أسقط فى يد الأم التى تحرص على مشاهدة القنوات «الدينية»؟! عندما تصادف وجود أحد أطفالها إلى جوارها وهى تتابع قناة الحافظ، حيث أطل «الشيخ؟» عبدالله بدر، أستاذ التفسير فى جامعة الأزهر وانطلق لسانه العف بسلسلة من الأوصاف شديدة التهذيب التى تنفح بالتسامح.. قال «الشيخ» مخاطباً بآداب الإسلام الفنانة إلهام شاهين: كم واحد قبَّلك وحضنك واعتلاك فى أفلامك؟!.. توجه الطفل إلى أمه متسائلاً: يعنى إيه «اعتلاك» يا ماما؟ تنبهت السيدة إلى المأزق الذى أوحلها فيه «فضيلة الشيخ»، فالصغير فى الثامنة من العمر، وكانت هى تريد أن تعوده على متابعة القنوات الدينية! رمقت صغيرها بنظرة عجز وأعينها السبّل وهى تبحث عن لفظ «مهذب» لما رمى إليه «رجل الدين»، ترد به على استفسار الطفل، دون اغتيال براءته! وقبل أن تخرج من مأزقها هذا ازدحم رأس الصغير بمفردات أخرى مثل أن «أعمال نور الشريف زنى ودعارة.. وأن فاروق الفيشاوى ديوث وخالد يوسف ماجن!!» وكان أبناء آخرون فى سن الطفولة والمراهقة قد استفسروا من أمهاتهم عن معنى «الصراصير» التى تعد بالملايين، وطالب أحد «الشيوخ» الرئيس المنتمى لجماعة الإخوان المسلمين بدهسهم بالجزمة، ناهيك عن دعاوى التحريض على قتل المعارضين، وهو أسلوب أو منهج يتفرد به المنتمون إلى تيارات الإسلام السياسى، واعتبار هذه الدعوات واتهامات الناس فى أعراضهم، تصرفات فردية لا تستوجب التوقف أمامها.. نحن مطالبون إذن بقبول تفشى الألفاظ الفاحشة فى وصف الفن والفنانين، ووأد كل ما يتصل بالفن والإبداع وسط صمت غريب ومريب من قبل أحزاب الإسلام السياسى، وكأن الجميع يشارك فى مخطط محكم لتغيير هوية الوطن وتجريده من كل ما كان يفخر به على مر آلاف السنين، وأيضاً «تصحيح» الصورة الحضارية الرائعة التى تجلت فيها وحدة هذا الشعب وتحضره، فازدحمت الفضائيات والصحف بوجوه رجال الدين، والقليل جداً من رجال السياسة للتعبير عن التوجه الجديد! المثير للتساؤل هو مرور «رجال الدين» هؤلاء على حادث حريق أو إحراق مجمع الألومنيوم فى نجع حمادى بالتزام صمت مريب، لا سيما إذا ما عرفنا أن أحد شروط واشنطن وصندوق النقد والبنك الدوليين كان دائماً إغلاق أو تفكيك هذا المجمع الأكبر فى الشرق الأوسط، لمنح مصر أية قروض، فهل تزامن حريق أو إحراق المجمع مع مفاوضات الاقتراض من صندوق النقد الدولى مع سيل السباب القبيح ودعوات القتل والنحر وظهور ميليشيات جماعة الإخوان المسلمين؛ للقيام بوظيفة وزارة الداخلية فى حماية مقار الجماعة أو منع التظاهر ضد الرئيس مرسى.. مجرد صدفة؟ وبماذا ننصح الأم التى تخجل من «شرح» مفردات «رجال الدين» لأطفالها؟ هل تدخل دورة «تثقيفية» على أيدى هؤلاء؟ ولماذا احتل هؤلاء الشيوخ كل المنابر تقريباً، فيما لم تبرز قيادة سياسية واحدة توحد أغلبية جماهيرية حولها؟