ابنة رجل دين، وحفيدة عسكري، اعتبرت العمل والخدمة العامة جزءًا من حياتها.. هي ثاني امرأة تتولى رئاسة وزراء بريطانيا بعد المرأة الحديدية مارجريت تاتشر، التي حكمت في فترة حافلة بالمشكلات الاقتصادية والسياسية، واستطاعت الخروج بالبلاد منتصرة من أغلب الصراعات. بعد تنحي ديفيد كاميرون عن منصبه كرئيس للوزراء، وبعد التصويت لصالح انفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي، اعتبر كثيرون أن تيريزا ماي هي رئيسة وزراء الخروج من الاتحاد الأوروبي. استطاعت "ماي" خلال فترة توليها لوزرارة الداخلية، تحقيق استقرار ملحوظ والحد من العمليات الإرهابية في البلاد، واشتهرت "ماي" بلقب "ملكة الثلج" بسبب برودة أعصابها، ومواقفها الصارمة، وراهن الكثير على قدرتها على تخطي التحديات الكبيرة مثل الحفاظ على قيمة الجنيه الاسترليني، الذي نزل إلى أقل قيمة له منذ 30 عامًا، والقضاء على الانقسامات في حزب المحافظين، والتحدي الأكبر وهو تحقيق خروج آمن لبريطانيا من الاتحاد الأوروبي. فشلت "ماي" فشلا متواليا في جعل مجلس العموم يوافق على خطتها للخروج من الاتحاد الأوروبي أكثر من مرة، ما جعلها خلال التصويت الثالث تلقي بورقة "مقامرة" ليلتقطها معارضوها داخل حزبها، حيث قالت لهم إنها ستستقيل قبل الموعد المحدد إذا أيد مجلس العموم اتفاقية الانسحاب، وكانت هناك علامات على أن المقامرة ربما ثمارها عندما قال بعض المعارضين لها أنهم سيدعمونها في هذه الحالة، ولكن بعد 24 ساعة من إعلان استعداده تأييد خطة "ماي" للخروج من الاتحاد الأوروبي في حالة تنحيها عن منصبها، أعلن بوريس جونسون، وزير الخارجية البريطاني السابق، أن صفقة "بريكست" التي قدمتها "ماي" أصبحت "ميتة"، ويجب عليها الاستقالة في جميع الأحوال حتى لو خسرت التصويت الجديد في مجلس العموم بدلاً من إضاعة الوقت في الصراع مع أعضاء حزبها محاولة البقاء في منصبها. لكن رد الفعل غير المتوقع كان من جانب الحزب الاتحادي الديمقراطي الإيرلندي، بأنه لن يدعم الاتفاق بعد اجتماعات مكثفة في مقر الحكومة البريطانية خلال محادثات مع الحزب على أمل إقناع نوابه العشرة في مجلس العموم بدعم الصفقة، على الرغم من دعم ساسة آخرين مثل الوزير السابق داميان جرين الذي أكد أن ماي سوف تواصل القتال والمقامرة حتى في حال استمرار رفض مجلس العموم لاتفاق الخروج من الاتحاد الأوروبي. ولم يبق الآن أمام "ماي" إلا حتى 12 أبريل لكي تطلب تمديد المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي لتجنب الخروج من دون اتفاق في ذلك اليوم، فهل ستنجح في مقامرة أخيرة أم أنها وصلت لنهاية الطريق ؟ كما أشارت صحيفة ديلي تلجراف البريطانية ونصحتها في افتتاحيتها بالاستقالة.