستشهد من يروج لمشروع الصكوك بانها مطبقة في قطر و الامارات و السعودية و تركيا و ماليزيا و هذه حجة خاطئة لان مصر ليست و احدة من تلك الدول التي تمتلك اقتصاديات قوية راسخة و الاهم من ذلك انه لا يوجد في اي من هذه الدول صكوك بضمان اصول سيادية بل بضمان مشروعات. فمثلا مهاتير محمد اول من لجأ الي فكرة الصكوك لاجتذاب اموال أجنبية لتمويل مشروعات عالية التكنولوجيا و في حال اذا ما افلس المصنع لا توجد مشكلة من استحواذ المستثمرين علي المصنع لكنه ابدا لم يطرح صكوك بضمان' التوين تاوز' في كوالانبور.
صرح وزيرالتخطيط و التعاون الدولي إن مصر تحتاج لنحو14.5 مليار دولار في شكل قروض ميسرة خارجية حتي نهاية30 يونيو2013, الي اي مدي يمكن أن يسهم تبني آليات تمويل جديدة مثل تفعيل منظومة التمويل العقاري و انشاء الشراكة بين القطاعين العام والخاص لتوفير سيولة لإقامة المشروعات العامة الي الاستغناء عن الاستدانة من الخارج و الخروج من الحلقة المفرغة للديونأ
نحن نمتلك العديد من الادوات المالية و البدائل المتاحة اولا: انا ادعي ان المدخرات المصرية تتخطي13% من الناتج القومي المحلي لانه يوجد الكثير من الاموال' تحت البلاطه' و خارج نطاق النظام المصرفي الرسمي لذلك مع وجود حزمة من الحوافز و التطمينات الحكومية يمكن رفع نسبة13% الي25%. ثانيا: ملف الاستثمار العقاري لم يخدش سطحه وهو ما يثير الدهشة لان مصر من اوائل الدول التي شهدت التسجيل العقاري مع انشاء اللورد كرومر لمصلحة المساحة في1882 و تم تسجيل جميع اراضي مصر و قتها. فهل يعقل انه حتي الآن يتم شراء العقارات باموال' كاش' فأقل الدول تقدما اليوم تقوم بالتملك و الشراء بالتقسيط. ثالثا:الشراكة بين القطاع العام و الخاصPPP هي بمثابة كنز خاصة في ظروفنا الحالية لانها تشجع المستثمر و تطمئنه ان الدولة حامية له و تساعده في شكل توفير مرافق و بنية اساسية و ادخال تكنولوجيا و تدريب عمال وهذا النمط كان معروفا و مطبقا في مصر منذ الأربعينيات و الخمسينيات فاصلاح اراضي البحيرة التي كانت عبارة عن مستنقعات تم عن طريق الشراكة بين القطاع الخاص و شركة استصلاح اراضي في البحيرة المملوكة للدولة وأنا عندما وضعت موازنة2011-2012 التي تم رفضها خصصت40 مليار جنيه منها لتمويل الاستثمارات العامه. رابعا: اللجوء الي الافكار المبتكرة فمثلا القطاع غير المنظم كنز مهمل كما ذكر' هرناند دسوتو' في الدراسة التي قام بها مع المركز المصري للدارسات الاقتصادية الا ان احدا لم يلتفت الي هذه الثروة غير المسجلة حتي الان و بالتالي فصاحب اي مشروع في هذا القطاع غير المنظم لا يستطيع ان يأخذ قرضا من البنك لتطوير نشاطه كما لا يقوم بدفع ضرائب. خامسا: القطاع المصرفي به ودائع تقدر ب900 مليار جنيه يتم توظيفها في شراء اذون الخزانة و استثمارات تعود بفائدة تتراوح بين4% و6%. لذلك يجب ان يكون جزء من تلك الاموال مخاطرا اقتداء بطلعت حرب الذي قال ان النظام المصرفي ليست مهمته فقط تنمية الودائع و اعطاء قروض بل هو عصب تنمية الاقتصاد و قام بانشاء22 شركة مازلت قائمة حتي الآن. فالنظام المصرفي يجب ان يتجاوز التجربة المريرة لنواب القروض وبالفعل قام فاروق العقدة بعمل جبار في تنقية و تطوير النظام المصرفي.
تفاقم الدين المحلي حسب آخر تقرير للبنك المركزي المصري وصل الي1.249.7 تريليون جنيه مع بداية السنة المالية الحالية اي حوالي70% من الناتج المحلي, فما هي الإجراءات العاجلة التي يجب علي الحكومة اتخاذها علي الفور؟
الاجراء العاجل الوحيد هو عودة الانتاج علي الفور بلا انتظار لاي معجزات. فالدين المحلي يأتي من ان الموارد العامة اقل كثيرا من المصروفات و بالتالي يحدث عجز و لتمويل هذا العجز نلجأ الي اذون الخزانة و السندات مما يؤدي الي تراكم الدين المحلي.
هل انت مع ترشيد الدعم بصورته الحالية ام استبداله بدعم عيني ام الغائه؟
الدعم هو بمثابة نزيف دائم في الموازنة فهو وصل الي130 مليار جنيه اي32% من اجمالي الانفاق العام. انا اتمني ان اري اليوم الذي لا يحصل فيه اي مواطن علي دعم وان يتم الاستعاضة عنه بمرتب عادل يكفي كل فرد. و يجب ألا يرفع الدعم بصورة مفاجئة حتي لا نعاني من مجاعات و اضطرابات اجتماعية شديدة كما حدث بعد سقوط حائط برلين في بعض دول اروبا الشرقيه. فرفع الدعم يجب ان يتم تدريجيا من خلال خطة علي مدي خمس او عشر سنوات. و في الوقت الحالي الناس تعاني بشدة لذلك يمكن تقديم دعم نقدي للفئات المحتاجة و المعروفة من خلال بطاقات التموين و الرقم القومي و في الدول التي لا يوجد بها قاعدة بيانات دقيقة يمكن الرجوع الي كمية استهلاك كيلو وات الكهرباء للاستدلال علي محدودي الدخل. و يمكن الاستفادة من برنامج البرازيلzerohungerprogramme و الشخص الذي وضعه قابل رئيس الوزراء السابق احمد نظيف الا أن البعض زعم ان تبني هذا البرنامج غير مناسب للتطبيق في مصر بينما انا أري انه يمكن الاستفادة منه.
هل تري ان تطبيق الضرائب التصاعدية خطوة هامة لتحقيق العدالة الاجتماعيه؟
بعيدا عن الايدولوجيات فالجدل حول الضرائب التصاعدية لا معني له حيث ان قيمة20% الذي يدفعها الموظف كضريبة علي دخله لا تتساوي مع مثيلتها التي يدفعها رجل الاعمال الذي يمتلك العديد من المصانع. و الحديث عن الضريبة التصاعدية يمكن ان يخيف المستثمرين في القطاع الخاص. و التجربة العملية اثبتت انه عندما كنا نفرض ضرائب40% في الماضي كانت الحصيلة هزيلة لكن بعد تخفيضها الي20% زدات الحصيلة بنسبة12% عندما تم اعطاء حوافز و تطمينات للممولين. و الكلام عن الاصلاح الضريبي لا يجب ان يقتصر فقط علي قيمة الضربية بل يمتد ليشمل كفاءة التحصيل و ادارة الضريبة حتي نتستطيع تحصيل ال60 مليار جنيه متأخرات ضريبية والتي تساوي ضعف قيمة قرض الصندوق. الاهم من ذلك اننا نكاد نكون الدولة الوحيدة التي لا تفرض ضريبة علي الارباح المتحققة في البورصة وعمليات الاستحواذ ففي الخارج يتم تحصيل ضرائب كثيرة جدا من هذين النشاطين. كما يمكن فرض ضريبة متدرجة علي بيع الاراضي لمنع المضاربة بها ايضا يمكن فرض ضريبة عقارية بسيطة جدا علي المساكن و رفعها علي المنشآت و المساكن في الاحياء الراقية التي يقطنها الميسورون ماليا مما يترك95% من مساكن مصر معفاة من الضريبة.
بعد الثورة تم الاعلان عن ان قيمة الاموال التي هربت من مصر خلال سنوات حكم الرئيس السابق حسني مبارك, ما يفوق130 مليار دولار من بينها54 مليار خلال السنوات الثماني الماضية. من وجهة نظرك كيف يمكن منع تكرار ذلك و هل توجد امكانية لاسترداد تلك الاموال؟
اولا هذه ارقام مبالغ فيها بشكل غير عادي. و من اوائل الدول التي جمدت الارصدة المهربة لديها سويسرا و انجلترا لكن يجب اثبات امام القاضي الطبيعي ان تلك الاموال قد هربت بطريقة غير مشروعة و يبدو انه لا توجد جهود جادة حقيقية لدي القيادة السياسية لاسترداد تلك الاموال. و الرقابة و المساءلة هي الوسيلة الفعالة لمنع تكرار ذلك مرة اخري فالاقتصاد الحر هو اقتصاد منضبط و انا اتعجب من مساعي البعض الي اضعاف و هدم هيئتي الرقابة المالية و الرقابة الادارية. فمثلا في سويسرا اذا زاد الحساب الشخصي لاي مواطن بصورة مفاجئة يتم سؤاله عن مصدرتلك الاموال و كذلك الاتحاد الاروبي يطبق اتفاقات ماستخرت و بازل1 و2 و3 و المهم ان نطبقها و نلتزم بها.
برجاء تشخيص حالة الاقتصاد في الوقت الراهن و وضع روشتة دقيقة مفصلة لكيفية الخروج من الازمة ؟
نحن نعاني من ارتفاع معدل التضخم نتيجة انخفاض قيمة الجنيه و توقف الانتاج وبالرغم من ان التضخم شهد انخفاضا طفيفا مؤخرا الا ان ذلك كان نتيجة انخفاض الطلب و ليس انضباط الاسعار و مما لا شك فيه ان استمرار الوضع كما هو عليه ينذر بالخطر لتهديده السلام الاجتماعي و هو ما أطلق عليه اعادة توزيع للدخل القومي بالقوة و يتجلي ذلك في ظواهر سرقة السيارات و الخطف و المطالبة بفدية او سرقة الشقق. لذلك يجب اولا: ان توجد رؤية واضحة يتم تنفيذها بسرعة لتدارك ذلك في الاجل القصيرquickfix يشعر بها المواطن في الغد. علي ان يشكل كل ما يطبق اليوم جزءا من خطة طويلة الاجل مع الوضع في الاعتبار ان أي خطط بدون استقرار سياسي و احترام القانون لن يكون لها اي جدوي. ثم التوقيع مع الصندوق الدولي ليس من اجل المال بل للحصول علي شهادته في قوة الاقتصاد. و البدء فورا في مشروع قومي لتشغيل الشباب العاطل في المشروعات الصغيرة و الاشغال العامة مثل رصف و تمهيد الطرق وصيانة المشروعات الكبري. فصيانة شواطيء النيل المهملة التي يبلغ طولها1000 كيلو متر علي الجانبين و المعتدي عليها يمكن ان تخلق100 الف فرصة عمل للشباب كل عام و كذلك البدء في المشروعات الكبري مثل تطوير قناة السويس باموال وطنية ولنا في السد العالي اسوة حسنة و هكذا.
ثانيا: علي المدي المتوسط يجب ان يكون الهدف هو النهضة بالتصنيع و عملimportsubstitution للواردات التي بلغت قيمتها58 مليار دولار و استبدالها بمنتج محلي و هذا ما حدث في الستينيات و نحن اليوم نواجه نفس الموقف تقريبا و هذا تماما ما فعلته كل من الصين و كوريا و ماليزيا مع العلم اننا نصدر ب28 مليار دولار و صادراتنا نصفها مستورد.
ثالثا: بالنسبة للاجل الطويل2020 سوف يكون تعداد السكان100 مليون و قوة العمل33 مليون و نقطة البداية لابد أن تكون تعليمهم و تدريبهم.
ما تقييمك لتجربة الخصخصة التي طبقت في مصر و ما رؤيتك للطريقة المثلي لتنفيذها ؟
في مصر نحن نصبغ علي الاشياء من ممارستنا الخاطئة سمعة سيئة و علي رأسها الخصخصه. انا عتقد ان الخصخصة ضرورية لان القطاع العام نشأ في ظل اقتصاد اشتراكي و نحن نتحول الي اقتصاد حر و هذا لا يعني عدم امتلاك الدولة لبعض المشروعات و المرافق الاستراتيجية كما هو الحال في اعتي الدول الرأسمالية. لكن الخصخصة طبقت في مصر بطريقة شديدة العشوائية و ما زاد الامور سوءا احكام القضاء التي قضت برجوع ما تم خصخصته و جاء ذلك قبل مؤتمر' اليورو مني' فاي رساله تلك التي نرسلها للمستثمر العربي و الاجنبي و حتي المصري!. بينما في ماليزيا علي سبيل المثال توجد مؤسسة تسمي' الخزانه' انشئت عام1982 و لها مجلس ادارة علي اعلي مستوي يضم بعض الخبرات الاجنبية و مجلس الامناء يرأسه رئيس الوزراء و لا يجتمع الا في وجوده و قامت' الخزانه' بدراسة و تقييم جميع المشروعات المملوكة للدولة و قررت ما يتم بيعه او دمجه او الاستحواذ عليه. في الوقت الراهن حققت' الخزانه' فائضا هائلا يقوم بتمويل الخطة2020 القائمة علي التكنولوجيا و هي التي تقوم بتدريب العمال و انشاء الشركات. انا لا أقول ان هذه التجربة هي بالضرورة الامثل الي مصر او أنها بدون اي عيوب لكنها تجربة ناجحة بكل المقاييس يجب و ضعها في الاعتبار.
هل لديكم تصور محدد فيما يخص اعادة صياغة علاقات العمل ؟
هذا من النقاط الهامة التي نتعامل معها بصورة سيئة جدا الآن في مصر. بعد الثورة مباشرة دعوت انا ووزير العمل آنذاك احمد حسن البرعي رئيس منظمة العمل الدولية و فجرنا مفاجأة اننا سوف نصدر قانون حرية العمل النقابية و عندما ذهب البرعي لاحقا الي جنيف تم استقباله استقبال الابطال و تم رفع مصر من القائمة السوداء. احترام حقوق العمال لا يعني اهدار حقوق اصحاب العمل في القطاع الخاص في المقابل فرجل الاعمال المستنير يعلم تمام العلم ان العامل المستقر ماليا ينتج اكثر. و انا مع ان يحتفظ صاحب العمل بحق التأجير و الفصل. لكن فوجئت بعد خروجي انا و برعي من الوزارة انه تم اعداد القانون بشكل ممسوخ و تم التحايل علي المنظمة و الآن يوجد انشقاق بين الاتحاد القديم الذي كان بكل صراحة جزءا من الدولة و بين النقابات المستقلة المنشأة بعد الثورة.
هل انت متشائم أم متفائل بالمستقبل؟
التشاؤم حيلة إما العاجز أو الجاهل. و انا متفائل لعدة اسباب اولها ان الولايات المتحدة بعد الثورة ابدت رغبتها في الاستثمار في مصر لأنهم عانوا من الازمة الاقتصادية العالمية و الاسيوية و أرادوا الاستفادة من موقع مصر الجغرافي المتميز جدا و هذا ما اسماه جمال حمدان عبقرية المكان. و من مميزاتنا ايضا اننا نمتلك اقتصادا متنوعا مستقرا منذ العشرينيات يشمل صناعة و زراعة و سياحة و قطاع اتصالاتITC. الميزة الثالثة هي ان البنية الاساسية للاقتصاد المصري لم تمس او تدمر كما هو الحال في ليبيا او العراق او سوريا و هذا يترجم في الاقتصاد بأننا نمتلك طاقة عاطلة مستعدة للانتاج فورا بدون اي استثمار. الدخل من السياحة كان حوالي مليار دولار في الشهر, مرشح للزيادة مع استقرار و هدوء الاوضاع الامنية و السياسية. و قد قمت بدراسة في دافوس تتوقع زيادة اعداد السائحين الي30 مليون سائح في2015. وكل ما سبق يؤكد أن الاقتصاد ليس به عيب هيكلي لكن المشكلة تكمن في قصور ادارته.*


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.