لجوء أهالي القرى لقتل اللصوص والبلطجية، بل والتمثيل بجثثهم، بدعوى عدم قيام الشرطة بدورها في حفظ الأمن، ووقف ظاهر قطع الطرق وحوادث السرقة بالإكراه، أصبح ظاهرة في حد ذاته، حيث تكررت تلك الوقائع بشكل لافت، كان آخرها قيام أهالي قرية "بندف" في محافظة الشرقية، بالتمثيل بجثث 4 من لصوص السيارات، معتبرين ذلك أفضل تطبيق لحد الحرابة، وهو ما يرجعه الدكتور علي أبو ليلة أستاذ علم الاجتماع، إلى أن الأهالي فقدوا الشعور بالأمان على مدى الأشهر الماضية، مما أدى بهم لرد فعل عنيف، لم نعتده في مجتمعنا من قبل. وأضاف أبوليلة: غياب التواجد الشرطي الفاعل في الشارع، ساهم في انتشار تلك الظاهرة العنيفة، متوقعا استمرار تلك الظاهرة طالما طالت فترة تجاهل قوات الشرطة لدورها في حفظ الأمن، ليتمكن الأهالي على طريقتهم من مواجهة العناصر المنحرفة الذين يستغلون غياب الشرطة لتوسيع نشاطهم. وأوضح أبو ليلة، أن معاناة المواطن من ارتفاع الأسعار وغياب الخدمات الأساسية من كهرباء وماء وتراكم القمامة فضلا عن نقص فرص العمل، تشكل جميعا ضغوطا تدفع بالمواطن إلى صب غضبه على الشخص الذي يستخدم السلاح ضده، معتبرا أن تكرار وقائع التهديد بالسلاح، تدفع المواطن الغاضب لعدم الاكتفاء بقتل البلطجي، وإنما التمثيل بجثه على سبيل الانتقام، تحت تأثير الشعور بالفزع والترويع. وتوقع أبو ليلة، اختفاء تلك الظاهرة مع استقرار الوضع الأمني، لأن الشعب المصري بطبيعته غير دموي والشخصية المصرية اكتسبت من الطبيعة الجغرافية والحياة بالقرب من نهر النيل درجة من الهدوء والسلمية، لافتا إلى أننا نعيش فترة استثنائية بكل ما فيها، ومن ثم لا يمكن اعتبار ذلك السلوك، وإن تكرر، هو الأصل في الشخصية المصرية. وعلى سبيل التشبيه، قال أبوليلة، إن حال البلطجية بعد الثورة، كحال "جن مملكة سيدنا سليمان"، الذين ظلوا يعملون باجتهاد، ظنا منهم أن سيدنا سليمان مازال حيا، وعندما علموا بوفاته، عادوا إلى الضلال، وكذلك حال البلطجية الذين اعتقدوا في قوة جهاز الشرطة لسنوات، وقدرته على الفتك بهم، لكنهم فوجئوا بعد ذلك بأن الجهاز يعاني من قلة عدد أفراده، مما شجع البلطجية على توسيع نشاطهم.