قال محللون إن الرئيس الأوكراني فيكتور يانوكوفيتش، وضع خصومه المدعوين إلى قيادة الحكومة في وضع صعب وبدا كرجل تسويات بدون أن يلبي مطالبهم. وقال المحلل أندرياس أوملاند، في أكاديمية "كييف موهيل" إن "اقتراح يانوكوفيتش ليس سوى مناورة تهدف إلى تقسيم المعارضة والمحافظة على الحكم"، معتبرا الإجراءات المطروحة على طاولة الحوار "غير جدية". واقترح الرئيس الأوكراني منصب رئيس وزراء على أرسيني ياتسينيوك زعيم الكتلة البرلمانية لحزب المعارضة يوليا تيموشنكو، بينما عرض على الملاكم السابق فيتالي كليتشكو منصب نائب رئيس الوزراء مكلف بالشؤون الإنسانية، وهي حقيبة غامضة الملامح. وأعرب عن استعداده للنقاش عبر مجموعة عمل من أجل تعديل الدستور الحالي الذي يمنح الرئيس أكبر قسم من الصلاحيات، بينما تطالب المعارضة بنظام يتمتع فيه البرلمان بمزيد من الصلاحيات. وفاجأ الرئيس المعارضة على مما يبدو بعرضه خطة الخروج من الأزمة عقب مفاوضات مفاجئة، لم يكن أحدا يتوقع أن تثمر عن نتائج بعد التنازلات القليلة التي تمخضت عنها اللقاءات السابقة. وبدا قادة حركة الاحتجاج في أول الأمر مربكين أمام المتظاهرين من على منصة ساحة الاستقلال ودعوا إلى مواصلة التعبئة لعدم تلبية مطالبهم المتمثلة في انتخابات مبكرة وإلغاء القوانين المصادق عليها في 16 يناير ضد حركة الاحتجاج والإفراج عن المعارضة يوليا تيموشنكو. لكنهم لم يرفضوا رسميا العرض الذي طرح عليهم بينما يتوقع أن يوضح أرسيني ياتسينيوك موقفه في اليوم التالي، وقال على حسابه من شبكة "تويتر": "لم يتم التوصل إلى اتفاق". واعتبر بطل العالم السابق للملاكمة فيتالي كليتشكو أن اقتراحات الرئيس "مسمومة" وتهدف إلى "تقسيم حركة المعارضة"، كما قال في تصريح لصحيفة "بيلد أوم سونتاغ" الألمانية. واتهم رجل الأعمال ووزير الخارجية السابق بيوتر بوروتشنكو الذي ينتمي إلى المعارضة السلطات بأنها عرضت تلك الاقتراحات "متوقعة الرفض". في الواقع استقبل الشارع الذي يطالب برحيل الرئيس اقتراحه ببرودة. واعتبر المتظاهرون أن الرئيس خدعهم عندما عدل على التقارب مع الاتحاد الأوروبي ثم ثارت ثائرتهم بلجوئه إلى القوة لتفريق المتظاهرين ثم المصادقة على قوانين شديدة الصرامة ضد أي حركة احتجاج في يناير. وقال المتظاهر سيرجي (39 سنة) ل"فرانس برس"، إن "الناس ليسو هنا كي تحصل المعارضة على مناصب"، غير أنه من الصعب على المعارضة رفض عرض بهذه الأهمية بعد تعبئة مستمرة منذ شهرين بدون نتيجة، في حين ما انفكت الدول الغربية تدعو إلى التحاور. واعتبر وزير الداخلية قبل المفاوضات بقليل أنه لا يمكن التوصل إلى أي اتفاق سلمي مع المعارضة التي تجاوزتها حركة متطرفة، مهددا باستخدام القوة ضد "المتطرفين". كذلك شددت السلطات الضغط بجدول عمل قصير ودورة طارئة في البرلمان مقررة غدا. وقال فاديم كراسيف مدير معهد الاستراتيجيات الدولية، إن "هذا يبدو وكأنه لعبة تكتيكية". وقال الخبير إن "يانوكوفيتش أثبت للغربيين أرادته في التوصل إلى تسوية"، بينما "لاحظت المعارضة أن يانوكوفيتش مستعد لتقاسم السلطة". واعتبر المحلل السياسي أليكسي جران أن الرئيس وحلفاءه قد يكونوا بدأوا التراجع أمام عزم الشارع والخوف من عقوبات دولية. وبذلك قد يتنازل الرئيس عن قسم من صلاحياته لحكومة معارضة من أجل إنهاء ولايته كما هو متوقع في 2015، وربما حتى التنحي بشروط مثل عدم ملاحقته قضائيا. وصرح "جران" لإذاعة "جرامدسكي"، بأن هذا الخيار "سيكون أفضل حل للبلاد" وأن "هناك احتمال أن يتحقق".