التطرف الديني.. إنتوا عارفين معنى "التطرف"؟، معناه البعد والذهاب إلى الطرف المعاكس، أو معناه أيضًا التجاوز، يعني عندما نتجاوز الشئ ونبعد عنه، أو المبالغة، بمعنى "إن اللي يزيد عن حده ينقلب لضده".. فمعنى التطرف الديني إجمالًا هو "البعد عن الدين، والتحالف مع طرف آخر ضد الدين"، وعندما نتكلم عن أي دين نقصد هنا "الله"، وعندما نبعد عن الله ونتحالف مع طرف آخر ضده، فالطرف الآخر هنا هو "الشيطان". الآن، لا بد أن أوضح الأمور لكي نراها بوضوح، فلو تكلمنا باسم الله فنحن نعني "الحب - المودة - التسامح - الرحمة - السعادة - قبول الآخر- البراءة - السلام الداخلي والخارجي - النور- النقاء - بشاشة الوجه - الجمال"، بالإضافة لكل الصفات الجميلة الراقية التي لا يمكن الخلط بينها وبين أي شيء آخر.. كل هذه الصفات الجميلة غير المشروطة باعتناق دين معين، لأن كل دين يدعي أنها تخصه وحده، ودائمًا ننسى أن كل الأديان جاءت من عند الله ونتصرف عكس ذلك. وإذا تكلمنا ظاهريًا باسم الله وباطنيًا الذي يحركنا هو الشيطان، فنحن نعني "الكراهية - الحقد - الأنانية - الغضب - عبوس الوجه - تلويث كل شئ - الظلم - العنف - إراقة الدماء"، وكل الصفات الخسيسة والأفكار الدنيئة والمنحطة، التي تنحصر في الجنس والنجاسة، ودائمًا يدعوا إلى التفرقة، لأنها الصفة الأساسية للشيطان، وهي "فرق تسد"، لكي يكسب أنصار كلًا من الطرفين. فالتطرف الديني موجود في كل دين وكلهم متشابهون، يحرقون ويقتلون وينهبون ويكفرون الطرف الآخر، ويقولوا عن هذا إنه الجهاد "فنحن نجاهد في سبيل الله".. إذا كان هذا ما يدعو إليه الله، فما هي وظيفة الشيطان إذًا؟ فأرجو منكم هنا، أن نبعد كلمة الدين عن أي شبهه من الشبهات، وأن لا نسمي ما يفعل هذا بالمتطرف الديني، ولكن ننسبه إلى الذي يحركه ونسميهم "أتباع الشيطان"، فكلهم متشابهون ونحن نربأ بأن ننجس هذه الكلمة الطاهرة وهي "الدين"، فالجهاد معناه أن تجاهد مع نفسك، لكي لا تعطي فرصة أو مدخل للشيطان، بأن يدخل إليك ويعسكر بداخلك، وتصبح عبدًا له. فإن كان بداخلك كراهية أو حقد أو حسد أو تعصب.. إلخ، فهذا يعد بمثابة باب مفتوح ومدخل للشيطان، وإذا دخل الشيطان إليك، ستصبح أداة في يد الشيطان، وسيدعوك بأن تدعو لكل الأفكار الدنيئة، ويصورها لك بأنها الجهاد في سبيل الله، إلى أن يتفشى المرض داخلك، وتتصور أنك من كبار الدعاه لله، ويركبك الغرور لدرجة إنك تتخيل أنه لا فرق بينك وبين القديسين والأنبياء المذكورين في الأديان.. فاعتقد كلنا نعرف من هو الله، ونعرف أيضًا قصص القديسين والرسل والأنبياء، وأفعالهم الراقية وأخلاقهم الكريمة. فنحن لا نريد بعد الآن، من رجال الدين أن يكرروا لنا نفس الكلام، بل نريدهم أن يكونوا لنا المثل الأعلى الذي يحتذي به، وأن نري الأخلاق الكريمة والأفعال الراقية للرسل والأنبياء في أفعالهم وتصرفاتهم على أرض الواقع.. الله أعطانا في كل الكتب السماوية الكثير، لماذا؟ هل لتصبح داخل الكتب السماوية فقط؟ فلماذا كل همنا أن نتحدث عنهم ونذكر سيرتهم الحسنة، ونقف عند هذا الحد؟ لماذا أصبحنا نحفظ الآيات فقط ونبارز بعض بها؟ متى نتشبه بهم ونحاول أن نحذو حذوهم؟. نحن لا نريد مزيد من الكلام، لأننا نعرف جيدًا، عندما يزداد الكلام يزداد معه الغلط أيضًا، فالنور والظلام لا يمكن أن يجتمعوا معًا، فإذا دخل النور ذهب الظلام بلا رجعه.. أدعوك يا ربي أن تمتلك حياتي بالكامل، لكي أستطيع أن أظهر مدى روعتك وصفاءك، أدعوك أن تجعل الآخرون يعرفوك ويرونك من خلالي، وأن أحافظ على هذه الصورة نقية دائمًا.