ندد تقرير حديث بالانتهاكات الاسرائيلية في الاراضي الفلسطينيةالمحتلة واستمرار سرقتها للمياه الفلسطينية والتي تضخ كميات هائلة منها سنويا لمستوطناتها ،وقال التقرير الذي اعدته الأمانة العامة لجامعة الدول العربية قطاع فلسطين والأراضي العربية المحتلة حول الانتهاكات الإسرائيلية للحقوق البيئية والمائية الفلسطينية انه منذ قيام إسرائيل باحتلال باقي الأراضي الفلسطينية عام 1967 وصور وأشكال تعديها على الشعب الفلسطيني، تتعدد لتطال من كافة حقوقه السياسية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية.كما دأبت سلطات الاحتلال على استنزاف كافة الموارد الطبيعية للشعب الفلسطيني، اضافة لتلويث او تخريب ما تبقى منها، وهو الامر المنافي لروح ميثاق الاممالمتحدة ومبادئه، وترفضه كافة القوانين والأعراف والمواثيق الدولية ، التي تفرض على السلطة القائمة بالاحتلال، عدم المساس بموارد الاراضي الواقعة تحت احتلالها .وقد قدرت العديد من الجهات كمية المياه النقية (المتجددة) المتوفرة في ارض فلسطين التاريخية، (إسرائيل والأراضي الفلسطينيةالمحتلة) بنحو 2.4 مليار متر مكعب سنويًا، تقوم إسرائيل باستغلال نحو 90% من هذه الكمية مقابل 10% فقط للفلسطينيين، الأمر الذي يوضح مدى الاستنزاف الإسرائيلي لأحد أهم الموارد الفلسطينية.ويستعرض تقرير الجامعة العربية اوجه واشكال الانتهاكات الاسرائيلية ضد البيئة والموارد الطبيعية الفلسطينية حيث يشير التقرير الى أن الوجود الاستيطاني الاسرائيلي على الاراضي الفلسطينيةالمحتلة، في الضفة الغربية، يأتي على اول قائمة الانتهاكات الاسرائيلية للحقوق الفلسطينية، اذ افرز ذلك الوجود نحو نصف مليون مستوطن حتى نهاية عام 2009، يقومون بتلويث البيئة الفلسطينية عبر ضخ نحو (33-40) مليون متر مكعب من المياه العادمة سنويا، دون اي معالجة او بمعالجة جزئية الى سهول ووديان وينابيع الضفة الغربية، مسببة التلوث الشديد للأراضي الفلسطينية المجاورة وللمياه الجوفية الفلسطينية، التي تمثل المصدر الاساسي المتاح للاستخدام لسكان الضفة الغربية، الذين اصبحوا عرضة ل الاصابة بالعديد من الامراض الخطيرة، الناجمة عن شرب هذه المياه الملوثة، مثل الفشل الكلوي، والسرطان، والكوليرا، والتيفويد والتخلف العقلي للاطفال، والعمى الناجم عن مرض التراكوما.هذا بالاضافة الى الاستنزاف الإسرائيلي لموارد المياه حيث رصدت التقارير الدولية والفلسطينية قيام إسرائيل قهرا بالاستيلاء على نحو 85% من الموارد المائية الفلسطينية، تقوم بضخها لمستوطناتها ولداخل الخط الاخضر سنويا (650-800 مليون متر مكعب)، من خلال شركة المياه الإسرائيلية ميكورت، التي تقوم بسحب كميات كبيرة من مياهها المباعة من المخزون الجوفي للضفة الغربية، أو من الآبار الواقعة مباشرة على خط الهدنة (دون مقابل) ثم تقوم ببيع هذه المياه مجددا لبلديات الضفة الغربية.ويشير التقرير انه طبقا لتقديرات الجهاز المركزي للاحصاء الفلسطيني، فقد بلغ متوسط نصيب الفرد الفلسطيني نحو 100 لتر لكل فرد يوميًا لكافة الاستخدامات مقابل بلوغ هذا المعدل نحو 353 لتر/فرد في إسرائيل، وبلوغه نحو 900 لتر/فرد يوميا للمستوطن الإسرائيلي في الضفة الغربية. علما بان الحد الأدنى الذي أوصت به منظمة الصحة العالمية كمتوسط لنصيب الفرد من المياه البالغ 150 لتر/ فرد/ يوميًا.وقد اكد على ذلك ايضا، ما تضمنه التقرير الصادر عن البنك الدولي في ابريل 2009 ، الذي اشار لبلوغ متوسط نصيب المستوطن الإسرائيلي اكثر من أربعة أضعاف نصيب الموطن الفلسطيني، وهو ما يتقارب مع تقديرات المركز الاسرائيلي لحقوق الانسان في الاراضي الفلسطينيةالمحتلة، الذي اكد ايضا ان السبب الرئيس لازمة المياه في الاراضي المحتلة هو سياسة اسرائيل المتبعة منذ احتلال عام 1967 في استنزاف مصادر المياه الفلسطينية، والتي ادت لانتهاك صارخ لحق الانسان الفلسطيني في المياه، ولمعاناة مئات الالاف من الفلسطينيين من نقص المياه.ويقول التقرير :انه رغم ذلك الاستنزاف الهائل للموارد المائية الفلسطينية، يقدر ما يسدده الفرد الفلسطيني مقابل استهلاك كل متر مكعب من المياه، بنحو 3.6 ضعف ما يسدده الفرد الإسرائيلي داخل الخط الاخضر، وبحوالي 5.5 ضعف ما يسدده المستوطن الاسرائيلي في الضفة الغربية، وذلك في الوقت الذي بلغ فيه متوسط نصيب الفرد الاسرائيلي من الناتج المحلي الاجمالي الاسرائيلي نحو 22 ضعف متوسط نصيب الفرد الفلسطيني من الناتج المحلي الاجمالي الفلسطيني لعام 2008.ويشير التقرير الى ان سياسات التسعير الاسرائيلي للمياه تظهر مزيدا من عدم المساواة بين السكان الفلسطينيين والمستوطنين، وان هناك تقديرات بان ما يدفعه المواطن الفلسطيني يفوق ما يدفعه المستوطن الاسرائيلي بنحو 5 اضعاف نظير الحصول على المياه، وهو ما رأى التقرير أنه يدفع المستوطنين الإسرائيليين إلى الاستعمال المفرط وغير الكفء لتلك الموارد المائية.وقد جاء التقرير الاخير الصادر عن منظمة منظمة العفو الدولية، بتاريخ 27/10/2009، بشأن: السياسات والممارسات التمييزية الاسرائيلية لحرمان الفلسطينيين من حقهم في المياه، ليؤكد على قيام اسرائيل بحرمان الفلسطينيين من حقهم في الحصول على ما يكفيهم من المياه، بسيطرتها الكاملة على موارد المياه المشتركة، وانتهاج سياسات تقوم على التمييز، بما يؤدي إلى تقييد فرص الحصول على المياه في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة بصورة غير معقولة ويحول دون تطوير الفلسطينيين بنية تحتية مائية فعالة، وهو ما اسفر عن بلوغ متوسط استهلاك الفرد الإسرائيلي أربع أضعاف متوسط استهلاك الفرد الفلسطيني، ويتزايد هذا التفاوت كثيرا بين بعض مستوطنات اسرائيل في الضفة الغربية وبعض مناطق الضفة الغربية، ليبلغ نحو 20 ضعف، كما يقوم المستوطنون الاسرائيليون في الضفة الغربية باستخدام مياه تزيد في كميتها عما يستعمله إجمالي السكان الفلسطينيين في الضفة الغربية أخذا في الاعتبار ما رصدته بعض الدراسات من تساوى متوسط نصيب الفرد من المياه بين الفلسطينين واليهود قبل عام 1948 ، والذي بدأ في الاختلال الواضح منذ ترسيم خط الهدنه لعام 1949 والى وقتنا الراهن.ويوضح التقرير أن هناك وجها اخر للعنصرية الاسرائيلية في انه رغم قيام سلطة البيئة الاسرائيلية، بمنع انشاء اي مساكن داخل اسرائيل لا تتصل بشبكة للصرف الصحي، حرصا على سلامة البيئة والافراد في اسرائيل، فانها تغض الطرف عن سلوك المستوطنين الذين يضخون مجاريهم الخام دون اي معالجة أو بمعالجة جزئية للاراضي الفلسطينية، دون اي اعتبار لما سينتج عن تدفق هذه المياه من اخطار بيئية وصحية على السكان في الاراضي الفلسطينيةالمحتلة، وفي ذات السياق التمييزي، تقوم اسرائيل بتقييد ومنع السلطة الفلسطينية والمؤسسات الدولية المقدمة للمساعدات، من انشاء محطات لمعالجة مياه الصرف الصحي في الاراضي الفلسطينيةالمحتلة، الا بمواصفات ومعايير شديدة الصعوبة وعالية التكلفة، تتجاوز معايير السلامة المحددة من قبل منظمة الصحة العالمية، بل أنها تفوق تلك التي تطبقها إسرائيل ذاتها على محطاتها.كما يوضح التقرير أن جدار الفصل العنصري الذي تقيمه إسرائيل على أراضي الضفة الغربية، جاء كأداة إضافية أخرى لحرمان الشعب الفلسطيني من موارده المائية، حيث يحتجز الجدار خلفه أكبر خزانين جوفيين في الضفة الغربية، كما سيؤدى اكتمال بناء هذا الجدار اضافة للاراضي الفلسطينية التي تسيطر عليها اسرائيل في منطقة الاغوار، لخسارة نحو 46% من اجمالي مساحة الضفة الغربية، التي تمثل بدورها نحو 95% من مساحة الأراضي الفلسطينيةالمحتلة.تدهور البيئة بقطاع غزةويؤكد التقرير أن الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة منذ منتصف يونيو 2007، أدى إلى منع دخول المواد اللازمة لتطهير المياه لاسيما تلك المخصصة لكلورة المياه كمادة (hypochlorite).، واصبح العديد من مناطق القطاع لا تصلهم المياه سوى مرة او مرتان اسبوعيا لعدد محدود من الساعات، إضافة لعدم توفر المواد وقطع الغيار اللازمة لعمل المنشات الحيوية في القطاع، لاسيما منشآت معالجة المياه العادمة، وهو الامر الذي ادى لاضطرار السلطات الفلسطينية ضخ نحو 40 مليون متر مكعب من المياه العادمة إلى البحر دون أي معالجة، بشكل أدى إلى تلوث البيئة البحرية وتغيير مسار الهجرة السنوية لبعض انواع الأسماك التي كانت تمر بجوار ساحل القطاع، وهو الأمر الذي سبب خسائر فادحة لكافة العاملين في مجال الصيد البحري إضافة للتلوث الذي اصاب الثروة السمكية والذي ارتد على صحة المواطن الفلسطيني في قطاع غزة.وقد أوضحت العديد من التقارير أن الحصار الإسرائيلي للقطاع، أدى إلى تعطيل عملية تشغيل (52) بئراً من أصل (140) بئراً تشرف عليها مصلحة المياه الفلسطينية. كما أدى منع إدخال الوقود والمحروقات او إدخالها بكميات محدودة، إضافة لتقليص كميات الطاقة الكهربائية المزودة للقطاع، الى تعطيل عمل الكثير من آبار المياه، وانقطاع المياه عن العديد من المناطق السكنية لفترات وصلت لعدة أيام، اضافة لما ادى له الحصار من توقف الأعمال الإنشائية والفنية في مشروع محطة معالجة مياه الصرف الصحي شمال قطاع غزة، حيث ما زالت مياه الصرف تهدد حياة سكان هذه المنطقة. بالإضافة إلى الأضرار البيئية والصحية التي يشكلها استمرار وجود احواض المياه العادمة بين التجمعات السكانية الفلسطينية .وقد رصدت مختلف التقارير الفلسطينية والدولية ما ادت له الممارسات الاسرائيلة (سرقة المياه تلويث الابار تقييد استخدامات الجانب الفلسطيني للمياه الى ما غير ذلك من ممارسات) من تراجع كمية وجودة المياه الفلسطينية، والى تلوثها وزيادة نسبة الأملاح والنيترات والكلورايد بها، اضافة لوجود بعض المعادن الثقيلة كالنحاس والرصاص والسيانيد والزئبق، وهو ما جعلها غير صالحة للاستهلاك سواء الآدمي أو الزراعي وتسببت في كثير من المشاكل الصحية للجيل الحالي وللأجيال القادمة.كذلك فقد ادى العدوان الاسرائيلي الاخير على قطاع غزة، الذي استمر منذ 27 ديسمبر 2008 حتى 18 يناير 2009، وما قامت به القوات الاسرائيلية من استخدام للاسلحة التي تحمل اشعاعات خطيرة على الصحة والبيئة، مثل القنابل الفوسفورية والارتجاجية والفراغية والعنقودية، وغيرها من القذائف المحرمة دولياً، إضافة لما نتج عن تلك المواد وذلك الدمار من تسرب ملوثات اخرى خطيرة للابار الفلسطينية مثل الاسبستوس والمعادن الثقيلة والنفط والمخلفات والنقابات السامة، بما أدى في النهاية الى تعميق الاضرار بالبيئة وبالبنية الأساسية للقطاع، بشكل ضاعف من حدة وخطورة الازمة التي تسببت فيها اساسا سياسات اسرائيل تجاه الاراضي الفلسطينية منذ بدء احتلالها للاراضي الفلسطينية عام 1967.ويوضح التقرير أن وفد المنظمات العربية المتخصصة الى قطاع غزة قد رصد العديد من الانتهاكات الاسرائيلية ضد الموارد الطبيعية الفلسطينية في القطاع ، وذلك خلال فترة زيارته له خلال الفترة 22-27/2/2009، حيث رصد تعرض البيئة الفلسطينية في قطاع غزة لعدوان غير مسبوق من القوات الاسرائيلية زاد من تدهور الوضع البيئي للقطاع ، حيث تعرضت تربة القطاع ومياهه وهوائه لعدوان متعدد الاشكال والاساليب. فقد ادى استخدام اسرائيل القنابل الفوسفورية الحارقة، الى تدمير مئات المخازن والمؤسسات والمصانع، مما أدى إلى انتشار المواد الفسفورية في تلك الأماكن، إضافة للتربة والآبار المحيطة بها، مما يمثل خطرا أنيا ومستمرا على كل رواد هذه المؤسسات (اطفال - عمال إزالة الانقاض - اصحاب المؤسسات - الخبراء الدوليين والصحفيين)، ويمثل خطرا آجلا عند تسرب المواد الفوسفورية الى المياه الجوفية للقطاع، من خلال مياه الامطار، كما ادى ذلك العدوان الإسرائيلي، وما نجم عنه من دمار إلى تراكم ما يقدر ب 600 الف طن من الركام الانشائي الذي من الصعب استيعابه في غزة نتيجةً كثافتها السكانية ومحدودية اراضيها، وقلة توفر اماكن التخلص من هذه الأنقاض ، كما أدى تدمير خزانات السولار ومستودعات الأدوية والكيماويات إلى تلوث المياه الجوفية (نتيجة انتقال هذه الملوثات لتنتشر في أرجاء الخزان الجوفي للقطاع)، مسببة مخاطر جسيمة على صحة المواطن الذي يعاني اساسا من تردي شديد في نوعية مياه الخزان الجوفي.وفي ذات الاطار فقد اكد التقرير الصادر عن برنامج الاممالمتحدة للبيئة UNEP، الذي عني بتقدير الأضرار البيئية التي لحقت بالقطاع نتيجة لذلك العدوان، تسبب ذلك العدوان في الحاق المزيد من الاضرار بالوضع البيئي للقطاع، (المتردي أساسا بفعل مجمل سياسات الاحتلال خلال العقود السابقة)، حيث قام خبراء البرنامج باخذ عينات من 35 موقع في قطاع غزة، وانتهت نتائج التحليل الى وجود تلوث في معظم مياه القطاع بشكل خطير يتجاوز بعدة اضعاف المعايير الدولية للسلامة، ويهدد الصحة العامة للسكان وبخاصة الاطفال، وهو ما نجم عن تسرب المواد البترولية للمخزون الجوفي، اضافة لما يعانيه هذا المخزون منذ سنوات عديدة من تسرب قائم لمياه البحر وللمياه العادمة، كما أدى قصف المؤسسات الصناعية لتسرب مواد سامة للتربة مثل مادتي الفيوران والديوكسين، وكذلك إلى تدمير نحو 17% من الاراضي الزراعية للقطاع، وهي مساحات من الصعب استعادة زراعتها نتيجة لما لحق بها من تجريف وتلويث وهشاشة وضعف في التربة.ويحذر التقرير من استمرار معاناة الاراضي الفلسطينية ومواردها وبيئتها من السياسات والممارسات العدوانية الاسرائيلية، التي تستهدف تدمير كافة مقومات المجتمع الفلسطيني، وتقلص من فرص إنشاء دولته المستقلة القابلة للحياة، كما أوضحت معظم الدراسات والتقارير التي تعرضت لها هذه الدراسة،و أن تلك الممارسات لن تقتصر آثارها على الجيل الحالي في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة بل سيمتد أثرها التدميري لأجيال قادمة، كما ان اعادة تاهيل او اصلاح ما دمرته او لوثته الة الحرب الاسرائيلية، يستلزم سنوات من العمل، وذلك بفرض توفر القدرات المالية والمؤسسية والفنية، التي يمكنها التعامل مع مثل تلك الأوضاع، (هذا في حال افتراض توقف إسرائيل عن الاستمرار في اتباع هذه السياسات الإجرامية).ويقول التقرير أن الممارسات والانتهاكات الاسرائيلية ضد البيئة الفلسطينية تسببت - عن قصد وتعمد ومنهج مخطط- في حرمان المواطن الفلسطيني من حقه في ان يعيش في بيئة نظيفة امنة، وفي التمتع بكامل موارده ومقدراته، وهو الأمر الذي يلزم المجتمع الدولي ومنظماته الدولية والحقوقية والإنسانية، بالتحرك الفوري لمضاعفة الجهود المبذولة، لمنع استمرار هذه الانتهاكات ومواجهة ومعاقبة مرتكبيها، تنفيذا لروح ميثاق الاممالمتحدة، وللقوانيين والقرارات الدولية ذات الصلة.