جاء حكم محكمة استئناف "إسطنبول" بسجن صحفيين مدد تتراوح بين عامين ونصف وأكثر من ثماني سنوات، كدليل إضافي على زيف الديمقراطية التي يتحدث عنها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والوضع المزري لحرية الصحافة، بحسب مراقبين. فالأرقام التي نشرتها منظمة "مراسلون بلا حدود" في تقاريرها المختلفة، تشير إلى أنها تحولت إلى أكبر سجن للصحفيين، إلى جانب التعامل بطرق غير لائقة مع المراسلين الأجانب. ووفق تصنيف كانت وضعته المنظمة، فإن تركيا تأتي في المرتبة 157 دوليا من حيث حرية الصحافة، مستندة إلى أن السلطات التركية باتت تلاحق الصحفيين بتهم إرهاب تطال كل الصحفيين غير الموالين لها. أما على الصعيد الأوروبي، فإن تركيا تأتي في المرتبة الأولى في حبس الصحفيين، حيث تم حبس 130 صحفيا من بين 140 تم احتجازهم، خاصة منذ منتصف العام الماضي. فيما جاء تقرير للجنة حماية الصحفيين، والتي تتخذ من "نيويورك" مقرا لها، ليكشف تراجع حربة الصحافة في تركيا، حيث قالت في تقرير إن أكثر من 50% من الصحفيين المسجونين على مستوى العالم يتركزون في السجون التركية، خاصة منذ محاولة الانقلاب الفاشل التي وقعت في منتصف يوليو من عام 2016. وحكم على 14 صحفيا سابقا في صحيفة "جمهوريت" التركية، وبينهم رئيس التحرير، مراد صابونجي، وكاتب العمود، قدري جورسيل، في أبريل 2018 بتهمة مساعدة "منظمات إرهابية"، ونفى الصحفيون التهم ونددوا بالمحاكمة معتبرين أنها مناورة من السلطة بهدف القضاء على الصحيفة. "تركيا زنزانة للحريات".. هكذا علق المحلل السياسي التركي محمد عبيدالله، في اتصال هاتفي ل"الوطن"، على أوضاع الحقوق والحريات في تركيا خاصة في السنوات الأخيرة، وقال إن "القاعدة باتت معروفة وواضحة، إما أن تكون مع أردوغان أو أن تكون إرهابي أو خائن لبلدك، هكذا يفكر الرئيس التركي، كل من يعارضه فهو إرهابي خائن". وأضاف "عبيدالله: "كل الأرقام والمؤشرات التي تذكرها التقارير الدولية تؤكد هذه الحقيقة، بلادنا تحولت إلى سجن كبير، رغم أن الذي يحكمها يتحدث عن قيم الإسلام ويتشدق بالديمقراطية، لكن يبدو أنه يتحدث عن ديمقراطية غير التي نعرفها". وشارك نحو 100 شخص في وقفة احتجاجية، أمس، أمام محكمة في إسطنبول، تنديدا بأحكام قضائية وصفوها ب"القاسية" بحق الصحفيين. ورفع المحتجون ملصقات رسمت عليها وجوه الصحفيين المحكوم عليهم، وكان من بين المحتجين محامون ونواب.