يواصل الكيان القائم بالاحتلال «إسرائيل» انتهاكاته لحقوق الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة لما يقرب من 70 عاما، وسط إدانات متوالية من حكومات ومظمات دولية ومنظمات المجتمع المدني. وأثناء تقديمه تقريرًا إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف، والذي انطلقت فعاليات دورته ال40 منذ 25 فبراير الفائت وتتواصل إلى 22 مارس الجاري، حول أثر الاحتلال على البيئة والموارد الطبيعية، قال مايكل لينك المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحقوق الإنسان في الأرض الفلسطينيةالمحتلة، إن استغلال إسرائيل للموارد الطبيعية في الأرض الفلسطينيةالمحتلة، هو انتهاك مباشر لمسؤولياتها القانونية باعتبارها القوة القائمة بالاحتلال. وأضاف «لينك»: «بالنسبة لنحو خمسة ملايين فلسطيني يعيشون تحت الاحتلال، فإن تدهور إمدادات المياه الخاصة بهم واستغلال مواردهم الطبيعية وتشويه بيئتهم، كلها أعراض لغياب أي سيطرة ذات مغزى على حياتهم اليومية». مقرر حقوق الإنسان في الأراضي المحتلة: هذه الانتهاكات تعوق أي طريق يقود إلى تقرير المصير للفلسطينيين.. وتؤدي لمستقبل أحلك ينبئ بالأخطار وقال المقرر الخاص إن سياسة إسرائيل المتمثلة في الاستيلاء على الموارد الطبيعية الفلسطينية وإهمال البيئة، يسلب الفلسطينيين موارد حيوية مهمة كما يعني عدم قدرتهم على التمتع بحقهم في التنمية. وتابع: «نهج إسرائيل تجاه الموارد الطبيعية في الأرض الفلسطينيةالمحتلة يتمثل في استخدام تلك الموارد كما تستخدم دولة ذات سيادة مواردها، ويترتب على ذلك عواقب تمييزية بشكل واسع.» وذكر التقرير أن من يعيشون تحت الاحتلال يجب أن يتمكنوا من التمتع بكل حقوق الإنسان المنصوص عليها في القانون الدولي، من أجل حماية سيادتهم على ثروتهم الطبيعية. ولكن المقرر الخاص قال إن الممارسات الإسرائيلية فيما يتعلق بالماء واستخراج الموارد الأخرى ومسألة حماية البيئة، تثير القلق البالغ. ومع انهيار الموارد الطبيعية لمياه الشرب في غزة وعدم قدرة الفلسطينيين على الوصول إلى موارد المياه الخاصة بهم في الضفة الغربية، أصبح الماء رمزا قويا للانتهاك المنهجي لحقوق الإنسان في الأرض الفلسطينيةالمحتلة. وقال «لينك»: «اعتبارا من عام 2017، أصبح أكثر من 96% من المياه الجوفية الساحلية في غزة، وهي المصدر الرئيسي للمياه لسكان غزة، غير صالحة للاستخدام الآدمي». وتشمل أسباب ذلك الإفراط في الاستخدام بسبب الكثافة السكانية الكبيرة في القطاع، والتلوث بمياه الصرف الصحي ومياه البحر، والإغلاق المفروض من إسرائيل منذ 12 عاما، والحروب غير المتكافئة التي شلت البنية الأساسية في غزة بشح شبه مستمر للكهرباء. وقال المقرر الخاص إن الثروة الطبيعية والمعدنية من البحر الميت، الذي يوجد جزء منه في الأرض الفلسطينيةالمحتلة، تستغل من قبل إسرائيل لمصلحتها الخاصة فيما يُحرم الفلسطينيون من الوصول لتلك الموارد. وأعرب الخبير الأممي عن القلق البالغ بشأن ممارسة إسرائيل المتعلقة بإلقاء مواد خطرة في مناطق بالضفة الغربية، وقال إن أثر الممارسات الإسرائيلية لا ينحصر على الفلسطينيين فقط، بل يمتد أيضا إلى الإسرائيليين وغيرهم في المنطقة. وأثار التقرير أيضا تساؤلات حول استمرار استخدام قوات الأمن الإسرائيلية القوة المفرطة ضد المتظاهرين في غزة، والانهيار الإنساني شبه الكامل في القطاع بسبب الإغلاق. وأبدى «لينك» مخاوفه بشأن مصير الأسر الفلسطينية في القدسالشرقية إذ يواجه ما يقرب من 200 فلسطيني خطر الإجلاء القسري، وإزاء المدافعين عن حقوق الإنسان الذين يواجهون هجمات متزايدة على مصداقيتهم وضغوطا تتعلق بالتمويل. وأكد أن هذه القضايا والانتهاكات تعوق أي طريق يقود إلى تقرير المصير للفلسطينيين، وتؤدي بدلا من ذلك إلى مستقبل أحلك ينبئ بالأخطار للشعبين. وتعليقًا على تقرير المقرر الخاص، قال الأمين العام للمنظمة النرويجية للعدالة والسلام في أوسلو، طارق عناني، إن إسرائيل تنهب الموارد الطبيعية للفلسطينيين في الضفة الغربية بشكل صارخ، وبمباركة من المحكمة العليا داخل إسرائيل، وتحت مرأى ومسمع المجتمع الدولي بأسره. أمين «النرويجية للعدالة والسلام»: على المجتمع الدولي وقف الممارسات الإسرائيلية غير القانونية والعمل على تحقيق السلام العادل وأضاف «عناني» ل«الوطن»: «هذه الانتهاكات المتواصلة تؤكد نوايا إسرائيل الطامعة لمواصلة استغلال احتلالها العسكري لفلسطين بهدف تحقيق مصالحها الاقتصادية، وكذلك استنزاف الموارد الطبيعية في الأراضي المحتلة وإلحاق أضرار بالغة بثروات الفلسطينيين». وأشار «عناني» إلى أن الاستغلال الاقتصادي للأراضي المحتلة هو انتهاك صارخ للقانون الدولي باعتباره استغلالا استعماريا للموارد الطبيعية لأراضي تحت الاحتلال، حيث إن استغلال الموارد الطبيعية من قبل جهة أجنبية يعد واحدًا من مظاهر الاستعمار على مر العصور، والذي يتكرر مرة أخرى على أرض فلسطين. وأكد أن القانون الدولي الإنساني يحظر سلب ونهب الموارد الطبيعية ونقل السكان لأي منطقة أخرى، فضلًا عن تهجيرهم قسريًا، الأمر الذي تتجاهله سلطات الاحتلال، داعيًا المجتمع الدولي إلى العمل على وقف الممارسات الإسرائيلية غير القانونية لتحقيق السلام العادل، بما يحقق أمن واستقرار المنطقة. من جانبه، قال أيمن عقيل، رئيس مجلس أمناء مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان، إن المؤسسة ومن خلال أنشطتها على هامش دورة مجلس حقوق الإنسان، قدمت مداخلة إلى لجنة التحقيق الدولية الخاصة بالوضع في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة، ضمن البند السابع من أعمال المجلس، كشفت خلالها عن قيام قوات الاحتلال بالعديد من الانتهاكات الصارخة للمواثيق والشرائع الدولية الخاصة بحقوق الإنسان ضد الفلسطينيين. رئيس «ماعت للسلام والتنمية»: يجب إحالة الوضع في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة للمحكمة الجنائية الدولية وأضاف ل«الوطن»: «إسرائيل استخدمت القوة المفرطة في ردها على المظاهرات الأسبوعية المعروفة بمسيرات العودة، وقتلت قوات الاحتلال منذ بداية الاحتجاجات 184 متظاهرًا بينهم 21 طفلًا و3 عاملين في القطاع الطبي، كما أصابت أكثر من 17420 آخرين بالذخيرة الحية». وأكد «عقيل» أن سلطات الاحتلال تمارس جميع أنواع الانتهاكات ضد المعتقلين الفلسطينيين، وخاصة الإهمال الطبي، بالإضافة إلى استخدامها الحصار كعقاب جماعي لسكان قطاع غزة، ما قيَّد من إمدادات الكهرباء والمياه، فضلًا عن التوسع في بناء المستوطنات في الضفة الغربيةالمحتلة، والتمييز بشكل منهجي ضد الفلسطينيين لصالح المستوطنين في تقديم الخدمات والسماح بحرية الحركة وإصدار تصاريح البناء وإجراءات أخرى. وشدد على ضرورة إحالة الوضع في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة للمحكمة الجنائية الدولية للتحقيق والمقاضاة فيما ارتكبته القوات الإسرائيلية ضد المتظاهرين السلميين منذ مسيرات العودة في 30 مارس 2018.