لا تتعجب صديقى، ولا تندهشى صديقتى من العنوان.. فبطل الحدوتة أرنب استطاع بالذكاء والمكر، أن يتغلب على طمع وغرور الثعلب.. فى يوم من أيام الصيف ذهب الأرنب عند النهر ليملأ جرة الفلاحة العجوز بالماء، فرح النهر بصديقه الأرنب فهو يلعب مع أصدقائه على شاطئه، لكنه لا يلوث مياهه أبداً وإذا وجد ورق الشجر أو غصنا جافا يسبح فى مياهه يلقيه فى سلة المهملات.. كانت الأرانب تقفز بسعادة وتلعب ثم فجأة ظهر من خلف الأشجار الثعلب، هربت جميع الأرانب وكان الأرنب الصغير يملأ الجرة فلم ير الثعلب.. جرى الأرنب وقعت الجرة وانكسرت.. شعر الأرنب بالخطر فتعمد أن يسقط فى الطين ليلتصق بفرائه الأبيض.. اقترب منه الثعلب وقال: ستكون وجبتى الشهية فى الغداء.. بكى الأرنب وقال: ستحزن لأجلى الفلاحة العجوز وللأسف لن أكون وجبة شهية بل وجبة مؤذية! تعجب الثعلب وقال: مؤذية! رد الأرنب بمكر: نعم ألم تر الطين الذى التصق بفرائى! لو أكلتنى ستتألم وتصيبك الأمراض، لا بد أن أغتسل أولاً.. اتركنى أذهب للنهر لأغتسل وأعود.. ضحك الثعلب ساخراً وقال: لن تهرب منى يا أرنب، سأتركك فى منزلى وأذهب للنهر أحضر لك الماء. ذهب الثعلب للنهر صديق الأرنب وقال: نهر يا نهر، أعطنى ماء، أحمله للأرنب ليغتسل وينظف الفراء، فهو وجبتى الشهية فى الغداء.. ضحك النهر واندفعت مياهه فى وجه الثعلب وقال: أين ستحمل الماء يا ثعلب؟ اذهب لصانع الفخار ليصنع لك جرة تملأها بالماء.. ذهب الثعلب لصانع الفخار وقال: صانع الفخار يا صانع الفخار، اصنع لى جرة أملأها بالماء وأحملها للأرنب ليغتسل وينظف الفراء، فهو وجبتى الشهية فى الغداء. كان صانع الفخار لا يحب الثعلب؛ فهو يتسلل فى الليل لمنزله ويسرق الدجاج والبط والأرانب.. فقال: أحضر لى الطين يا ثعلب لأصنع لك منه الجرة.. جرى الثعلب بسرعة ووصل للحقل وقال للأرض: أرض يا أرض، أعطنى بعض الطين، أحمله لصانع الفخار ليصنع لى جرة، أملأها من ماء النهر وأحملها للأرنب ليغتسل وينظف الفراء، فهو وجبتى الشهية فى الغداء.. صاحت الأرض قائلة للثعلب: لن تستطيع أن تحفرنى لتحصل على الطين إلا بالفأس، اذهب للحداد ليصنع لك فأساً وتعال.. كانت الشمس تستعد للرحيل والثعلب جوعان.. ذهب الثعلب للحداد وقال: حداد يا حداد، اصنع لى فأساً قوية أحفر بها الأرض وأعطى الطين لصانع الفخار فيصنع لى جرة أملأها بماء النهر وأحملها للأرنب فيغتسل وينظف الفراء، فهو وجبتى الشهية فى العشاء. كان الحداد لا يزال يتذكر الخروف الذى انقض عليه الثعلب فى إحدى الليالى والتهمه وسرق فرحة الحداد وأطفاله بالعيد.. فكر الحداد وقال للثعلب: ليس عندى نار لأصنع لك الفأس، اذهب وأحضر بعض النيران. كان الثعلب يتألم من الجوع لكنه رأى ناراً فى فرن الفلاحة العجوز، فدخل عندها وقال: فلاحة يا فلاحة.. أعطنى ناراً أعطها للحداد، ليصنع لى فأساً أحفر به الأرض، وأحمل الطين لصانع الفخار فيصنع لى جرة، أملأها بماء النهر وأحملها للأرنب فيغتسل وينظف الفراء فألتهمه فى وجبة العشاء.. كانت الفلاحة العجوز تشعر بالقلق على الأرنب الذى خرج منذ الصباح عند النهر ليملأ لها الجرة بالماء.. فقالت للثعلب: ها هى النار فى الفرن كيف ستحملها للحداد؟ قال الثعلب الأحمق: ضعيها على ظهرى، وضعت الفلاحة النار على ظهر الثعلب فصرخ من الألم واحترق وتحول لكتلة من الرماد، أما الأرنب فقد تسلل من النافذة وجرى حتى وصل لبيت الفلاحة العجوز وحوله كانت ذرات الرماد تتطاير فى الفضاء..