48 ساعة لم تهدأ فيها سوريا، شهدت خلالها الدولة التي تعيش على صفيح ساخن في الأساس، أحداثًا ملتهبة، ولم تكد تخرج من أحدها حتى تدخل في الآخر، بدأها دونالد ترامب بالتوقيع على مريوم يعترف فيه بالجولان أرضا إسرائيلية، ووصلت إلى عدوان الاحتلال على حلب. الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أطلق شرارة الاشتعال حين وقَّع على مرسوم رسمي يعترف فيه بالسيادة الإسرائيلية على مرتفعات الجولان السورية المحتلة، وذلك خلال الزيارة التي قام بها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للولايات المتحدةالأمريكية، الإثنين الماضي. الاعتراف الرسمي والمرسوم الأمريكي جاء بعد أيام قليلة من التغريدة التي أثارت عاصفة عالمية والتي قال فيها "بعد 52 سنة، حان الوقت للولايات المتحدة للاعتراف الكامل بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان، التي تتسم بأهمية استراتيجية وأمنية بالغة الأهمية لدولة إسرائيل والاستقرار الإقليمي". وفي اليوم التالي لقرار ترامب، طلبت سوريا، عقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن التّابع للأمم المتحدة، حيث طلبت البعثة السورية لدى الأممالمتحدة، من رئاسة مجلس الأمن، التي تتولاها فرنسا في شهر مارس، أن تحدد موعدا لعقد اجتماع عاجل بهدف "مناقشة الوضع في الجولان السوري المحتل والانتهاك الصارخ الأخير من قبل دولة دائمة العضوية لقرار مجلس الأمن ذي الصلة". واستجابة للطلب السوري، اقترح السفير الفرنسي فرنسوا دولاتر الذي تترأس بلاده مجلس الأمن في مارس على الأعضاء ال14 في المجلس تحويل الجلسة المغلقة التي كانت مقررة مسبقا الأربعاء للبحث بشأن قوّة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة "اندوف" في الجولان، إلى جلسة طارئة عامة. وخلال اجتماع شهري الثلاثاء كان مخصصا للنزاع الإسرائيلي الفلسطيني، أظهر عدد من أعضاء مجلس الأمن (أوروبيون، جنوب أفريقيا، اندونيسيا، الصين) استياءهم حيال القرار الأمريكي الخروج عن الإجماع الدولي بشأن الجولان الذي تعتبره الأممالمتحدة بموجب قرارات أصدرتها "أرضا محتلة". وقالت الدول الأوروبية الخمس الأعضاء في مجلس الأمن (ألمانياوفرنسا وبريطانيا وبلجيكا وبولندا) في بيان رسمي "لا نعترف بسيادة إسرائيل في المناطق التي تحتلها منذ يونيو 1967، بما في ذلك هضبة الجولان"، وشددت هذه الدول على أن "ضم الأراضي بالقوة يحظره القانون الدولي". وقالت إن "أي إعلان بشأن تغيير الحدود من جانب واحد يتعارض مع قواعد النظام الدولي وميثاق الأممالمتحدة". وندد السفير الفرنسي بشدة خلال المحادثة مع الصحافيين بموقف واشنطن، وقال إن الأسس التي اتفقت عليها الأسرة الدولية من أجل سلام دائم في الشرق الأوسط "ليست خيارات أو قائمة يمكن الاختيار منها كما نشاء"، وتابع "الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على الجولان مخالف للقانون الدولي، وخصوصا واجب عدم اعتراف الدول بوضع غير قانوني". وخلال الجلسة، قال مندوب النظام السوري في الأممالمتحدة بشار الجعفري، إن إعلان "كشف حقيقة المخطط الموجه ضد سوريا بشكل خاص والمنطقة بأكملها لتكريس واقع جديد على غرار مخطط سايكس- بيكو ووعد بلفور". وأكد الجعفري أن "دول المخطط الاستعماري الجديد عملت على تنفيذ مخططها عبر حشد ودعم الإرهابيين الأجانب وشن اعتداءات على الأراضي السورية"، وفق تعبيره، متابعًا أن "الهدف الأساسي للحرب الإرهابية على سوريا هو تكريس الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية وضمان استمراره وفق أجندة تقودها الولاياتالمتحدة". كما ندّد الجعفري بما أسماه "إنشاء تحالف غير شرعي"، في إشارة للتحالف الذي تقوده الولاياتالمتحدة ضد "الإرهاب"، متهما إياه بارتكاب "جرائم حرب" و"فرض إجراءات اقتصادية قسرية بهدف إضعاف الدولة السورية". اليومان المشتعلان اكتملا بعدوان إسرائيلي على حلب، حيث هزت انفجارات في مستودعات ذخيرة مدينة حلب السورية بمنطقة مطارها الدولي وصولا لأطراف المدينة الصناعية، وأفادت قناة "الإخبارية" السورية بشن عدوان إسرائيلي على مطار حلب والمدينة الصناعية. وأعلنت وسائل الإعلام السورية الرسمية، أن الدفاعات الجوية لسوريا تتصدى حاليا لعدوان جوي إسرائيلي على مدينة حلب، حيث أفادت وكالة "سانا" الرسمية بأن الهجوم الإسرائيلي طال منطقة الشيخ نجار بريف حلب الشمالي الشرقي، مشددة على أن قوات الدفاع الجوي السورية تمكنت من إسقاط عدد من أهداف العدو.