«بعد تصديق الرئيس السيسي».. نص تعديل بعض أحكام قانوني «النواب والشيوخ»    فتح باب التقديم لوظيفة مدير عام المجازر والصحة العامة بمديرية الطب البيطري بالغربية (الشروط)    وزير الري يوجه بتكثيف المرور لرصد التعديات في المهد    الأنبا أبرآم.. "أسقف الفيوم المحبوب" الذي صار أيقونة العطاء والمعجزات    أسعار العملات الرقمية اليوم.. ارتفاع جماعي يقوده البيتكوين والإيثريوم    أسعار الأسماك اليوم الثلاثاء 10 يونيو في سوق العبور للجملة    إغلاق وتشميع نهائى ل 10 محلات مخالفة بسور السكة الحديد بأسوان    كجوك يوجه بتسهيل الإجراءات الجمركية لضيوف الرحمن    محافظ أسيوط يوجه بتكثيف متابعة إنتاجية المحاصيل الزراعية بالمراكز والقرى    الجيش الإسرائيلي يعلن استهداف ميناء الحديدة باليمن    23 شهيدا بقصف للاحتلال الإسرائيلي عدة مناطق بقطاع غزة فجر اليوم    الدفاع الروسية: اعتراض وتدمير 102 طائرة مسيرة أوكرانية خلال فترة الليل    استشهاد لبناني وابنه في غارة إسرائيلية على بلدة شبعا    كريم الدبيس: هدفنا الظهور بشكل مميز.. وتحقيق نتائج جيدة في المونديال    مواعيد مباريات الأهلى فى كأس العالم للأندية    أبرزها السعودية وأستراليا.. مواجهات قوية بتصفيات آسيا لمونديال 2026    إمام عاشور عن خروج الأهلي الأفريقي: «أصعب مواقف حياتي»    حسام عبد المجيد يخطر الزمالك بالاحتراف والنادى يخطط لمنع انتقاله للأهلى    مباريات اليوم.. ختام المرحلة الثالثة بتصفيات آسيا للمونديال    إمام عاشور: الأهلي غيّرني    بينها الهواتب المحمولة والكتيبات.. محظورات على طلاب الثانوية العامة 2025 أثناء الامتحانات    الأرصاد: طقس شديد الحرارة على جنوب الصعيد.. والعظمى 41 درجة    العثور على جثة شاب ملقاة بجوار الزراعات في قنا    ضبط 55.7 ألف مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    «التضامن»: عودة أول أفواج حجاج الجمعيات الأهلية اليوم    حريق محدود في مخزن مواد غذائية بقسم أول سوهاج دون إصابات    مصرع طالب وإصابة شاب فى حادث تصادم دراجة نارية و"سكوتر" بالبدرشين    بعد عدة تأجيلات.. موعد عرض فيلم «روكي الغلابة» في السينما    بعد حفل زفافها باليونان.. أمينة خليل تتصدر التريند    في أولي حفلاته بعد الحج.. أحمد سعد يوجه رسالة لجمهوره| صور    «السنجة» ل«بتر شو» يعود على مسرح نهاد صليحة في 10 يوليو    حِجر إسماعيل..نصف دائرة في الحرم تسكنها بركة النبوة وذاكرة السماء    محافظ أسيوط يشهد انطلاق تقنية طبية جديدة بوحدة المناظير بمستشفى المبرة    انتشار سريع وتحذيرات دولية.. ماذا تعرف عن متحور "نيمبوس"؟|فيديو    أسعار اللحوم البلدي والكندوز اليوم الثلاثاء 10-6-2025 في الأسواق ومحال الجزارة بقنا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 10-6-2025 في محافظة قنا    حكم توزيع لحوم الأضاحي بعد العيد وأيام التشريق؟.. أمين الفتوى يوضح    تراجع سعر الذهب وسط ترقب نتائج المحادثات التجارية بين أمريكا والصين    فنان العرب محمد عبده والمايسترو هاني فرحات يحطمان الأرقام القياسية في حفلات عيد الأضحي 2025    اقتحام المنازل وتعطيل الدراسة.. ماذا يحدث في مدينة نابلس؟    فى أحضان الفراعنة.. عروض فنية لقصور الثقافة بالأقصر في احتفالات عيد الأضحى    حبس وغرامة، عقوبة استخدام حساب خاص بهدف ارتكاب جريمة فى القانون    تحذير عاجل من عبوات "باراسيتامول" بالأسواق، وهيئة الأدوية البريطانية: فيها تلوث قاتل    استقرار سعر الذهب اليوم وعيار 21 يسجل 4675 جنيها    تامر عاشور يشيد بزوجته نانسي نور: قوية وحنونة وتتفهم طبيعة حياتي    الخارجية الإيرانية تعلن موعد الجولة المقبلة من المفاوضات مع واشنطن حول البرنامج النووى    وفد من أمانة حزب مستقبل وطن بالدقهلية يقدم العزاء لأسرة البطل خالد شوقي عبدالعال    يوميات أسبوع نكسة 1967 في حياة طبيب شاب    ماكرون: الحصار المفروض على دخول المساعدات إلى غزة "فاضح"    الخارجية الإيرانية: الجولة المقبلة من المحادثات مع واشنطن تُعقد الأحد في سلطنة عُمان    صور| صحة المنيا تباشر التحقيق في واقعة إصابة أكثر من 40 شخصًا بتسمم غذائي    رافاييل فيكي يدخل دائرة ترشيحات الزمالك لتولي القيادة الفنية    صحة سوهاج: 560 جلسة علاج طبيعي لمرضى الغسيل الكلوي خلال أيام عيد الأضحى    ما حكم الشرع في بيع لحوم الأضاحي.. دار الإفتاء توضح    أجواء مشحونة بالشائعات.. حظ برج الدلو اليوم 10 يونيو    خط دفاع تحميك من سرطان القولون.. 5 أطعمة غنية بالألياف أبرزها التفاح    استقبال 13108 حالة طوارئ بالمستشفيات خلال عيد الأضحى بالمنوفية    هل تنتهي مناسك الحج في آخر أيام عيد الأضحى؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«تزبيل» البيئة
نشر في الوطن يوم 26 - 08 - 2012

فى زيارتى الأخيرة للقاهرة قبل أسابيع قليلة، أُصبتُ باكتئاب من المهرجانات المفتوحة لأكوام الزبالة فى الشوارع. فى شارع رئيسى واحد فقط كانت هناك ثلاثة مقالب للزبالة، على زاوية أحدها وقفت أشاهد بتحسر ذلك الراكب على دراجته النارية وهو يقوم بحركة من أفلام «الأكشن» ليستدير استدارة بهلوانية بدراجته النارية المزعجة، ثم يرمى كيس الزبالة البلاستيك المنفوخ فى الحاوية فيسقط خارجها مفتوحاً، ليأتى كلب ضال باحثاً عن مستحقاته، فينهره طفل شوارع مسكين فى حالة «تصعب على أم أكبر الكافرين»، ليبدأ الطفل مهمته التنقيبية كبنى آدم ضال له الأولوية، بينما هناك بشر آخرون يكررون طقوس الرمى، سواء مترجلين أو من سيارة أو دراجة. البعض كان يترفع عن الاقتراب، فيرميها على حافة مزرعة المزابل ليمتد بساطها العريض أكثر.
كل شىء كان يسير عادياً وبانتظام، لا غرابة فى الأمر إلا وجودى واقفاً «أبحلق» فى مشهد يبدو لهم عادياً جداً!
*
«والمزابل ببعض الأفعال تُذكّر»، فقبل سنوات سمعت حكاية عن سفر أحد المتفاوضين المصريين الكبار للخارج، من أجل غرض مجيد ومهم لتنظيف القاهرة بشكل حديث، ذهب وتفاوض لجلب مجموعة من سيارات جمع القمامة الغالية جدا مثل تلك التى توجد فى أوروبا، هذه السيارات حين وصلت إلى القاهرة لم تتمكن-بديهياً بسبب أحجامها الكبيرة- من دخول حارات القاهرة الضيقة الملتوية، ومع شبه غياب مهنة «الزبال» القديم بدأت تتكون أول أهرامات الزبالة فى العصر الحديث.
*
أما الحكاية الأفدح طرافة فهى عن سفر أحد المتفاوضين الكبار من دولة عربية نفطية إلى أوروبا، كى يتفاوض على شراء عربات ومعدات تنظيف لمطار دولى جديد فى بلده، فلما أراد أصحاب الشأن فى أوروبا التفاوض معه، أبدى ترفعه عن التفاوض والمساومة، سألوه عن بعض التفاصيل، أجاب بكل إباء وشمم بأن المطار الذى سيُبنى فى بلده أكبر من مطارهم، وأنه يريد كل العربات والمعدات وملحقاتها مثل مطارهم تماماً!
أرسلوا لهم الشحنة المطلوبة بالمبلغ الخرافى، الطريف أن أغلبها احتوى على عدد رهيب من كاسحات الثلوج وأجهزة تذويبها وشفطها، تماما مثلما يحتاج هذا المطار الأوروبى الضخم فى شتاء طويل يتعدى ستة أشهر!
*
رجل النظافة فى فيينا له هيبة وسلطة لا يستهان بها، فهو يوبخ أكبر رأس فى المبنى -ولو كان وزيراً- إن رآه يرمى الزبالة فى الحاويات الخطأ؛ فالبقايا البيولوجية لها حاوية، والأوراق والكرتون لهما حاوية، والبلاستيك فى حاوية، والزجاج الملون فى حاوية والأبيض فى أخرى، والمعلبات والصفيح والمعادن فى حاوية، وهناك حاويات خاصة بالملابس المستعملة، وأخرى للبطاريات، وأخرى للمخلفات الخاصة، أما أجهزة الكمبيوتر والأجهزة الكهربائية أو الأثاث فلها مكان خاص فى المدينة يتم نقلها إليه.
أطفال الحضانة والمدارس الابتدائية هنا يقومون بزيارات استطلاعية لمصانع تدوير النفايات، يتدرب ذهنهم من الصغر على كيفية التصرف مع النفايات وطرق التخلص منها، ولعل من أجمل أشكال المبانى فى النمسا، هو مصنع تدوير النفايات الذى صممه الفنان النمساوى الشهير «هوندارت فاسر» فى شكل خرافى، حتى يكاد من لا يعرفه يعتقد أنه متحف.
*
فى دولنا فى الشرق نعتبر خارج البيت مشاعاً لكل تصرف بيئى أحمق، ضاع حس الملكية العامة والحفاظ عليها وحماية البيئة، فكلمة (بيئة) التى لها أجمل المعانى فى اللغات الأوروبية، فوجئت بأنها كلمة قذرة فى مصر، ما زال الشارع هو المزبلة والمبولة و«المبصقة» وأكثر!
ليتنا نفهم الحياة مثل المصريين القدماء أول حماة للبيئة فى العالم، الذين لم يكن لديهم خطط لا خمسية ولا عشرية ولا حتى خطة المائة يوم المستحدثة!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.